اقتصاد وأعمال

فجوة بين حسابات المركزي والمالية التعدي على المال العام… سرطان ينهش الاقتصاد


ظلت قضايا المال العام، يكثر حولها الحديث بضرورة حسم التعدي عليها وولاية وزارة المالية، وما كشفت عنه لجنة الحسابات والمظالم العامة بالبرلمان السوداني عن وجود “273” شركة حكومية لا تورد أرباحاً وليست لديها حسابات ختامية من بين “300” شركة، ما أحدث فجوة بين حسابات البنك المركزي ووزارة المالية وعدم تطابقها في عمليات الصرف فضلاً عن إجراء عملية الإيداع داخل البنك المركزي وجود تباين بين الموجودات والمصروفات بعد مقارنتهما لم يكن بالجديد.

فقد سبق أن أعلن المراجع العام في تقريره السنوي للعام 2017م أن ديوان الضرائب عمل على عدم توريد مبلغ 12,3 مليون جنيه للخزينة العامة وحفظها في حساب يخص الديوان، كشف المراجع العام عن اختلاف كبير بين ما أظهرته عائدات الاستثمار المشترك وفق الحسابات الختامية، والأداء الفعلي، موضحاً أن الحسابات الختامية أظهرت مبلغ 301 مليون جنيه، بينما الأداء الفعلي حسب المراجعة لم يتجاوز 40 مليوناً، لافتاً لوجود فرق يصل إلى 261 مليون جنيه، إيرادات لا تخص الاستثمار المشترك، كاشفاً عن عدم وضع نسب إيراداية لـ 8 شركات، من أصل 20 شركة تابعة للاستثمار المشترك. موضحاً أن التحصيل تم فقط من شركتين من أصل 12 شركة كان يجب تحصيل إيرادات منها. مشيراً لوجود 3061 شركة مجهولة لم يستطع المراجع العام الوصول إليها.

عقوبات المركزي

وسبق أن أصدر بنك السودان المركزي في أغسطس الماضي منشوراً عممه على المصارف ألزم بموجبه قفل حسابات الهيئات والمؤسسات والوحدات الحكومية بالعملات الأجنبية والمحلية لدى جميع المصارف التجارية داخل السودان وخارجه وإيداع جميع أرصدتها لدى المركزي. وهدد باتخاذ عقوبات وفق القوانين واللوائح حال لم يتم الالتزام بهذا التوجيه، واستبشر اقتصاديون خيرًا بالقرار بأنه هام وجيد يؤدي إلى إعادة الحساب الموحد للخزينة العامة ببنك السودان وقفل وقطع الطرق أمام التجنيب، الذي يعتبر أساس الفساد والفوضى المالية والأزمة الاقتصادية.

وتشير تقديرات البنك الدولى إلى ن حجم الأموال التي فقدتها البلاد جراء التجنيب بأكثر من 50 مليار دولار ، فيما قدّرها اقتصاديون سودانيون بحوالي 73 مليار دولار في العام 2017م.

مشكلة مزمنة

ويصف وزير الدولة بوزارة المالية الأسبق، دكتور عز الدين إبراهيم لـ(الصيحة) أن الشركات الحكومية التي لا تورد حساباتها لدى وزارة المالية بالمشكلة المزمنة وأن المراجع القومي ظل يصرح بذلك، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات ضد هذه الشركات، فضلاً عن إعادة النظر فيها والغرض الذي من أجله أنشأت الوزارات هذه الشركات.

وكشف أن بعض الوزارات قامت بإنشاء شركات دون الرجوع لوزارة المالية، وأضاف أن الشركات الحكومية تحتاج إلى قرار من قبل مجلس الوزراء لجهة أن عدم الشفافية يسبب الظن، وهذا غير جيد، داعياً الحكومة إلى الاطلاع على الشركات والغرض من إنشائها، مؤكداً أن معظمها يعمل إعاشة فقط، ولا تورد شيئاً لوزارة المالية بل إن وزارة المالية تدعم هذه الشركات في حال عجزت عن تغطية مصروفاتها، وزاد “القطاع العام عاوز إعادة نظر ونظرة واقعية فالشعب في ضيق شديد لا يمكن أن يعيش الناس على حسابه بدون عمل”.

فروقات أرقام

ويرى الخبير الاقتصادي دكتور الفاتح إبراهيم لـ(الصيحة)، أن هنالك فرقاً بين حساب مصرفي موجود في بنك السودان المركزي وبين الحسابات التي تقدمها الشركات لوزارة المالية، وقال: توجد عدة تقديرات دائماً لوجود مفارقة في الأرقام لاعتبار أن الحسابات التي تقدمها الشركات لوزارة المالية في العادة هي بعد خصم الالتزامات التي على الشركات للدائنين بمعنى أن الحسابات التي تقدمها الشركات لوزارة المالية تعبر عن الموقف المالي للشركات بينما أرقام الحسابات المصرفية لدى بنك السودان تفيد عن أوضاع السيولة لدى الشركات، لكنه لا يعبر عن موقفها المالي لجهة أن هذه الشركات تكون لديها التزامات لم يتم تضمينها، وأن معظمها لديه تحويلات لجهات معينة لم تستوفِ هذه الشركات أموالها بعد، مشيرًا إلى وجود ظاهرة في عدم ذكر حقيقة مدخرات الشركات، وأضاف أن كثيرا منها تقدم لوزارة المالية أرقاماً غير سليمة عن حقيقة دخلها السنوي، لذلك تم إلزامها بفتح حساباتها في بنك السودان فقط لمزيد من الرقابة وإحكامها على هذه الحسابات، لافتًا إلى أن وزارة المالية أحست بوجود خلل ومفارقة بين الأرقام الحقيقية وما تم توريده للمالية في معظم الوحدات الحكومية، ما اضطر بنك السودان المركزي لتنفيذ حملة لقفل جميح حسابات شركات الوحدات الحكومية في جميع المصارف عدا البنك المركزي.

الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة.