أبرز العناوينرأي ومقالات

معتز وسوبرمان!


-1- لم تُصَدِّق عيني المشهد: الساعة تقترب من الثانية عشر ليلاً، المكان قلب السوق العربي الخرطوم جنوب بنك البركة وشَرْق الجامع الكبير: رجلان عمرهُمَا ما بَعدَ الستين، بلحىً كثيفةٍ بيضاء.

يجلسان على الأرض يؤشِّرَان بأصابِعِهِمَا، على طريقة صِغَار تجار الدولار، توقَّفتُ إلى جوارهما، ضَحِكَا في وجهي، يبدو أنّهما تعرَّفا عليّ، قلت لهما: (ليه قاعدين لحدِّي هسه)؟!

أجابني أحدهما: (بنجي آخر السوق عشان نَلَقِّط رِزِقنا، الأولاد الشباب ما بِدُّونَا معاهم فرصة منتصف النهار).

مَصدَر المفاجأة بالنسبة لي، رجالٌ في هذا العمر وفي وقتٍ متأخِّرٍ من الليل، يُتَاجِرون في العملات الأجنبية، كأنّهم يقومون بواجبٍ مقدَّس تحت الأضواء الكاشفة، لا في الأزقَّةِ المُعتمة!

-2-

قلتُ لنفسي: تُرَى أينَ أعضاء لجنة آلية السوق في هذا الوقت؟، وهم المُكلفون بضَبطِ سعر الصرف مع العرض والطلب؟ بالتأكيد أنهم يغطّون في نومٍ عميق، ويحلمونَ بأحلامٍ سعيدة.

طَيِّب، دعكَ من رجال الآلية في نَومِهِم وصَمتِهم المَصُون، أينَ الجهات الأمنيّة؟!

هل أصبح مُتاحَاً لتجار السوق الأسود – مثل الصيدليات والمتاجر- ممارسة أنشِطَتِهِم في العَلَن، لأربعٍ وعشرين ساعة، لا يخشون على أنفسهم نباحَ الكلاب؟!

من رأيتهم أمس مع الرجلين وهُم كُثر، يصطَفُّون على طول ميدان أبو جنزير، بكلِّ طمأنينةٍ وثبات، إذا كانوا يُمارسون أيَّ نشاطٍ آخر يُجرِّمه القانون، هل كانت السلطات المختصة ستَقِف حيالهم مكتوفة الأيدي مغمضة العينين؟!

-3-

آلية السوق في سُبَات عميق، لم تُحرِّك ساكناً مع تصاعد الدولار، وتُجَّار السوق السوداء يفرضون سعر الأمر الواقع على مدار ساعات اليوم، والجهات الأمنية خَارِج المشهد، والدول العربية الصديقة تَحجِبُ عَونَها عن السودان.

مع كلّ ذلك، لم يَعُد مُتَاحاً لنا في أعلى درجات التفاؤل، توقُّع استقرار سعر الصرف على الأقل في الوقتِ القريب.

هذا ما تُؤكده الحقائق المعلومة بالضرورة ويَفرِضُه المنطقُ القَويم، ما غيرَ ذلك من توقُّعات يُصبحُ أمانٍ بلا أجنحةٍ وأحلامٍ بلا سِيقان.

-4-

لا أحد كان يتوقع أن تُعَالِج السياسات الجديدة الأزمة الاقتصادية المُطْبِقَةُ على البلاد في يومٍ وليلةٍ بعصا سحريَّة.

ولا يوجد عاقلٌ يُرَاهِنُ على أن بمَقدُورِ الإجراءات الأمنيّة وحدها تحقيق استقرارٍ في سعر الصرف، بإنهاء تجارة العُملَةِ في السوق السوداء.

كان التوقُّع المعقول والمقبول، أن تُحَقِّق السياسات الجديدة في المدى القريب إيقافَ نزيفِ قيمةِ العملة وإبطاءِ تدهور الأوضاع الاقتصاديَّة، قبل تحقيق اختراقٍ أماميٍّ في مقبل الأيام.

-5-

ما ظَلَّ يَحدُثُ خلال الأيامِ الماضية من تصاعد الأزمَات (الوقود والدقيق) وتتابُعِهَا يُعطِي مؤشراً لضرورةِ التوقف قليلاً، لا للتراجع عن السياسات، ولكن لمراجعةِ أدوات التنفيذ.

