لينا يعقوب: بلاغات كيدية..!
حينما قرأت خبراً عن تخصيص وحدة مكافحة الفساد “خطاً ساخناً” لتلقي شكاوى المواطنين المتعلقة بالفساد على الرقم (7878)، تذكرت ما صرح به مسؤول هندي قبل أعوام، أن سُكان “دلهي” فقط، أجروا أكثر من 12 ألف مكالمة في أقل من 24 ساعة من تدشين خط “التبليغ عن الفساد”..!
تلك الآلية في الهند، اسغرقت أياماً لتحليل البلاغات الصحيحة والتفريق بينها والكيدية، وهو ما قد يواجه الوحدة الجديدة التي تم افتتاحها رسمياً أمس.
صحيح أن تخصيص الرقم يخلق تفاعلاً مباشراً بين المواطنين والوحدة، ويُنشئ ثقافة عامة رافضة بل وساخطة على الفساد، ويؤكد كذلك على جدية الدولة فيما أعلنته سابقاً لكنه لا يخلو من خطورة..!
أثناء زيارة الرئيس المصري إلى الخرطوم، جمعتنا جلسة ودية مع بعض رؤساء التحرير المرافقين للرئيس عبد الفتاح السيسي..
ولمعرفة سابقة تربطني بالأستاذ علاء ثابت رئيس تحرير صحيفة الأهرام، دار بيننا نقاش مطول حول الصحافة ومشاكلها في مصر والسودان، ثم فتحنا موضوع الساعة “الفساد” وكيفية تناوله إعلامياً..
وهنا تحدث الأستاذان ضياء الدين بلال وفتح الرحمن شبارقة، عن ملف الفساد وأبديا ملاحظات فيه، واتفقا أن الإدانة الإعلامية قد تكون في أحيان أقسى من الإدانة القضائية لأنها لا تمس “المُتهم” وحده، إنما أسرته وأقربائه بل وقبليته، على حد قولهما..
وهنا قال علاء ثابت، إن الصحافة المصرية بشتى أنواعها لا تراعي مثل هذه النقاط، وأن مجرد فتح الشرطة أو النيابة أو الأمن تحقيقاً في حادث معين، هو خبر صحفي مكتمل الأركان، وألمح إلى أن هذا ما يحدث في العالم، لكنه حذر مما أسماه “البلاغات الكيدية”..!
يشير ثابت الذي يرأس كذلك “لجنة التأديب” بنقابة الصحفيين المصريين، إلى أنهم يحاولون التعامل بحسم – رغم أن عدداً من الصحف لا تلقِ بالاً لهم – فيما يتعلق بالنشر حول البلاغات الكيدية..
وضرب مثلاً بمواطن يدون بلاغاً ضد مسؤول في النيابة – وربما يكون مُحرضاً من جهة ما – فتسارع بعض الصحف بنشر “مينشيت” يقول “بلاغ ضد وزير البيئة بسبب تجاوزات مالية”، رغم أن الجهات المعنية باتخاذ إجراء من نيابة أو شرطة أو أمن، لم تشرع بعد في بدء أي تحقيق.
ومثل تلك البلاغات، إن برزت للعلن، تؤدي نتائج عكسية، وتنسف فكرة المحاربة والمكافحة لأغراض أخرى..
ما يُمثل تحدٍّ للأجهزة المختصة من نيابة وأمن وغيرها، أن ما تم في مضابطهم الرسمية، و”تسرب” دون رضائهم للعلن لم يكن مجرد “بينات كيدية” على شاكلة البلاغات الكيدية، إنما استند على معلومات ومستندات ترتقي أن تحول عاجلاً إلى القضاء..!
لينا يعقوب
لابد من وضع حصانة للمواطن المبلغ عن فساد مسئول. و يؤخذ البلاغ بتحقيق جاد و مستقل و بعد التأكد من أنه غير كيدي. ويجب التشهير بالمفسد بالإسم و المنصب و المؤسسة. أما النشر على شاكلة / مسؤل كبير و مؤسسة شهيرة يعتبر نشر غير جاد و لا يخدم المجتمع في شي و إنما شمارات ساكت، و مشجع على التمادي في الفساد طالما المفسد محصن ضد التشهير.