تحقيقات وتقارير

آخرهم وزير الدولة بالنفط.. دموع المسؤولين .. عيون بالحسرة (بكّاية)

ربما قرأتم عن مسؤولين سودانيين -غالبيتهم من الوزراء- ضبطوا متلبسين بالبكاء في مقام الحسرة على مغادرة المنصب، فتدر أعينهم دموعاً غزيرة تخرج عنوة عند مغادرتهم الكرسي الوثير. ولكن أن تخرج دموع المسؤولين عندما تلم بهم المسؤوليات وتدلهم بهم الخطوب فهذا شيء عجاب.

لكن، هناك من يقول ربما كانت تلك الدموع تكفيراً لجرم يقرون بارتكابه أو استشعاراً منهم لأخطاء اقترفوها، أياً كانت أسباب انطلاق عبراتهم ودموعهم إذْ تظل هذه العبرات “الجديدة ” محل تمحيص منا في (الصيحة) لقارئنا الأغر الكريم.

ولعل وزير الدولة بوزارة النفط سعد الدين البشرى كان آخر من قالت المراصد الصحفية إنه ذرف الدموع إثر أزمة الوقود الأخيرة التي تشهدها البلاد منذ خواتيم أبريل الماضي.

(عبرة) حارة

(العبرة) التي أطلقها وزير الدولة بوزارة النفط سعد الدين البشرى أول أمس أمام البرلمان كانت حزناً على تفاقم أزمة الوقود وعجز وزارته عن معالجتها، فقالت الصحف إن البشرى تأسف على عدم مقدرة وزارته على تعويض المواطنين عن خساراتهم جراء أزمة الوقود الأخيرة والتي تضررت منها زراعتهم ونفقت جراها حيواناتهم، ثم ضاقت بهم الأرض بما رحبت من جراء وقوفهم المتطاول أمام طلمبات الوقود.

ورغم دموع البشرى، إلا أن لسانه ظل يردد بقرب انفراج الأزمة قائلاً “رغم الشدة والضيق حايكون في انفراج قريب”، منوهاً بأن عدم توفير التمويل في الوقت المناسب هو السبب الرئيس في أزمة الوقود.

(عبرة) وعظية

ليست كل الدموع تكون (عبراتها) سخينة وحامضة فهناك عبرات تبدو وعظية كتلك التي أخرجها وزير المالية السباق الزبير أحمد الحسن عندما انتقده برلمانيون بسبب قرض كويتي ممنوح لتنمية شرق السودان وحامت حوله شبهات ربوية، وعندها سالت دموع الرجل وهو يطالبهم بالعودة إلى الله قائلاً ” استغفروا الله ” مدافعاً عن القرض وعن حاجة البلاد إليه.

(عبرة) خارجية

المتأمل في عبرات ودموع وزير الخارجية السابق إبراهيم غندور يراها متعددة، فهو قد ذرف دموعاً مدرارة عندما كان أميناً للعلاقات السياسية بالمؤتمر الوطني قبيل انفصال الجنوب، حيث انفجرت عبرات الرجل بصالة المعلم أمام حشود كبيرة في فاتحة اجتماعات اللجنة المركزية للنقابة، وعندها كان الرجل يتحدث عن أهمية العمل من أجل تحقيق الوحدة والوعي بالمؤامرات التي تستهدف تقسيم البلاد، وسرعان ما هطلت دموع الرجل ثخينة، تلك الدموع التي تقاسمها معه أعضاء اللجنة المركزية لاتحاد نقابات عمال السودان الذي يرأسه، مرة ثانية رصدت دموع غندور عند عودة الرئيس من رحلة جنوب إفريقيا في عام 2015 وصدور مذكرة من أحد محاكم جنوب أفريقيا لمنع الرئيس من الرجوع للبلاد، فما كان من وزير الخارجية السابق، وهو يرصد التفاصيل للصحفيين بمطار الخرطوم إلا وانهالت دموع الرجل، ولعل دموع الرجل لم تكن تلك الأخيرة، إذ رصدت دموعه في الوداع الذي أقامته له وزارة الخارجية فور إقالته من منصبه ووداعه لمودعيه.

(عبرة) برلمانية

كثير من البرلمانيين خرجت دموعهم عنوة، ولعل آخرهم القانوني عبد الباسط سبدرات – إثر أزمة الوقود – الأخيرة وقد هطلت دموعه وهو يروي التلاحم الحكومي الشعبي الذي حدث بين جهاز الأمن والشعب إذ نقل الأول بسياراته الحكومية العديد من أفراد الشعب وهو موقف شكر عليه سبدرات جهاز الأمن برئاسة الفريق صلاح قوش.

