خادم العقرب تطلب يد القمر !
عندما تكون في صيف قائظ في صحراء ملتهبة فكن مطمئناً أن العقارب والثعابين لا تخرج عليك نهاراً فيمكنك التحرك كما شئت تحت وهج الشمس الساطعة !
لكن مع اقتراب الغروب فعليك أن تحذر من الاقتراب من الحجارة والشقوق فربما ستجد تحت أي حجر عقرباً أو عائلة عقارب، فهي تفقد سوائلها بسرعة وتجف إذا تعرضت للشمس فتنحاز لليالي ولاسيما إذا اختفى فيها القمر لتقتات من خشاش الأرض.
إذا لم تكن خبيراً بمواضع وجود العقرب فيمكنك أن تنظر حولك فإذا رأيت تلك الخنافس السوداء المدرعة المعروفة بصغر هيكلها وطول أقدامها فاعلم أن العقارب قريبة منك، فهو يعيش قريباً منها، بل إنهم يصفونها بأنها جار العقرب ، ويبالغ بعضهم فيقول إنها تعمل خادمة لديه.
وحقيقة الأمر أن الخنفساء تتغذى من بقايا فرائس العقارب المسمومة لندرة الطعام في هذه الصحارى الممتدة، والخنفساء جار سوء فالعقرب لا يحبها لكنه لا يستطيع طردها أو قتلها فهي بليدة جداً كلما طردتَها عادت إليكَ، والعقرب ذاتها لا تستطيع إخافتها بإبرتها اللادغة المخيفة لأنها لا تستطيع اختراق درعها السميك ، وحتى لو اخترقها من نقطة ضعيفة فيقال إن جوفها فيه ترياق، لذلك وجدتُ أحد النوبة في شمال السودان لدغته عقرب صفراء صغيرة في قدمه فأمسك بخنفساء “ككندارا”وقسمها ومرّر رطوبة جوفها على موضع اللدغ، وقال: هذه ستؤخر انتشار السم حتى أصل المستشفى !
هذه الخنفساء لا تخاف إلا من حيوان واحد وهو الظربان الفاسيْ كريه الرائحة، ولذلك إذا أردتَ أن تبعد عنك خنفساء بليدة فعليك أن تنفخ عليها فحسب فستراها تجري بأسرع ما لديها ، وذلك أن الظربان يتشمم فريسته لضعف بصره قبل أن يأكلها، وينفخ عليها ، فتعرف الخنفساء أنها مأكولة حتماً فتجري لا تلوي على شيء .
هذه الخنفساء القبيحة طموحة جداً حتى إنها طلبت يد القمر البدر لأنه يكون متحولاً إلى أنثى جميلة لدى اكتماله وما تزال تنتظر موافقة القمر على طلب يدها حسب الأسطورة النوبية الجميلة، وربما كانت تتشفع إلى هذا الطلب بكونها فارسة شجاعة حتى إن بعض أنواعها من الخنافس الذئبية الكبيرة تستطيع كسر إبرة العقرب وأكله؛ ولذلك يعتقد الفراعنة القدماء أن الخنافس جالبة للحظ وهي أفضل حارس لمقابر الملوك والأمراء، ونحتوا صورتها على حجارة سحرية ملونة صغيرة تتحرك بوقوع عرق اللصوص عليها.
د. أسامة الأشقر
هسة الجاب سيرة الكيزان هنا شنو