نعم، التوجُّه الصحيح المضيّ في وضع سياساتٍ عَمَلِيَّةٍ وموضوعيةٍ مَرِنَة، يُمكِن تطبيقها ومتابعتها بالقياس والمراقبة.

أَضِف لذلك القابلية للضّبط والتعديل إذا اقتَضَى الحال، وحراستها من الهجمات المُرتَدَّة والتكتيكَات المُضَادَّة.

-6-

لن تُحَلّ أزمة الاقتصاد الكبرى بالمجهودات والاجتهادات الفردية لرئيس الوزراء معتز موسى، فقد قالها منذ أولِ يوم: (لَستُ سُوبرمان).

إذا لم تَتَكَامَل وتتناغَم كلّ أجهزةِ الدولة وفق رؤيةٍ كليةٍ وبرامج تفصيليةٍ مُتَّفقٍ عليها، يَتَقَدَّم فيها عمل المؤسسات على اجتهادِ الأفراد، لن يَنصَلِحَ الحال ويستقيمَ العود ويَطيب الظلّ.

‏الملاحظة صحيحة، معتز يعمل ويجتهد ويُفَكِّر ويُغَرِّد وَحدَه، كأنه في معركةٍ شخصيةٍ وليست معركة الدولة بكل أجهزَتِهَا ووزَارَاتِهَا وأحزَابِهَا.

-أخيراً-

إذا تُرِكَ معتز هكذا وحدَهُ على نهج أبو ذر الغفاري، بكلّ تأكيد إذا لم يعييه الإحباط، سيُسقِطُه الإرهاق

ضياء الدين بلال


‫16 تعليقات

  1. يا اهبل شايفك مركز علي الرقابة الرقابة علي الدولار فقط ؟؟؟؟الرقابة علي كل المعروض في السوق من اجل البيع والشراء في حالة ان ان الاقتصاد غير حر !!!!الان الاقتصاد حر ما شايفين حاجة تراغبوها غير سلعة الدولار ؟؟؟؟؟ نعم الان الدولار سلعة مثل الطماطم والرز والعدس بس المشكلة انو البيبيع ويشتري فيهو جماعتكم يا شاطر

  2. والله كلام منمق يااخي اتقوا الله فى هذا الشعب حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم

  3. المطلوب حكومة تقشف حل البرلمان الغاء اي صرف خارجي تشكيل وزارة محاربة الفساد واقتلاعه من جزوره رد كل الاموال المنهوبة من خزينة الدولة تجريد اعضاء الحكومة من كل الامتيازات تقليص العدد الهائل من الوزراء وانوابهم والمعتمدين
    الاهتمام بالخدمة المدنية خفض الاسعار كافة السلع لراحة المواطن عدم المضاربة في الدولار
    ووو……………………………………

  4. السؤال لماذا هذة الحرب من تجار العملة لقد كان الدولار في السوق الاسود بمبلغ 46 وبعد بدء الألية عملها جعلت سعر الدولار مثل سعر السوق الاسود حتي تجذب الناس للتعامل مع البنوك والصرفات فلجاء تجار العملة الي رفع سعر الدولار رغم أن السعر كان ثابت المشكلة ليست أنعدام أو وفرة المشكلة صراع دائر بين تجار العملة والحكومة لتكسير العظام والضائع الشعب السوداني المسكين علي الحكومة أذا أرادت أن تسيطر علي السوق وأيقاف تجار العملة أن تعمل علي توفير العملة الصعبة في البنوك والصرفات

  5. الاخ /ضياء
    السلام عليكم

    لن تحل المشكلة الاقتصادية ولو تفجر السودان ذهبا وقمحا وبترولا قبل ان تحل المشكلة السياسية (من يحكم السودان وكيف يحكم باتفاق الجميع بدون فرز) وشكرا .

  6. أخي السوداني الحزين، أزال الله حزنك. تجار العملة الآن في حرب مع الشعب المسحوق. المغتربون كثيرون منهم أيضاً في حرب مع الشعب المسحوق ومع أنفسهم وهم لا يدرون، أو ربما يدرون ولكن يعملون بمبدأ “على وعلى أعدائي”.

    حرام عليكم تواصلوا العمل مع السوق السوداء بعد أن رفعت الحكومة السعر ليكون مغرياً. وهذه الخطوة لو تجاوبتم معها لتناقص سعر الدولار ولما تصاعدعت الأسعار على أهلكم بالسودان.

