اقتصاد وأعمال

الدولار يتراجع إمبراطورية الموازي.. الطوارئ تربك السوق


حالة من الارتباك سادت في السوق الموازي في أول يوم لإعلان أربعة أوامر للطوارئ بينها أمر خاص بتنظيم النقد الأجنبي ليتراجع سعر الصرف للدولار إلى 61 جنيها عوضا عن 65 جنيها خلال أمس الأول، فهل ستنجح أوامر الطوارئ تلك في إنهاء امبراطورية السوق الموازي للدولار والعملات الأجنبية؟

نص الطوارئ
الرئيس البشير أصدر (5) أوامر طوارئ، تتعلق بتفويض سلطات ومنح حصانات، وحظر التجمهر والتجمع والمواكب والإضراب وتعطيل المرافق العامة، فضلاً عن حظر توزيع وتخزين وبيع ونقل المحروقات والسلع المدعومة خارج القنوات الرسمية، بالإضافة إلى تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي وتحديد ضوابط خروج النقد والذهب عبر الموانئء والمعابر، وحظر بموجبه التعامل بالنقد الأجنبي بيعاً أو شراءً خارج القنوات الرسمية بجانب حظر حمل أكثر من (ثلاثة الآف دولار) أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى لأي شخص مسافر عبر أي ميناء جوي أو بحري أو أي معبر بري إضافة لحظر حمل وحيازة ما يزيد عن 150 غرام ذهب مشغول لأي مسافر خارج السودان عبر أي من الموانئ إضافة إلى حظر حمل أو حيازة أو تخزين أي كمية من الذهب الخام أيّا كان شكله من غير المرخص لهم بالتصنيع أو التصدير، وأكد أنه يجب على كل من يحمل أو يحوز أي ذهب خام أيّا كان شكله أن يلتزم بالضوابط الصادرة من السلطات المختصة والتي تحدد ضوابط نقل الذهب من منطقة إلى أخرى أو التعامل فيه ونص الأمر على أن كل من يرتكب أو يشارك أو يعاون أو يسهّل أو يسمح بارتكاب أيّ من الأفعال المحظورة.
بموجب هذا الأمر يعاقب بالإضافة لأي عقوبات منصوص عليها في أي قانون آخر بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات والغرامة وبمصادرة العملة سواء كانت سودانية أو أجنبية والذهب الخام والمشغول الذي تم ضبطه بالمخالفة لهذا الأمر إلى جانب مصادرة أي وسيلة تم استخدامها في ارتكاب الفعل المحظور.

اليوم الأول
وفي أول يوم بعد إعلان الأوامر سادت حالة من الحذر في السوق الموازي. ويقول متعاملون مع السوق الموازي إن حركة أسعار الصرف بعد أوامر الطوارئ شهدت اضطرابا، مبدين تخوفهم من المرحلة القادمة خاصة أن الكثيرين تعنيهم الإجراءات الخاصة بتنظيم النقد الأجنبي، مشيرين إلى أن الأوامر الخاصة بالنقد الأجنبي انعكست على تراجع سعر الدولار إلى 61 جنيها عوضا عن 65 جنيها خلال اليومين الماضيين.
وتوقع متعامل – فضل حجب اسمه – لـ(السوداني) أمس، انخفاض أسعار الدولار إلى أكثر مما هي عليه حاليا، مشيرا إلى أن سعر الدولار عبر الشيك تراجع أيضا من 80 إلى 69 جنيها وسط ضعف الطلب، بينما انخفض سعر الريال إلى 14.5 من 18 جنيها وعن طريق الشيك من 21 إلى 16.5 جنيه.

