(80%) خارج القنوات السلطات والذهب.. هل ينجح التحرير في وقف التهريب؟
لنحو 5 سنوات استمرت عمليات تهريب الذهب إلى الخارج وفقاً لتقارير إعلامية سابقة، في وقت تتزايد فيه مجهودات السلطات لضبط الكميات التي لا تذهب عبر القنوات الرسمية، إلا أن الملاحظ وفقاً لرصد(السوداني) تتعدد طرق وأساليب التهريب، فهل تفلح الإجراءات الحكومية الأخيرة بتحرير صادر الذهب في إيقاف عمليات النشاط الهدام؟.
التهريب.. أساليب وطرق
الذهب يشكل مورداً مهماً وداعماً أساسياً للاقتصاد بعد خروج البترول الذي كان يمثل 70% من ميزانية السودان، وشهدت الخرطوم أساليب متنوعة للمهربين كتحميل الذهب للنساء المسافرات، أو استئجار نساء للتزين به وتسفيرهن للخارج إضافة إلى إخفائه ضمن سلع مصدرة إلى الخارج. وكشفت تقارير مؤخراً عن ضبط أحد الأجانب يهرب الذهب فى قطع من اللحم.
وأكد مصدر مطلع في مجال الذهب في حديثه لـ (السوداني)أمس، أن أكبر عمليات التهريب للخارج تتم إلى دول الجوار عبر السيارات خاصة بعد إحكام الرقابة على مطار الخرطوم مؤخراً، منوهاً إلى أهمية وجود إجراءات مشددة على السيارات العابرة للحدود وعمل دوريات في الصحراء بشكل منتظم.
واعتبر المصدر أن عمليات التهريب كنشاط تمثل تحدياً كبيراً لتحرير صادر الذهب، مؤكداً على ضرورة تشجيع تحريرالصادر وتوفير السيولة وتشديد الرقابة، وأضاف: المهرب من الذهب قد يتجاوز80%.
ماذا قالت شركة الموارد المعدنية؟
الشركة السودانية للموارد المعدنية -الذراع الرقابي لوزارة النفط والغاز والمعادن – كشفت على لسان مديرها مجاهد البلال في حديثه لـ(السوداني) مؤخراً أن حجم إنتاج البلاد من الذهب بلغ حتى نوفمبر الماضي (89)طناً، مقراً في الوقت ذاته بعدم دخول ٨٠% من ذهب المعدنين التقليديين عبر القنوات الرسمية خلال الفترة الماضية. وتوقع البلال أن تسهم السياسات الأخيرة بتحرير صادر الذهب في الحد من التهريب، كاشفاً عن أن الشركة تشرف على أكثر من (100)شركة امتياز بالبلاد إلى جانب (79) من شركات مخلفات التعدين.
في المقابل أكد خبراء تحدثوا لـ(السوداني)أمس، قدرة بنك السودان المركزي على شراء الذهب المنتج، داعين إلى إحكام كافة منافذ التهريب للاستفادة من عائدات الذهب في الاقتصاد الكلي إلى جانب إلزام الشركات المنتجة بمعالجة الكرتة لزيادة الإنتاج من الذهب.
تخزين الذهب
ويرى الخبير الاقتصادي عز الدين إبراهيم في حديثه لـ(السوداني) أن لبنك السودان المركزي القدرة المالية على شراء وبيع الذهب باعتبار أنه يشتري ويبيع على مدار العام، وأضاف: لكنه لا يستطيع شراء الذهب كاملاً خاصة وأن بعضه مخزن لدى التجار الذين ينتظرون الحصول على عوائد أكبر. منوهاً إلى أن السوق الموازي أقدر من البنك المركزي على الشراء وبالتالي التهريب، مؤكداً أهمية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في شراء الذهب وتنظيم ذلك بإنشاء بورصة للذهب لأن الإنتاج بالبلاد كبير يصل إلى 100 طن. وأضاف: لتفادي تهريب الذهب لا بد من معالجة توحيد الأسعار للشراء بالسعر العالمي.
ضعف الحصائل
المحلل المالي والمصرفي د.طه حسين، شدد في حديثه لـ(السوداني) أمس، على أهمية محاربة بقاء الكرتة لفترات طويلة في مناطق الإنتاج، مشيراً إلى أضرارها الكبيرة على البيئة لجهة استخدام الزئبق، مطالباً بإنهاء أي تخزين للكرتة، لافتاً إلى تأثير الاحتكار في التقليل من الإنتاج للذهب وبالتالي الصادر بما يؤدي لضعف الحصائل والتقليل من حجم الوعاء الزكوي والضرائب التي تؤخذ عيناً بما ينعكس على ضعف الإيرادات في ظل الظروف الحالية.
الخبير الاقتصادي د.عبد الله الرمادي نوه في حديثه لـ(السوداني)أمس، أن الذهب المنتج بالبلاد يقدر بـ250 طناً، وأنه فى حال كان المنتج 200 طن فقط يعني أن عائد الصادر من المفترض أن يصل إلى 8 مليارات دولار، إلا أنه بسبب التهريب تفقد البلاد عوائد كبيرة من النقد الأجنبي.
ويذهب الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديثه لـ(السوداني)أمس، إلى وصف سياسة بنك السودان المركزي السابقة باحتكار الذهب بغير الصحيحة، مشيراً إلى أنها أدت إلى تشجيع التهريب، داعياً إلى إنشاء بورصة للذهب عوضاً عن ذلك حتى يتم التداول من خلالها بأموال حقيقية، مشيراً إلى أنه لا يلزم البنك المركزي أن يضخ أموالاً كبيرة لشراء الذهب خاصة أنه يدخل مشترياً عن طريق إحدى شركات الوساطة المملوكة له لشراء احتياطياته الأمر الذي يؤدي إلى إنهاء التهريب، وأضاف: وجود البورصة لن تكون له أي آثار تضخمية.
ويلجأ معدنون تقليديون وشركات تعدين إلى تهريب الذهب تهرباً من سياسات بنك السودان المركزي بينما يفضل المنتجون تهريب المعدن النفيس للاستفادة من سعر الدولار المرتفع في السوق الموازي. وتعتمد الخرطوم حالياً على الذهب كمورد أساسي لسد العجز في النقد الأجنبي حيث يطمح السودان في أن يحتل المركز الأول إفريقياً في إنتاج الذهب.
صحيفة السوداني.