    لا يعميكم بغضكم للحكومة عن مصلحة أهلكم المساكين. أنا لست من الحكومة ولا أؤيد كثير من تصرفاتها، ولكن عندما يمس الأمر أهلكم الذين يجأرون بمر الشكوى من ارتفاع الأسعار وحساب كل شيء بالمقابل الدولاري، فيجب أن نرجع إلى الله ونرحم أهلنا وأنفسنا.

    والله المستعان

    1. أخي محمد بابكر : عن المغتربين – لا يوجد تعاملات للبنوك في الداخل مع البنوك في الخارج ليتسنى للمغترب التعامل من خلاله حتى الآن وهناك جهات في الداخل مستفيدة من هذا الوضع منذ زمن العقوبات وللاسف المسؤولين شجعوا هذا النمط من التعامل المالي خارج الجهاز المصرفي للالتفاف على العقوبات عوضاً عن السعي لرفع العقوبات لأكثر من 20 عاماً ونحن نحصد نتائج تلك الاوضاع.

      وبدون التشخيص الصحيح المعالجات والمسكنات لن تتحج . من هم “آلية السوق ” أي دولة في العالم مهمة وضع السياسات المالية والنقدية من صميم عمل البنك المركزي وليس آلية سوق أو جهاز أخر وعلى كل حال لا مدخرات المغتربين ولا معونات أو منح من الخارج يمكن أن تحل هذه المعضلات بدون محاربة الفساد واصلاح الخدمة المدنية والتوجه كلياً للانتاج وولاية المالية على مال الدولة وتجريم بنود التسيير والتجنيب وخلافه والصرف في المؤتمرات والاجهزة الهلامية التابعة للدولة والمجالس التشريعية والحكومات الولائية الما منها فائدة (والي قاعد في البحر الأحمر رئيس الوزراء يذهب ليتفقد تفريغ شحنات وقود)

      أما تحميل تجار العملة والمغتربين لن يغير الواقع في شيء ديل نفسهم في سوق العرض والطلب والسيد رئيس الوزراء ووزير المالية معتز موسي يعرف ذلك.

  7. وجزاك الله خيراً، أخانا ضياء الدين بلال على هذه الرسالة الإعلامية الإيجابية. وأرى أن الحكومة يتعين عليها بعد كل هذا التعديل المغري لسعر الدولار، أن تدعم هذه المحاولة لكسر استشراء الدولار بإيقاف تجار السوق ا لسوداء وردهم إلى صوابهم. فإن تجارة العملات قد أهلكت هذا الشعب.

    بالطبع هناك من يقول أن أناساً من الحكومة نفسها ضالعون في السوق السوداء وفي تفاقم الاسعارز فإذا صح ذلك، نقول لهم توبوا إلى الله. ونسأل الجادين من بقية القائمين على الأمر في هذه الحكومة إيقافهم في حدهم ومحاسبتهم حتى ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم.

    والله المستعان.

  8. تجار العملة الكبار في الدولة معروفين وهم الذين يديرون سوق العملة ويحددون سعر الصرف … وهؤلاء لديهم السند ومن يحميهم من الحكومة …

    قضايا الفساد المكتشفة حاليات والعملات المهربة والمتوفرة للبعض بطرق غير قانونية …تدل على عدم وطنية هؤلاء الأشخاص وتخريبهم للإقتصاد الوطني

    المغتربين أيضا وتجار العملة من الخارج (غسيل الأموال) هم أيضا مساهمين في تخريب الأقتصاد ورفع سوق العمل عن طريق التحويل عبر القنوات غير الرسمية

    المواطن المطحون والذين لبس حيلة يساهم في دعم التجاوزات غير القانونية عندما يشتري أو يبيع العملة أو عندما يرشي أو يتحصل على موافقات غير قانونبية أو كسب غير مشروع (حقنا وين)

    السودان لن ينصلح حاله اذا ما شارك الكل في البناء والتعمير والإنتاج ووقف كل المظاهر السالبة التي تدمر البلد

    لماذا لا تكون هناك مبادرة عبر هذه الوسائل ومناشدة لكل السودانيين (زيرو فساد …هدفنا الإقتصاد)

