سياسية

حوارات الحكومة و مبادراتها .. سيناريوهات متعددة


الحكومة منذ العام 2014م تجري حوارات و مبادرات مع الحركات المسلحة والأحزاب المعارضة من أجل استقرار الأوضاع بالبلاد، إلا أن الراهن السياسي جعل كل مؤسسة تبادر و تطالب بالحوار، و لكن هذه المرة كانت المطالبة للشباب و ليس لحزب أو حركة .. ثمة سؤال تبادرفي الأذهان هل ستحدث الحوارات المطروحة اختراقاً في الأزمة الحالية؟

مبادرة قوش و معتز
مدير جهاز الأمن الفريق أمن صلاح قوش كانت مبادرته إطلاق سراح (186) معتقلاً من الذين تم اعتقالهم في الاحتجاجات الأخيرة، وطبقاً لتقارير إعلاميه فإن قوش أجرى حواراً مع الشباب المعتقلين قبيل إطلاق سراحهم بمقر اعتقالهم، توصلوا من خلاله لتفاهمات حول الأسباب التي دعت الشباب للتظاهر. وأفضى الاجتماع لتكوين لجنة من الشباب المعتقلين لبحث القضايا التي دعت للتظاهر والسعي لحلها عبر النقاش والحوار.
مبادرة قوش تزامنت مع مبادرة رئيس الوزراء معتز موسى لدى مخاطبته ختام مؤتمرات البناء التنظيمي القاعدي لشعب الأساس للحزب بمحلية الخرطوم، مطالباً بمبادرة لحوار وطني شامل بين كل مكوناته السياسية تحت رعاية رئيس الجمهورية، و أن يكون الحوار لإشاعة قيم المودة والتآلف والتراحم وقبول الآخر بين الجميع من أجل الوطن، و أن يكون شعاره يبقى السودان.

أهمية الفكرة
القيادي بالمؤتمر الوطني حسب الله صالح يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن منهج الحوار منهج علمي يتم التوافق حوله من جميع أهل السودان منذ ثلاث سنوات، موضحاً أن الحوار الوطني السابق تمت فيه مناقشة كل قضايا البلاد والتوافق حولها وخلص إلى مخرجات، مشيراً إلى أن البلاد تتعرض لأزمات و حصار اقتصادي منذ 21 عاماً، الأمر الذي نتجت عنه احتجاجات، مضيفاً أنها بدأت مطلبية تتعلق بالوضع الاقتصادي ولذلك الحكومه تبذل الجهود لإرساء قيم الحوار مع كافة أهل السودان والمنظمات و المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار.
وأكد صالح أن نهج الحوار متجذر وأفضى إلى نتائج مرتبة، قاطعاً بمواصلة الحكومة فيه للوصول إلى حلول مرضية للشباب، وأضاف: الحكومة تعمل في ظروف معقدة من خلال الحصار و الوضع الاقتصادي، مؤكداً أن أي خطوط تلاقي بين كل الجهات تفضي لوضع أفضل للبلاد، بالتالي فإن الخط موحد في الدعوة للحوار (الحوار بس).
وشدد صالح على أن الحوار يستطيع حل كافة الأزمات (ما طق حنك)، منوهاً إلى أن كل القضايا الاقتصادية تمضي في ترتيب للمعالجة، مشيراً إلى أن تعدد المطالب للحوار تؤكد وحدة الخط السياسي وانسجام قيادات البلاد، نافياً أن تكون دعوة قوش تتضارب مع مبادرة معتز، موضحاً أن الأمر لن يحدث تضارباً بل يؤكد أن الرؤية واضحة و التنسيق عالي المستوى.

(بندول و مسكن) :
الحوار الوطني الذي انطلق في يناير من العام 2014م، عقب تظاهرات انطلقت بالبلاد في سبتمبر من العام 2013م، الذي قاطعته أعداد من الأحزاب المعارضة منها حزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي، واختتم في العاشر من أكتوبر عام 2016م، وأفضى إلى (994) توصية، ورغم ضعف تنفيذ مخرجات الحوار الأول، الأمر الذي من شأنه أن يكون خصماً على أي مشاريع أخرى للحوار.
ويذهب عضو آلية الحوار الوطني الحركة الشعبية الديمقراطية عبدالعزيز دفع الله في حديثه لـ(السوداني) إلى أن الشباب جزء وقطاع مهم ومحايد عبر عن حاجاته بطريقته، موضحاً أن أي حديث لحوار آخر هو محاولة ترقيع لبعض الأشياء، لأن أجندة الحوار الوطني شملت كل الفئات، مشيراً إلى أن الأزمة تكمن في ضيق آلية التنفيذ و أن المسؤولية تقع على المؤتمر الوطني وحلفائه، قائلاً ليس هناك حوار غير حل المشكلة.
وأوضح عبدالعزيز أن الحكومة إذا كانت جادة في إجراء حوار عليها إعادة الاعتبار للحوار الوطني وإكماله بالحوار الدستوري ووضع الأولويات الحالية لاستكمال قضايا الحريات والسلام و مشاركة الآخرين، فضلاً عن التصدي للازمة الحالية وما ترتب عليها وكذلك تهيئة المناخ للحوار. و أضاف: أي حديث آخر يمكن أن يكون بندولاً أو مسكناً وليس له أي قيمة و أن الحوار الوطني فيه آخر فرصة لتوحيد البلاد، موضحاً أن المطالب في الشارع موجودة في الحوار الوطني لكن الهزيمة كانت في الآليات وضيق الأفق مما دفع البلاد للأزمة الحالية، مؤكداً على أن الحفاظ على الحوار الوطني يعطي اعتبار للدولة السودانية.

مع من نتحاور؟
معظم مؤسسات الدولة وحتى رئاسة الجمهورية تتطالب و تدعو للحوار لإيجاد حلول للأزمة الحالية التي نتجت عنها احتجاجات، الدعوة للحوار ربما تعد خصماً على الحوار الوطني وربما تخترق جدار الأزمة الحالية، وأيضاً ربما تحدث تضارب وتصبح بلا جدوى. والنائب البرلماني المهندس الطيب مصطفى ابتدر حديثه لـ(السوداني) متسائلاً عن مع من ستجري الحكومة الحوار ؟ مع من يمثل هؤلاء الشباب أم الذين سطو على الحراك من القوى السياسية من اليسار العريض ؟، موضحاً أن الأمر قد يكون له تأثير.
و أشار مصطفى إلى أن الشباب لم يفوض شخصيات و لم يشكل تنظيماً يعبر عنه وإذا أرادت الحكومة التحاور مع من تتحاور أي مع أي مجموعة، مضيفاً أن الشباب في الشارع ليس مسيساً و ليس له تنظيم للتفاوض معه، منوهاً إلى أن الحوار إذا كان مع قوى سياسية هذا أمر آخر. وأضاف: لا جدوى من الحوار ما لم ينظم مع جهات مثلاً نقابة الأطباء التي تتبع للحزب الشيوعي، منوهاً إلى أن الحوار إذا كان مع تجمع المهنيين يجب أن تصرح الحكومة بذلك ولا تقول الشباب، لأن التنظيمات السياسية المنظمة التي تدير الشباب هم المهنيون التابعون للشيوعيين.
منوهاً إلى أن الحكومة لها الحق في التفاوض مع أي جهة أخرى في إطار مخرجات الحوار الوطني و لا تتعارض معها لأن الذين وضعوا مخرجاته سيتعرضون لأي تعديلات تجري وراء ظهورهم.

صحيفة السوداني.