ترامب يتخّذ من السعودية أساسا لحملته الانتخابية
خطاب غير دبلوماسي للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن السعودية تغلب عليه عقلية التاجر ورجل الأعمال.
يعوّل الرئيس الأميركي خلال حملته في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس المقررة لشهر نوفمبر القادم، بشكل أساسي على تسويق صورة الرجل الصلب المستميت في الدفاع عن المصالح الاقتصادية والمالية للولايات المتحدة، متجاوزا في خطابه بشأن الدول الأخرى حدود “اللياقة الدبلوماسية”، وغير مستثنِ شركاء بلاده وحلفاءها من خطاب التهديد والابتزاز.
وعاد ترامب في تجمّع انتخابي لأنصاره في ساوثافن بولاية مسيسبي بالجنوب الأميركي إلى تهديد المملكة العربية السعودية والتلويح برفع ما يسميّه “حماية” لها ولنظام الحكم فيها إذا لم تدفع له جزءا من ثروتها الذي كرّر التذكير بضخامتها.
وقال ترامب “قلت صراحة إلى الملك سلمان إنه لن يظل في الحكم لأسبوعين من دون دعم الجيش الأميركي”.
وتابع “نحن نحمي السعودية، ستقولون إنهم أغنياء.. أنا أحب الملك سلمان، لكني قلت له، أيها الملك نحن نحميك، وربما لا تتمكن من البقاء لأسبوعين في الحكم من دون جيشنا، لذلك عليك أن تدفع”.
وتبدو عقلية رجل الأعمال والتاجر غالبة على الخطاب السياسي للرئيس الأميركي الذي مثّل صعوده إلى الحكم مفاجأة لدى البعض، فيما قال آخرون إنّ ذلك الخطاب المباشر، هو إحدى نقاط قوّته وإنّه خطاب فاعل في دغدغة مشاعر شرائح واسعة من الأميركيين، خصوصا إذا اقترن بوعود جلب أموال إلى الولايات المتحدة وتوفير وظائف للأميركيين.
وقال ترامب إنّ حديثه للعاهل السعودي جاء في سياق ضغطه على المملكة من أجل كبح ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وهاجم ترامب منظمة البلدان المصدّرة للبترول “أوبك” قائلا إنّ المنظمة ودولها الأعضاء “كالمعتاد تسعى لتمزيق بقية العالم، أنا لا أحبها، ولا أحد يحبها، هم يسعون لاستغلالنا بأسعار نفط عالية، وهذا ليس جيدا، نريدهم أن يوقفوا رفع الأسعار، ونريدهم أن يبدأوا في خفضها”.
ولم يشر ترامب إلى التوقيت الذي خاطب فيه العاهل السعودي، لكن آخر مكالمة هاتفية جرت بين الطرفين كانت السبت الماضي، وعلى إثرها تحدّث ترامب بكلام شبيه بكلامه الأخير في مسيسبي، حيث ذكر حينها أنّه قال للملك سلمان “لديك تريليونات الدولارات ومن دوننا لا أحد يعرف ماذا قد يحصل”.
وأضاف “ربما لا تستطيع الاحتفاظ بطائراتك وقد تتعرض للهجوم، ولكن الطائرات بمأمن لأننا نحن من يؤمّن لها الحماية، ولكن بالمقابل لا نحصل على شيء بل نحن نقوم بالإنفاق العسكري على هذه الدولة الغنية”، متسائلا “لماذا نقوم بذلك”، ومجيبا “عندما يكون لديك دول غنية كاليابان والسعودية وكوريا الجنوبية لماذا نتحمل نحن التكاليف العسكرية.. عليهم أن يدفعوا لنا، ولكن أحدا لم يطلب ذلك من قبل”.
ورغم ما يحمله خطاب ترامب الحاد من محاذير إفساد العلاقات مع الدول التي يوجّه إليها، إلاّ أنّـه يظل عمليا محـدود التـأثير على تلك العلاقات الراسخة منذ عقود، لمعرفة بلدان مثل السعودية، أنّه مجرّد خطاب انتخابي دعائي، غير مؤثّر في سياسات الولايات المتحدة تجاه حلفائها والتي هي من شأن مؤسسات أميركية كبيرة تراعي المصالح الاستـراتيجية طـويلة الأمـد للولايات المتحدة بعيدا عن حسابات الربح والخسارة المادية المباشرة التي يتحدّث عنها ترامب.
ويقّر أعضاء في الحزب الديمقراطي المنافس لحزب ترامب الجمهوري بأنّ ما يتحدّث عنه ترامب بشكل متكرّر عن حماية حلفاء واشنطن لم يكن يوما أمرا مجانيا، بل هو حماية لمصالح الولايات المتّحدة وفي إطار منافسة حادّة مع قوى دولية متحفزة لملء أي فراغ يمكن أن تتركه واشنطن، في أي منطقة من مناطق العالم.
ساوثافن (الولايات المتّحدة) /صحيفة العرب بريطانيا