منوعات

ما أهمية الإنطباع الأول؟ هنا الإجابة

مع صرف النظر عن صحته أو عدمها، فلل انطباع الأول أهميته في أي لقاء جديد. والكل يحرص على أن يترك أفضل انطباع عندما يلتقي جهة ما للمرة الأولى،

اعتقاداً منه أن كل ما قد يأتي لاحقاً يتوقف على الصورة التي يظهر فيها أمام الطرف الآخر خلال الدقائق الأولى من اللقاء. ويمكن للانطباع الأول أن يصبح فعلاً عاملاً بالغ الأهمية عندما يتشكّل في لقاء حاسم، كما هو الحال خلال مقابلات التوظيف على سبيل المثال.

ولكن ما مدى دقة الانطباع الأول في التعبير عن حقيقة شخص ما؟ وهل تتناسق صحته مع الأهمية التي نعلقها عليه عند توجهنا إلى لقاء أول؟

الوجه صورة العقل

يقول شيشرون، الأديب والخطيب الروماني إن “الوجه صورة العقل التي تعكسها العيون”، ويقول أرسطو إنه “من الممكن استنتاج شخصية الإنسان من سماته الخارجية”. وبما أن البشر كائنات بصرية، إذ إن المنطقة البصرية في الجزء الخلفي من الدماغ تكوّن 30% من القشرة الدماغية لديهم، فغالباً ما يتم القفز إلى الحكم على الأشخاص وتكوين الانطباعات عنهم في الثواني الأولى التي يُنظر فيها إلى الوجوه. وهكذا تسيطر النظرة الأولى على كثير من المواقف واللقاءات، أو الانطباع الأول الذي نقوم من خلاله بالحكم على الأشخاص على أساس منتظم طوال الوقت بوعي أو من دون وعي.

في ما يتعلق بهذا الانطباع الأول، هناك قول معروف يقول إنك لا تحصل إلَّا على فرصة واحدة فقط لتكوين الانطباع الأول عنك. فمن العلاقات الشخصية إلى اجتماعات العمل نكوّن هذه الانطباعات على جانبي التبادل، وغالباً ما نُنصح بالثقة في حدسنا، لأن أفكارنا تخبرنا دوماً بشيء مهم.

ولكن من جهة أخرى، هناك قول معروف آخر ينصحنا بألَّا نحكم على الكتاب من غلافه، الأمر الذي يتماشى مع النقاشات العديدة التي تحثّنا على تجنب اتخاذ الأحكام السريعة، ويتناغم مع العشرات من برامج الموارد البشرية التي تعلِّم المحترفين عدم الحكم المسبق على الأشخاص استناداً إلى العرق أو الجنس أو السن.

من هنا نسأل هل الانطباعات الأولى تستحق الوقت والطاقة التي نضعها فيها؟ وما هي أهمية اللحظات القليلة الأولى من اللقاءات؟ وإلى أي مدى تحدِّد الأصدقاء الذين نتخذهم والمسار الوظيفي الذي نسعى إليه والأشخاص الذين نحبهم؟ أم هل هذه الانطباعات الأولى تعيقنا بشكل كبيــر، وبالتالـي يجب علينا أن نتعلَّم كيف نتجنبها؟ هناك نفس القدر من الحماسة لكلا الرأيين. لكن ماذا تقول الأبحاث عن ذلك؟

دقيقة للغاية

يستشهد مالكولم غلادويل في كتابه “طرفة عين” (Blink) بمجموعة كبيرة من الدراسات ليؤكد أن انطباعاتنا الأولى دقيقة إلى حد كبير، وتثبت صحتها أمام اختبار الزمن. وهو يؤيد نظرية يطلق عليها اسم “التشريح الرقيق” أو (thin-slicing)، التي تقول إننا غالباً ما ننجح في وضع تقييم دقيق لأي شخص نلتقيه اعتماداً على معرفته لبضع ثوانٍ فقط. وعن ذلك يقول غلادويل: “إنه جزء أساسي من معنى أن تكون إنساناً”. ويضيف: “نحن نقوم بالتشريح الدقيق كلما نلتقي شخصاً جديداً أو نحاول أن نفهم شيئاً ما بسرعة أو نواجه وضعاً جديداً، لأن الاهتمام بتفاصيل الشرائح الدقيقة، وفي كثير من المواقف، وفي فترة قد لا تتعدّى الثانية أو الثانيتين، يمكنه أن يخبرنا الكثير”. ويقدِّم غلادويل في كتابه أمثلة على التشريح الرقيق، مثل القادة العسكريين العظماء الذين يمتلكون النظرة الثاقبة أو قوة النظرة الأولى، ومن أبرزهم نابليون بونابارت، وهي النظرة التي تمكنهم من فهم ساحة المعركة على الفور. كما أن الطلاب غالباً ما يصيبون في التنبؤ بمن سيكون معلماً جيداً لهم بمجرد التقائه لثوانٍ قليلة.

العربية نت