تحقيقات في أكبر فضيحة لهيئة التأمين الصحي البريطانية
يبدأ أحد قضاة المحكمة العليا في بريطانيا تحقيقا شاملا في أكبر فضيحة علاج في تاريخ هيئة التأمين الصحي البريطانية.
ويرغب عشرات الآلاف من المواطنين الحصول على إجابة تفسر إصابتهم بعدوى التهاب الكبد الوبائي “سي” وفيروس نقص المناعة المسبب لمرض الإيدز بسبب منتجات دم ملوثة.
وقال ستيف دايموند لبرنامج فيكتوريا ديربي شير لبي بي سي : “أصبحت الحياة مرض وقلق وخوف”.
وأضاف : “ليس هذه الحياة التي كنت أتصورها، حياة أحلام وطموح”.
في عام 2016 أصيب ستيف بورم في الكبد واستأصل الأطباء الورم.
واعتاد هو وزوجته سو، كل بضعة أشهر، السفر لثلاث ساعات من ساحل كينت إلى مستشفى في جنوب لندن لإجراء فحوص للتأكد من عدم ظهور المرض.
وجاءت إصابة شتيف بالسرطان واعتلال صحته لسنوات عدة بعد تلقيه علاجا من هيئة التأمين الصحي البريطانية قلب حياته رأسا على عقب.
بسبب إصابته بمرض الهيموفيليا، افتقد جسم ستيف لمادة ضرورية لحدوث التجلط.
وحصل ستيف، مثله مثل كل من يعاني من المرض في بريطانيا خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، على علاج يعرف باسم العامل الثامن، المكافح لمرض الهيموفيليا، وهي حقنة تدفع المادة اللازمة للدم لحدوث التجلط.
لكن بعض هذه العلاجات تستورد من الخارج، كما أن معظم البلازما التي تستخدم في حقن العامل الثامن تأتي من متبرعين يشكلون خطرا على المرضى مثل سجناء في الولايات المتحدة، يبيعون دمائهم مقابل حفنة من الدولارات.
وقال ستيف :”لم يشرحوا وجود أي مخاطر من حدوث تلوث”.
وأصيب نحو 4689 شخصا بالهيموفيليا مثل ستيف بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي “سي”.
كما حُقن نحو 1250 شخصا بما عرف في ذلك الوقت باسم “مضادات حيوية للإيدز”، أو فيروس نقص المناعة المسبب لمرض الإيدز، واضطروا إلى التكيف مع العواقب الصحية المدمرة، فضلا عن وصمة العار التي لحقت بهم.
وتوفي 2883 مريضا على الأقل خلال عقود.
وكانت الحقن سببا في تغيير حياة ستيف بالكامل. ويعد مرض الالتهاب الكبدي الوبائي “سي” من الأمراض الخبيثة التي تحتاج لسنوات للسيطرة عليه، ويفضي إلى حدوث إرهاق مزمن وغثيان.
ويصاب نحو 65 في المئة بمرض الكبد، الذي يفضي في كثير من الحالات إلى حدوث تليف كبدي وسرطان.
وبعد تشخيص حالته قيل لستيف وزوجته إنه ليس باستطاعتهما الاستمرار في دورة التخصيب الصناعي، وهو ما أدى إلى القضاء على أمل إنجاب أطفال.
قالت سارا دوريكوت إن والدها ما كان ينبغي أن يخضع لعلاج العامل الثامن
ويكافح المرضى وأسرهم من أجل الحصول على إجابات وتعويض مقبول عما حدث خلال عقود.
وقال ستيف : “أريد أن أفهم كيف تجاهلوا الكثير من التحذيرات منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي، وكيف تعرض أي حكومة جزءا صغيرا ضعيفا من مجتمعها لمثل هذا الخطر الكبير.
وأضاف :”بالنسبة لأولئك المسؤولين عن ذلك، لا أرغب في أن يهنأ أي منهم بليلة نوم جزاء على ما فعلوه”.
توفي مايد، والد سارا دوريكوت، عام 2015 عن عمر ناهز 47 عاما نتيجة إصابته بمرض سرطان الكبد بعد إصابته بالالتهاب الكبدي الوبائي الذي يعتقد أنه اصيب به في سن المراهقة. واكتشف أنه خضع لعلاج العامل الثامن قبل كشف دوري عند طبيب الأسنان.
وكان من الممكن، مثله مثل الكثيرين ممن يعانون من الهيموفيليا، الاعتماد على طرق قديمة للعلاج ،بدلا من علاجه بالعامل الثامن الذي يسبب الكثير من الأضرار.
ولم يعلم بمرضه إلا بعد عقود لاحقة عندما أجرى فحوصا طبية خاصة باكتشاف الفيروس.
وقالت سارا : “لا يتخيل أحد قدر ما أغضبنا عندما علمنا أنه لم يكن ينبغي الحصول على هذا العلاج”.
وأضافت : “ما كان ينبغي أن يحدث ذلك لوالدي على الإطلاق”.
أجرى مايك دوريكوت عمليتين جراحيتين لنقل كبد لتمديد بقائه على قيد الحياة، لكن مرض السرطان عاد إليه في كل مرة.
سارا ووالدها مايك
وقالت سارا إنه بعض التشخيص النهائي لحالته المرضية، التقى نائب البرلمان المحلي لدائرته، وزير الصحة جيرمي هانت، الذي “وعده كثيرا” بتقديم الدعم والتعويض.
وأضافت : “قال له سيرتب له كل شئ، وأنه لا يجب عليه أن يقلق من أي شئ يواجه أسرته. لكن على حد علمي لم يف بأي من وعوده”.
“إحراز تقدم”
في يوليو/تموز 2017، وافقت الحكومة البريطانية على إجراء تحقيقات عامة في الفضيحة، بعد سنوات من حملة أسر مثل دوريكوت.
وقالت الحكومة إن التحقيقات تبحث أسباب وفاة الكثيرين، وما إذا كانت الملفات والتفاصيل الأخرى جرى التخلص منها أو حجبت عن عمد منذ عقود.
كما دخل الدم الملوث مباشرة إلى النظام من خلال عمليات نقل الدم بعد الولادة أو العمليات الجراحية.
مصدر الصورةPA
ويعتقد أن 35 ألف مريض بريطاني آخر، جميعهم غير مصابين بالهيموفيليا، قد يكونوا أصيبوا بهذه الطريقة.
كما تتمتع التحقيقات للمرة الأولى بسلطة طلب الوثائق وإجبار الحكومة ومسؤولي هيئة التأمين الصحي للشهادة بعد حلف اليمين.
وسوف يتولى سير بريان لانغستاف، قاضي المحكمة العليا، رسميا التحقيقات التي من المتوقع أن تبدا مطلع الشهر المقبل على الأرجح.
بي بي سي عربية