وعلى عكس موقف سبدرات تجاه الحكومة وأمنها، فقد ذرف الدموع النائب البرلماني عن الدائرة (١) دلقو المحس بالولاية الشمالية عصام ميرغني قهراً على مصادقة البرلمان لاتفاق إطاري لتمويل مشروعات سدود (كجبار، الشريك، دال)، واعترض ميرغني على إجازة الاتفاق الذي مُرر بإجماع النواب، ولم يتمالك ميرغني نفسه وأجهش بالبكاء مستذكراً ما حدث لمواطني الحماداب والمناصير، وقال إن مشروعات السدود مرهونة برضا السكان. كما بكى أيضاً النائب البرلماني -عن ولاية شمال كردفان- مهدي عبد الرحيم، تعبيرًا عن إحباطه لتأخر إنشاء طريق بارا – أمدرمان انتظاراً لرد بنك الاستيراد والتصدير الصيني لما يقارب الخمسة أشهر رغم التوقيع على عقد الطريق البالغة تكلفته 232 مليون دولار مع الشركة المنفذة.

دموع التماسيح

الأكاديمي بجامعة النيلين د. أسامة الجيلي يصف دموع المسؤولين في السودان بأنها دموع “تماسيح”، مشيراً إلى أنها دموع غير صادقة لأنهم – أي المسؤولين – لم يحسوا يوماً بمعاناة المواطنُ مضيفاً بأن كل المسؤولين في كل الدول المتحضرة عندما يتعرضون لإخفاقات في عملهم فإنهم يقدمون استقالاتهم للدولة، أما هؤلاء فإنهم يتشبثون بكراسيهم ولا يقدمون استقالاتهم أبداً حتى تتم إقالتهم، وعن بكاء وزير الدولة بالنفط وبرلمانيين جراء أزمة الوقود الحالية، قال الجيلي في حديثه لـ “الصيحة” أمس إن المسؤولين لا يستشعرون معاناة المواطن، لأن لديهم عدة سيارات وبها وقود وبالتالي فإن بكاءهم ليس صادقًا.

انفعال إنساني

بينما يشير المحلل السياسي د. صفوت فانوس إلى أن دموع المسؤولين تخرج كنوع من التعبير الإنساني الانفعالي إثر مواقف بعينها، مشيراً إلى أن المسؤول تنفجر دموعه وهو يتذكر معاناة الآخرين من فعائل يديه وأضاف فانوس في حديثه لـ “الصيحة” أمس بأن وزير النفط مثلاً انطلقت دموعه وهو يتذكر معاناة الناس وتأخر رزقهم بسبب أزمة الوقود الحالية، مضيفاً أن الذي لا يبكي في ظروف كهذه هو إنسان غير سوي، مؤكداً أن وزير النفط مثلاً انطلقت دموعه وهو لا يجد المال الكافي حتى يحل أزمة الوقود بسبب أن وزارة المالية لم تمنحه له، وهو ذات الشيء الذي يشترك فيه بكاء غندور عند وداعه، فهو لا يجد ما يمنحه من أموال لسفرائه في الخارج.

نافياً أن يكون هناك مسؤولون يستدرون عطف الشعب عبر البكاء لأن دموع الرجال عزيزة وغالباً ما تظهرهم في المجتمع السوداني بصورة الضعيف، لذلك فإن الدموع تخرج عنوة كتعبير لشعور إنساني لا غير.

صحيفة الصيحة.

تعليق واحد

  1. القاتل المأجورة بيدمع إذا قتل؟؟؟
    ليس كل من تدمع عيناه بصادق بل خسيس وحرامي…وقاتل مأجور..
    اليس من العدل محاسبة وزير النفط والغاز و وزير المالية ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني
    وزير النغط الأزمة هذه من صميم اختصاص وزارته…وزير المالية تهم تتعلق بعدم توفير النقد وضياع حقوق المواطنين
    رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني لأن معظم إذا مش كل أفراد الأمن الذين يحرسون المحطات هم سبب الأزمة لأنهم يوزعون ربع مخزون المحطة علي المواطنين الذين يقفون في طوابير طويلة ويوقفون الصرف…ثم بالليل يبيعون الثلاث أرباع سوق اسود…كل يقتل في المواطن بطريقته وكأنهم مافيا أو لوبي أو مرتزقه حرامية ومأجورين أو عصابة اختطفت السودان وأهله..
    فما فائدة بكاء الحرامي بعد الامساك به؟؟؟
    إلا لكي يحنوا عليه ويطلقوا سراحه