طب وصحة

البكاء وتأثيراته‎ ‎‏الإيجابية على الحالة النفسية


لطالما لجأ كثيرون للبكاء لتفريغ شحنة من الحزن أو الضغط النفسي، متمنيا أن تحمله تلك الدموع إلى بعيد، فسكب الدموع عادة ما يجعل المرء يشعر بتحسن، كما يساعد على وضع الأمور في منظورها الصحيح.

‎ولكن، لماذا يعتبر البكاء مفيدا؟ وهل هناك بالفعل ما يسمى بالبكاء الجيد والبكاء السيئ؟ قام باحثون في علم النفس بتقديم بعض ما توصلوا إليه حديثا بشأن ما يسمى بـ”نفسية البكاء،” ‏‏حيث قاموا بتحليل بيانات مفصلة لأكثر من 3000 تجربة بكاء.

وكانت النتيجة أن فائدة البكاء تعتمد بشكل كامل على ماذا ومتى وأين كانت نوبة البكاء؟ ووجد الباحثون أيضا أن غالبية من تجاوبوا مع البحث أشاروا إلى أنهم شعروا بتحسن بعد نوبة من البكاء، إلا أن ثلث المشاركين ذكروا أنهم لم يشعروا بأي تحسن في مزاجهم، أما عشر المشاركين، فقد ذكروا أن حالتهم قد ازدادت سوءا بعد نوبة البكاء، كما ظهر من خلال البحث أن الذين حصلوا على دعم اجتماعي خلال نوبة بكائهم كانوا أكثر ميلا لأن يشعروا بتحسن في مزاجهم.

‏ومن الجدير بالذكر أن الأبحاث لم تظهر إلى الآن صورة واضحة بما يتعلق بفوائد البكاء، والسبب وراء ذلك يعود جزئيا لكون النتائج كثيرا ما تعتمد على “كيفية” إجراء البحث، حيث أشار الباحثون إلى وجود تحديات عديدة متعلقة بصحة دراسة سلوك البكاء في المختبر، إذ إن المتطوعين الذين يبكون في المختبر غالبا ما لا يصفون تجربتهم بأنها جعلتهم يشعرون بالتحسن، بل على العكس، فهي تجعل حالتهم تزداد سوءا، وقد يكون ذلك بسبب الأوضاع الضاغطة نفسيا للبحث نفسه، والتي تتضمن تسجيل نوبة البكاء أو مشاهدة الشخص وهو يبكي من قبل المساعدين على إتمام البحث، ما قد يؤدي بدوره إلى مشاعر سلبية تقوم بمعادلة المشاعر الإيجابية التي عادة ما ترتبط بالبكاء.

ومع ذلك، فقد كشفت دراسات المختبر النقاب عن معلومات مهمة بما يتعلق بالتأثيرات الجسدية للبكاء؛ إذ وجد أن للبكاء تأثيرات مهدئة، من ضمنها إبطاء التنفس، إلا أنه يؤدي إلى الكثير من التأثيرات المهيجة، من ضمنها التعرق وتسارع ضربات القلب، كما أن التأثيرات المهدئة قد تحدث في وقت متأخر وتتغلب على التأثيرات المهيجة، الأمر الذي عادة ما يجعل الشخص يتذكر التأثيرات الإيجابية للبكاء.

وبالإضافة إلى تأثير “كيفية” البكاء على إيجابياته وسلبياته، “فطبيعة الشخص الباكي” تؤثر أيضا على ذلك. فعلى سبيل المثال، يكون مصابو اضطراب القلق واضطرابات المزاج أقل ميلا للحصول على نتائج إيجابية للبكاء، بالإضافة إلى ذلك، فقد أشار الباحثون إلى أن الأشخاص الذين لا يملكون البصيرة تجاه مشاعرهم وحالاتهم الانفعالية يشعرون بشعور أسوأ بعد البكاء.

العربي الجديد