    نسأل الله أن يبدل حالنا لأحسن حال

  9. هم فاضين علي مراقبة اسعار صرف الدولار اوحتي اصلاح الاقتصاد؟ هؤلاء همهم هو كلاب امنهم وحراستهم ؟ وهم من يقومون بهذه الاعمال واقربائهم؟ وهؤلاء كبار السن اتو بعدما شبع حكومة الفساد من تجارة الدولار فتركو لهم الفتافيتت لهؤلاء كبار السن؟ ويقول رئيس الوزاء. ليس سبورمان؟ طيب انت رئيس وزراء دولة موز؟ انتم فاحلين في القتل والسجن وتكم الافواه وليس لكم علاقة بادارة مصالح دولة بحجم السودان؟ فاتعلمعو انتم تجار عملة اتيتم لتحكمو في مصير شعب غلبان جعان جبان مقلوب علي امره .وهيهات لو كان السودان دولة اخري لدفنتم احياء؟؟؟

  10. الناس مفترض تصحى . البلد مفلسة تماما و الناس فقدت الثقة في البنوك مما يعني انهيار وشيك للنظام المصرفي . ما يتم تداوله هي فكة دولارات في جيوب المواطنين الدولة نفسها تشتريها لمعالجة خواء جيبها . لا معتز لا غيره . السودان يتعرض للنهب بتروله منهوب ذهبه منهوب منتجاته الحيوانية و الزراعية منهوبة القروض منهوبة و رجال الأعمال السودانيين يهربون باموالهم للخارج . الدولة محاصرة و الحكومة لا تستطيع تعويم الدولار لأنها مفلسة تماما . متطلبات التعويم غير متاحة في السودان . كل ما سيحدث هو تكدس الأموال في البيوت و الخزائن و الناس لن تودع أموالها سواء عملة وطنية او دولار . و الحكومة نفسها لا تستطيع شراء و لو الف دولار لانعدام السيولة …. الحل في الحل و الوصاية الدولية مع الاسف .

  11. السادة الافاضل،
    لا ولن تستطيع اى اجراءت قمعية فى كبح جماح ما يسمى بلسوق الموازى (الاسود) او من يعملون به.
    الحل فى تحرير سعر الصرف،
    خفض الدولار الجمركى،
    رفع الدم فورا على جميع السلع ماعدا الواء،
    سؤال؟ مافائدة الدعم ولاسعار فى ارتفاع تكاد تكون يومية،
    اعزاى ، الصورة قاتمة ، ليس الاقتصاد وحده ، ولاكن خوفى على السودان ككل

  12. التنظير يطير
    تمنعوا الناس تشيل من حسابتها البنكية و تجي تقولوا ليهم سوق موازي و سوق مربع، في زول عاقل بمش يسلم رقبته للزلة و المهانة ؟ الواحد يشحد حقه؟ يا ناس الكاش أصبح سلعة و لو ما البنوك استرجعت الثقة أي فكرة و أي نظرية ما بتنجح ..

  13. (والي قاعد في البحر الأحمر رئيس الوزراء يذهب ليتفقد تفريغ شحنات وقود) اخي الخطيب … والله اني حزيين لهذا الوضع الوصلنا له نعم المفروض رئيس الوزراء مايشغل نفسه بالتفاصيل الصغيرة دي … يفرغ وقود …يحضر حصاد ..يوزع بنك نوت … طيب الجيش الجرار من الموظفين ده بعمل شنو ………….. هرمنا وزهجنا من ام البلد دي

  14. يا ضياء الدين أنت تصدق الكيذان كذابون منافقون. مافي همة مافي غيرة مافي وطنية بلد مقت سايبة يا أخي ضياء يسألك الله كم مرة تكررت ظاهرة الأجانب الذين يمارسون مهنة الطب وهم اصلا ليس باطباء والظواهر كثيرة وتكررت. كل شي متوقع في حكومة البشير الجاهل الغافل. الجبان

  15. المشكلة ليست أزمة ثقة فى المصارف بقدر ما هى أزمة تدهور قيمة الجنيه السودانى التى تؤدى إلى انخاض الرغبة فى الاحتفاظ به والعمل على التخلص منه وذلك بتبديله إلى عقار او دهب او دولار وهذا يجعل من المستحيل الاحتفاظ بالجنيه فى المصارف وهو يفقد جزء من قيمته يوميا فضلا عن الإهانة التى يلاقيها المواطن جراء وقوفه بالساعات الطوال حتى يتصدق عليه البنك بمبلغ هزيل لا يسد رمقه ولا يقضى حاجته ليوم واحد فى مسلسل من اسوأ مسلسلات التعذيب والإهانة والاحتقار المتكررة يوميا على المواطن