رأي ومقالات

الطيش النموذجي .. ألف مبروك

* انتصف نهار اليوم، ومئات الأسر سعيدة بالنجاح الذي حققه أبناؤها، وبالمقابل ألاف الأسر حزينة، كما لو أن الحزن صنعتهم، دون أن يكونوا قد احتفوا بالنجاح المنشود، العصي على الأمنيات وقد كدرهم بلا شك هذا الشعور المؤلم وخيبة الأمل، ومع ذلك لا أحد يواسيهم.
* الصورة النمطية لم تتغير وهى أن أوائل الشهادة السودانية بخلاف أنه يتم أعدادهم ليكونوا أوائل بالأساس، فمعظمهم أبناء أسر نموذجية، يدرسون فى مدارس نموذجية، وتحت إشراف إدارات نموذجية، وبيئة تعليمية نموجية، ورعاية نموذجية جدّاً، وبعيد ذلك تتبارى المؤسسات الحكومية والنموذجية فى تقديم الجوائز المغرية لهم، وتكرمهم على طريقة العباقرة، وتبعثهم لأداء العمرة، وتتكفل برسوم ومصاريف دراستهم رغم أنهم ليسوا في حاجة لكل هذا، وتحديداً الرسوم الجامعية التي يحتاجها طلاب أخرين .!!
* فليحتفى البعض كما يشاء .. اما انا فسوف أحتفى بالذين لم ينجحوا هذا العام، ولم يحالفهم الحظ لأسباب تبدو لي منطقية، فهم أحق بالتكريم لأنهم ضحايا كل شيء، ولأننا قسونا عليهم وأهملناهم، وطمرنا جوهرة النبوغ في دواخلهم، ولم نوفر لهم مدارس جيدة، ولا بيئة تعليمية جيدة، ولا رعاية جيدة لا أريد أن أقول نموذجية، ولا حتى حصلوا على الدعم المعنوي المطلوب، وإلا لماذا لم تحصل مدرسة (أم صفقا عراض) الثانوية على نسبة تفوق تذكر؟ كما أن رفع الحكومة يدها عن التعليم جعل المدارس النائية أو بالأحرى مدارس طوكر والمناقل وحلفا وزالنجي والقولد في منافسة غير عادلة مع الشيخ مصطفى الآمين والمنار الجديدة والمجلس الإفريقي
* وللذين لم يتفوقوا يقول برناردشو : (هناك ظروف ذكية ، وهناك ظروف بليدة ) .. نحن منذ مدة فى زمن الظروف البليدة تقريبا . وقد كان هولاء ضحايا البؤس المقيم، وعسر الحال، وجمود المناهج الدراسية، والأسر اللا مبالية وهروب الاساتذة إلى الخارج لتحسين أوضاعهم المعيشية، وتجفيف المدارس كما يحدث اليوم في ولاية الجزيرة، وكانوا ضحايا للسياسات التعليمية العقيمة، وللإزدواجية المفضوحة، وبؤس حكومات الولايات التي لا تضع التعليم في سلم أولوياتها.. فمن أين لهم بالنجاح وعيونهم مهدودة من التعب والحرمان والفقر والأعباء المنزلية والكوارث شتى، حيث يعملون أحياناً على حساب دراستهم لإعانة أسرهم، فصنعوا من عجينة العجز تماثيل خالدة، وباتوا الليل كله يتقلبون في فراش الأسى والمتاعب، إنهم جيل التضحيات بلا طائل .
* من أين لهم بالنجاج والمدارس والتى يدرسون فيها بلا كهرباء، ولاماء، ولا طباشير ، ولا أدراج ، وليس فيها أجهزة حاسوب بالطبع ، وليس فيها أساتذة بالمرة بل لا توجد مدارس في الحقيقة! من أين لهم بالنجاح والمقررات لم يكملوها بسبب الظروف الطبيعية وغير الطبيعية، والمدارس ووحدات التعليم التي تتحكم فيهم كل همهما مص دمائهم وانتهاك أدميتهم بالطرد جراء الرسوم.. من حقهم علينا ، وعلى الحكومة والشركات الخاصة أن ينتبهوا لمشاكلهم بدل الامعان في استفزازهم، وأن يكرموهم فى مهرجان ضخم يليق بخيبتنا فيهم.
* نيوتن طرده الأستاذ من المدرسة لأنه مهمل وبليد، لكنه عاد وإكتشف أخطر قانون فيزيائى على وجه الأرض، وانشتاين كان يكره المناهج الدراسية ويسخر منها، ومخترع الهندسة الوراثية كان متشردا بارعا، والعقاد لم يتخرح من جامعة ، لكنة أنتج كل هذه (العبقريات) .. والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كان أمياً بمعنى الدراسة الأكاديمية ولكنه المعلم الأول للبشرية.. فما الذى صنعته فينا هذه المناهج والسياسات التعليمية؟ وإلى متى سوف تخيم فينا هذه الحالة النموذجية الانتقائية ؟

عزمي عبد الرازق

‫4 تعليقات

  1. لقد اصبت كبد الحقيقة سلمت يداك اخي عزمي …. ليت قومي يعلمون .

  2. من يحمل هم الجميع يجب ان ندعمه سلمت يداك اخي عزمي لكن هاهو حال التعليم اليوم سماسره التعليم دمرو كل شي وبالكاد نحن الان نحتاج الي جمعيه حمايه التعليم وليس حمايه المستهلك

  3. يقول أبوســــــــــــــــــــــــــــــــــــــاروتا ( ود القضارف):

    نحن وأولادنا سوف نذهب الخرطوم ونعيش في الأطراف ونبيع مياه باردة ومناديل وبسكويت وخردوات بالمواقف ونفرش طماطم وخضروات بالأسواق ونغسل عربات وركشات ( أليس هذا عمل شريف ولكن لا يتوفر إلا في العاصمة المثلثة ) المهم أي عمل لأننا سوف نترك الأراضي و الزراعة ، الحويانات والرعي ( عمل الريف ) والسبب عشان أولادنا ينجحوا ويدخلوا الجامعات كذباً بالإمتحانات المكشوفة لأولاد الذوات ومدارس بعينها والإهتمام الحكومي فقط بمدارس العاصمة من كل النواحي ( معلم ، أثاث ، بيئة ) أما باقي الأقاليم حدث ماشئت ولا حرج في ذلك , لاحول ولا قوة إلا بالله .

  4. لا فض فوك لكن البفهم الطيرديل منو احتفالات مستفزوةوالامتحانات زايدنهاموية