التزام الأجهزة الرقابية
ويرى الخبير المصرفي د.عبد الرحمن أبوشورة في حديثه لـ (السوداني) أن نجاح أوامر الطوارئ الخاصة بالنقد الأجنبي رهين بمدى التزام الأجهزة الرقابية بأداء وظيفتها وإنفاذ تلك الأوامر. مبديا استغرابه لعدم شمول الأوامر لإلزام واضح للمصدرين والمصارف بتوريد الحصائل في وقتها. مشيرا إلى أن الدولار من الحصائل يتم تداوله في السوق الموازي ليدخل الخزانة بعد عدة شهور. مشددا على ضرورة اتباع الأوامر بمنشور يلزم المصدرين بتوريد الحصائل، وأضاف: من ضمن طرق تهريب العمله الأجنبية أيضا زيادة قيمة فواتير الاستيراد بغير سعرها الحقيقي، ولا بد من الضغط على البنوك لمتابعة عملية الصادر والوارد وإلزامها بذلك. منوها إلى أن معظم الإشكالات التي حدثت في فورمات الاستيراد ترجع لعدم التزام البنوك، داعيا لإيقاف شراء الأجانب للمحاصيل الزراعية في البورصات الخاصة بذلك في الولايات.

فشل الآلية
وأكد أبوشورة أن تحديد حمل 3 آلاف دولار في حالة السفر للخارج و150 غراماً من الذهب معقول جداً، وأضاف: من الممكن أن يذهب المرضى أو من يحتاجون لمبالغ أكثر من ذلك للحصول على إذن بزيادة المبلغ من بنك السودان المركزي، ووصف آلية صناع السوق بالفاشلة. مشيرا إلى أنه لا قيمة لها، وقال: لا يوجد جرأة أو تفكير خلاق فيها وإنما عمل موظفين فقط كما أنه لم تجر أي دراسات في السوق بكمية العرض والطلب على النقد الأجنبي في السوق، داعيا إلى إعادة النظر في استدانة الحكومة من بنك السودان المركزي، مرجعا ارتفاع أسعار الدولار والسلع إلى زيادة الاستدانة التي بلغت حتى نهاية العام قبل الماضي 102 مليار جنيه، مما أدى إلى زيادة معدل التضخم.
وأكد أهمية السيطرة على التضخم قبل أي سياسة للإصلاح، متوقعا أن يسهم تخفيض الدولار الجمركي إلى 15 جنيها في زيادة الاستيراد ما ينعكس سلبا في زيادة الطلب على الدولار من قبل المستوردين وبالتالي ارتفاع الدولار ولا بد من تحديد سعر صرف واحد في كل الاقتصاد، مشيرا إلى أنه من الممكن تغيير التعرفة الجمركية بدلا عن تغيير سعر الدولار الجمركي.

العملة بالخارج
المحلل المصرفي محمد عبد العزيز استبعد في حديثه لـ(السوداني) نجاح أوامر الطوارئ الخاصة بالنقد الأجنبي في الحد من تجارة العملة باعتبار أنها تنشط في الخارج في بعض الدول، مشيرا إلى أنها لم تحمل أي شيء جديد بغير تحديد العقوبات خاصة أن تحديد مبلغ 3 آلاف دولار كان موجوداً في السابق، وقال إن القانون العالمي يحدد 10 آلاف يورو يحملها المسافر ولكن لكل دولة طريقتها في تحديد مبلغ معين يحمله المسافر خارج دولته.
ويذهب المصرفي عثمان التوم في حديثه لـ(السوداني) إلى إمكانية نجاح أوامر النقد الأجنبي في الحد من الطلب على العملات الأجنبية من المسافرين خاصة بعد تحديد مبلغ 3 آلاف دولار للمسافر، وأضاف: القوانين الرادعة تجعل أن من يرتكب المخالفات في النقد الأجنبي يفكر أكثر من مرة قبل اللجوء لذلك كما أن تحديد مبلغ 3 آلاف دولار يسهم في ترشيد النقد للمسافر وصرفه في الأولويات، مشيرا إلى أن الخطوة تساعد في توجيه بيع النقد الأجنبي للقنوات الرسمية، الصرافات والبنوك، مؤكدا أن الإجراء فيما يتعلق بالذهب أيضاً أغلق أي ممارسات يمكن أن تحدث بحمل أكثر من 150 غراماً من الذهب وبيعها في الخارج والتلاعب بالقرار الخاص بتحديد 3 آلاف دولار للمسافر، مشيرا إلى أن المشكلة أكبر في الذهب الذي يهرب بغير القنوات الرسمية.

الخرطوم: الطيب علي
صحيفة السوداني.