الطيب النص جاء يوم شكرك!!

إذن الطيب النص يرقد في مقابر العيلفون
..هل عرفت أين دفنوك..؟

دفنوك قريباً من المكان الذي هبطت فيه الطائرة.. طائرة الادوية التي جئت بها انت للناس ايام السيول والأمطار.. بحثنا يومها عن مكان واحد ليس مغطى بالمياه.. ولم نجد الا ذلك المكان وسط المقابر لهبوط الطائرة.
في الساعة ذاتها كانت الجرارات النهرية على شاطئ العيلفون تفرغ اطنان الوقود والقمح والدقيق.. الوقود حتى تظل مطاحن الدقيق تعمل. ومحطة الكهرباء تعمل.
ومساءً كان الشباب الذين ارسلتهم يطرقون البيوت لا يتركون بيتاً. ويناولون اهله كيس الدقيق والزيت.. ليس لحاجة محتاج.. بل لأنه لا أحد يومها مهما كان غنياً عنده
(قبضة) من الدقيق أو الزيت..
وصباح اليوم التالي .. واحدى الامطار تتوقف قبل قليل.. كان يعجبنا ونحن نطوف معك اننا لا نعبر ببيت الا ورائحة القراصة تعبر حيطانه الى الطريق.
ويعجبنا أن ننظر إليك تمشي في الطرقات حافياً (كان الماء يمنع الأحذية). ونلاحظ ان الحصى كان يجعل اقدامك تدمي .. مشهد واحد من المشاهد الآلاف التي نعرفها… التي تلقاها الآن امامك.
واسمك.. الطيب النص يصبح جملة تعني عند الناس شيئاً خاصاً.. ما قبلها طريق الأسفلت.. وقبلها.. وبعدها .

(٢)
الطيب..
وقفت في قلب صالونك (الصالون الذي يعرفه كل الناس) اهل الأسمال .. واهل الأعمال).. وطئت أرض الصالون وقلت.. الفاتحة.. ولو غريب جاء ما استطاع ان يميز بين قريب وصديق وجار وحبيب..

(٣)
الطيب..
سمعنا أن الطيب النص مات.. وقلنا حسبنا الله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. لم نفزع لكننا عرفنا الطعنة لما كنا بعد ساعة في الطريق، وأحد القادمين من الخرطوم يطل من نافذة عربته ليسأل المارة: بيت (المرحوم) الطيب النص بي وين؟
المرحوم!! عندها فقط عرفنا طعنة الخنجر.
الطيب..
الناس كلما رأوا احداً تذكروا شيئاً يذكرهم به.
ونسمع أن الطيب النص مات.. عندها اول ما يقفز الى الذهن كان هو..
ترى من هو آخر من وصل الى يده عطاء الطيب النص.. لما كان يطوف على اصدقائه الكثيرين.. من كان آخر من لقيه الطيب.. وهل كان يخطر له وهو يودعه انه لا لقاء حتى يوم القيامة ..؟؟

(٣)
الطيب..
عرفنا لماذا كان البطاحين يقطعون الاشجار بسيوفهم يوم مات ود أب سن وهم يصرخون: الشدر مخدر ود أب سن متحدر..
كان يجب عندهم ان يحزن عليه الوجود .
يوم وفاتك عرفنا ما كانوا يريدون وما كان في أكبادهم
الطيب..

لن ندنو من بيتك بعد اليوم.. ونحن نشعر أن بيتك المرتفع يطل على كل من يعبر الطريق يسأله: (ما شفت الطيب النص.. جايي؟؟).

إسحق فضل الله
الانتباهة