بعد الإرهاب .. “الهجرة غير الشرعية” ورقة السيسي الجديدة للغرب
بعد سنوات من استغلال رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، ورقة الإرهاب لدى الغرب للترويج لبقائه في الحكم، لجأ إلى ورقة الهجرة غير الشرعية، التي لا تزال تشكل هاجسا لدى غالبية الحكومات اليمينية في دول القارة العجوز، وفقا لمحللين وسياسيين.
ويجري السيسي زيارة إلى النمسا للمشاركة في أعمال المنتدى رفيع المستوى بين أفريقيا وأوروبا لتعزيز الشراكة بينهما، فضلا عن أجندته الخاصة بمسألة الهجرة غير الشرعية، التي شغلت حيزا مهما من لقائه بالمستشار النمساوي سباستيان كورتس.
وأشاد كورتس خلال مؤتمر صحفي بينهما، الاثنين، بدور مصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى أن “مصر والاتحاد الأوروبي كان لديهما مباحثات جيدة ومكثفة للغاية في هذا الأمر، حيث استطاعت مصر منع خروج الكثير من الأشخاص بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، وتدمير خطوط مهربي البشر، وهذا يساعد في إرساء المزيد من الاستقرار في أوروبا”.
بيانات واحدة
وفي معرض استعراض السيسي لجهود مصر في منع الهجرة غير الشرعية، أكد خلال استقباله المجلس رئيس الأوروبي دونالد توسك، ومستشار جمهورية النمسا وسيباستيان كورتز، بالقاهرة، في أيلول/ سبتمبر الماضي، أنه تم بذل جهودا مضنية ساهمت في التصدي لانتقال اللاجئين عبر المتوسط بصفة عامة، خاصة أنه لم تسجل حالة واحدة من مصر منذ عام 2016 وحتى الآن.
وعن طبيعة تلك الجهود التي يؤكدها في كل محفل أو مؤتمر مع مسؤولين أوروبيين، كشف السيسي أنها تتمثل في ضبط حدود مصر البحرية والبرية في ضوء حالة عدم الاستقرار التي يشهدها عدد من دول الجوار المباشر لمصر.
ومن الملاحظ أن بيانات الرئاسة بمصر عن مناقشة السيسي لمسألة الهجرة الشرعية مع الرؤساء والمسؤولين الأوروبيين هي نفسها، ولا تتغير ديباجتها، وبالنصوص ذاتها، وتتكرر في أعقاب كل لقاء وبيان، حيث إن بيان الرئاسة عن استقبال السيسي لرئيس المجلس الأوروبي، ومستشار النمسا في أيلول/ سبتمبر الماضي، هو نفس ديباجة بيان استقبال السيسي لوفد من البرلمان الألماني حرفيا.
السيسي الرابح
وعلق رئيس حزب الفضيلة ومؤسس تيار الأمة، محمود فتحي، بالقول إن “السيسي يعلم منذ البداية ما يرضى عنه الغرب والصهاينة في سبيل البقاء في الحكم، منها بيع مقدرات البلاد، وجعل أهلها شيعا وعبيدا للمنظومة الاقتصادية العالمية، وتقديم ضمانات في ملفات تشكل هاجسا لدى الغرب مثل الهجرة غير الشرعية والإرهاب”.
وأضاف: “لا شك أن الاتحاد الأوروبي لن يعترض على إجرام السيسي في حق الشعب المصري في حالة عدم حصول الغرب على مصالحه، فيبدأ في فتح ملفات الحريات وحقوق الإنسان والعمال والديمقراطية.. الخ، ولكنه طالما يقدم لهم التنازلات التي يريدونها”.
ورأى أن السيسي يتعامل بدهاء ومكر مع الغرب، وليس كما يروج لنفسه بالداخل بأنه ساذج، قائلا: “إن السيسي يصدر لنفسه صورة خارجية تلقى قبولا لدى الغرب بأنه حامي مصالحهم وخادمهم، ولا أحد يستطيع أن يقدم لهم في عقود ما قدمه في سنوات”.
وتابع فتحي: “وفي الداخل، يشغل الناس بصورة الأبله، وهو ما ينطلي على الجميع، بمن فيهم المخضرمون منهم، وهو مثل القطار يتقدم ويقطع مساحات شاسعة في سبيل تثبيت حكمه”.
وجه الغرب القبيح
وقال المحلل السياسي، عبدالحميد قطب، لـ”عربي21″: “في تقديري أن ورقة الهجرة غير الشرعية باتت ورقة رابحة بشكل كبير للسيسي، خاصة أن ورقة الإرهاب ما عادت تنطلي على الغرب، والدليل أنه استغلها في موضوع ريجيني، حيث عقد صفقة مع وزير الداخلية الإيطالي والمحسوب على اليمين المتطرف، بحيث يمنع السيسي الهجرة في مقابل طي صفحة ريجيني، وهو ما أعلن عنه وزير الداخلية الإيطالي أثناء زيارته للقاهرة العام الماضي، وقد نجحت الصفقة لفترة ما”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “ورقة الهجرة سيستغلها السيسي مع دول أخرى لوقت ما، ثم تتراجع كما تراجعت ورقة الإرهاب، لكن في المقابل فإن هذا الأمر يكشف الوجه القبيح للغرب، الذي يقدم مصالحه على الحريات والديمقراطية، ويفضل التعامل مع الأنظمة المستبدة التي تحقق له ما يريد”.
عربي21