غرس في ابنه حب المال .. فسرقه !
الأبناء هم أغلى ما يملكه الآباء في هذه الحياة التي تتزين بهم وتزداد جمالاً وسعادة بوجودهم، وهم في الحقيقة رأسمالهم، ومصدر سند وقوة لهم، والحصان الرابح الذي يعولون عليه في مضمار حياتهم، لكنهم في المقابل قد يجلبون لهم المشاكل والفضائح و«وجع الدماغ» إذا كان هناك خلل في طريقة تربيتهم، أو في المتطلبات الأساسية اللازمة لتشكيل و«تدعيم» شخصياتهم، وبنيتهم الفكرية والروحية، تماماً كما حدث مع «أبو سالم» الذي خاب أمله ورجاؤه في ابنه سالم الذي جره إلى أروقة القضاء، بعدما سرقه، والسبب هو «أبو سالم» نفسه، لكن لماذا؟.
من خلال التحقيقات في هذه القضية التي تضيء ألف مصباح على التربية الصحيحة للأبناء، وتكشف الأخطاء في شكل العلاقة معهم، تبين أن «أبو سالم» لم يضبط ميزان اهتمامه بتربية «سالم» جيداً، فحدث هناك خلل في هذا الميزان، بحيث رجحت كفة الاهتمام المادي، على حساب الاهتمام العاطفي الأبوي، وزرع القيم والأخلاق في نفسه، فنتج عنه انحراف في سلوك سالم الذي سرقه من شدة حبه للمال، كما يفعل هو عندما يقضي معظم يومه في تجارته.
التحقيق
بصوت مخنوق، بالكاد يخرج من حنجرته، وبوجه أغرقه الخجل والحرج، سأل أبو سالم ابنه وهو يجلس على كرسي التحقيق في جريمة السرقة التي ارتكبها بحق والده، عن السبب الذي دفعه إلى سرقة ماله دون أن يطلب منه بشكل شخصي، وذكَّره بالأموال التي صرفها عليه في كل مراحل حياته، والاحتياجات المتنوعة التي وفرها له كي يعيش حياة كريمة، فما كان من سالم إلا أن أدار وجهه عن والده، والتفت ناحية المحقق وقدم «دفاعه» وتبريراته التي كانت أشبه بدرس عملي لكل الآباء الذين يهملون الجانب العاطفي تجاه أبنائهم، ويقطعون حبل التواصل معهم بحجة الانشغال بالوظيفة أو الأعمال الخاصة، وقال: «لقد أحب تجارته وماله أكثر منا، لا أنكر أنه لم يبخل علينا بشيء من ماله، ولكنه بخل علينا بوقته واهتمامه، نعم لقد درسني في أفضل المدارس وأرقى الجامعات، ولكنه لم يكلف نفسه لمرة واحدة طول هذه السنوات أن يدخل المدرسة ليسأل عني أو عن مستواي الدراسي.
ثم التفت سالم إلى أبيه وقال له بنبرة حزن:»أنت من علمتنا حب المال، وأنت من زرعه في داخلنا، فكانت المصالح والمال قبل الأسرة والمودة، ولذلك لا تلمني الآن على سرقتي مالك، لأنني صرت أحبه مثلما أنت تحبه، فدعني أواجه مصيري، عله يكون عبرة لي ولك”.
صحيفة البيان