عالمية

سطو مسلح بوضح النهار.. همّ يؤرق الأردنيين


هزَّت سلسلة من عمليات السطو المسلح على البنوك في عمَّان المملكة الأردنية، وعزا بعض النشطاء تفاقم معدلات الجريمة في البلاد إلى الفساد الحكومي المزعوم وفشل السياسات الاقتصادية.

ويقول نشطاء إن زيادة الضرائب وارتفاع أسعار الغذاء والوقود قضيا على مدخرات فقراء البلاد ونالا من رواتبهم، مما حدا بالبعض منهم إلى ارتكاب جرائم خطيرة.

ورغم أن السطو المسلح على البنوك ظاهرة نادرة الحدوث في الأردن، فإن العاصمة عمان شهدت مؤخرا أربع حوادث منها وتحديدا على فروع بنك سوسيتيه جنرال والبنك العربي.

فقد تعرض فرعان من فروع بنك سوسيتيه جنرال للسرقة في حادثتين وقعتا في غضون 48 في يناير/كانون الثاني الماضي. كما سطا لصوص على فرعين للبنك العربي أوائل أبريل/نيسان الجاري، واستولوا على عشرات الألوف من الدنانير الأردنية (الدينار يعادل نحو 1.4 دولار أميركي)، حسب بيانات للشرطة.

وأظهر مقطع فيديو لسرقة بأحد فروع سوسيتيه جنرال رجلا مسلحا سافر الوجه وهو يتوجه بهدوء نحو الصرّاف طالباً منه وضع النقود في حقيبة قبل أن يولي الأدبار.

وفي فرع آخر من فروع البنك نفسه، تقدم مسلح يرتدي قناعاً وأشهر مسدساً بوجه الصراف وأمره بتسليمه النقود.

وما لبث أن ألقت الشرطة أو المارة القبض على اللصوص في غضون ساعات أو أيام، الأمر الذي يشي بافتقار المجرمين للخبرة في هذا النوع من السرقات.

وعقب سرقته أحد فروع البنك العربي في عمان، سلَّم رجل يبلغ من العمر 59 عاما نفسه للشرطة في اليوم ذاته للحادثة بعد أن سدد دينا شخصياً على عاتقه بالمال الذي استولى عليه من البنك.

رجل آخر أُلقي القبض عليه كما قيل في المطار بينما كان يهمّ بركوب الطائرة المتجهة إلى تركيا بمبالغ مسروقة حشرها في حقيبة سفره.

سياسات اقتصادية فاشلة
وأبدى العديد من الأردنيين شماتة واضحة على مواقع التواصل الاجتماعي بحق الحكومة جراء ظاهرة السرقات هذه، مما يعكس ميولاً مناوئة للحكومة.

وحمّلت تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي الحكومة مسؤولية الفقر والفساد الذي دفع مواطنين عاديين إلى التماس الحلول لأزمات مالية باللجوء إلى الجريمة.

وحاولت الجزيرة الحصول رأي مسؤولي الحكومة الأردنية بشأن هذه الظاهرة، إلا أنها لم تتلق ردا على طلبها.

بيد أن العميد فايز قبلان -وهو مدير سابق لإدارة مباحث الشرطة الجنائية- صرح للجزيرة بأن عمليات السطو الأخيرة على البنوك ظاهرة غير عادية، مما يشير إلى اتجاه خطير يستوجب التصدي له على المستويين القانوني والاجتماعي.

وأضاف “لم يحدث خلال عملي الطويل في الشرطة أن وقفت على عمليات سطو مسلح كتلك التي حدثت في الشهور الأخيرة”.

وأردف “لم تحدث من قبل سرقات للبنوك”، عازياً ارتفاع معدلات الجريمة الخطيرة إلى مشاكل في بعض مستويات القيادة وافتقار بعض القائمين على أجهزة الحد من الجريمة إلى المهنية.

ونوه قبلان كذلك إلى عدم ثقة الناس في الحكومة، مما حدا بالكثيرين إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإبداء تعاطفهم مع المجرمين وانتقاد السلطات والأجهزة الأمنية.

وقال في هذا الصدد “المجتمع في الأردن تغير وتبدلت معه طبيعة الجريمة”. وأضاف “ضعف الحكومة والافتقار إلى الشفافية وحكم القانون عوامل لها ارتباط مباشر بالزيادة الحادة في الأنشطة الإجرامية كالقتل وسرقات البنوك والاتجار بالمخدرات”.

ويرى ناشطون أن سياسات الحكومة هي المحفِّز الرئيسي لارتفاع الجريمة العنيفة في البلاد والتي كانت نادرة الحدوث حتى وقت قريب.

ويسوق هؤلاء أمثلة على ذلك بانتشار عصابات الشوارع وتجارة المخدرات وسرقات السيارات في الآونة الأخيرة والتي تسلطت على بعض مناطق عمان وظلت بمنأى عن العقاب.

على أن الشرطة أحرزت في حقيقة الأمر تقدما ملحوظا في خفض مستويات الجريمة في تلك المناطق، كما أفادت تقارير أمنية حديثة عن الجريمة.

من جهته، قال طارق الفايد -وهو صحفي يغطي الأخبار المحلية لصحيفة القدس العربي- إنه كان ينقل في بعض الأحيان خبرا عن جريمة خطيرة واحدة كل بضعة أسابيع مرتبطة بالمخدرات أو السرقة على سبيل المثال.

لكن اليوم يتلقى الفايد تقارير يومية من الشرطة تتعلق بقضايا اتجار بالمخدرات، وأنشطة عصابات، وسرقات وعمليات سطو.

جرائم بواعثها اليأس
قال حسام العبد اللات الناشط البارز في مجال مكافحة الفساد، إن السرقات والأنشطة الإجرامية الأخرى ظلت في ارتفاع منذ أن رفعت الحكومة الدعم عن الخبز في فبراير/شباط الماضي، مما أدى إلى زيادة أسعاره إلى الضعف، بالإضافة إلى زيادة في سعر السلع الغذائية الأساسية.

ووصف العبد اللات حوادث السطو المسلح بأنها “جرائم نابعة من اليأس”. ويقول إن “السبب في تعاطف كثير من الناس مع لصوص المصارف مردُّه إلى ميول مناهضة للحكومة. فالكثيرون منهم ينحون باللائمة على الحكومة لدفعها الناس للجوء إلى الجريمة في مواجهة الفقر المتفاقم”.

وترى الناشطة والصحفية هبة أبو طه في حديثها للجزيرة أن السياسات “الفاشلة” للحكومة قضت عملياً على الطبقة الوسطى في البلاد والتي أفضت بدورها إلى الجوع وانتشار الفقر.

وتتابع “بينما يعاني العديد من الناس في الأردن من الفقر، فإن مسؤولين حكوميين فاسدين يزدادون غنىً ويفلتون من العقاب على ما يرتكبونه من جرائم اقتصادية”.

وتختم هبة بالقول إن “النظام السياسي والاقتصادي الأردني برمته فاسد”.

المصدر : الجزيرة