سياسية

الإمدادات الطبية.. ماذا بعد جمال خلف الله؟


رئيس مجلس الوزراء القومي محمد طاهر إيلا واصل سلسلة قراراته وإجراءاته التنظيمية والسياسية لإصلاح الوضع الاقتصادي، مصدرا العديد من قرارات الإقالات لوزراء ومديرين لمؤسسات حكومية قبل أن يردفها بقرار إعفاء المدير العام للصندوق القومي للإمدادات الطبية د.جمال الدين خلف الله محمد علي. استفهامات عدة تكتنف الساحة على خلفية الجدل المثار حيال أسباب إقالة خلف الله أم أنه استقال بمحض إرادته؟ ولماذا ظل صندوق الإمدادات مركزا لعدم الاستقرار؟

إقالة أم استقالة؟
مصدر مقرب من المدير السابق د.جمال خلف الله أكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن جمال خلف الله قدم استقالته لوزير الصحة الاتحادي د.الصادق محجوب الطيب، وبررها بأسباب خاصة لم يفصح عنها، وأضاف المصدر: لكن يبدو أن وزير الصحة تأخر عن رفع الاستقالة لرئيس مجلس الوزراء، فكان قرار الإقالة.
بغض النظر عن طبيعة الخطوة إقالة أم استقالة؟! ألا أن كثيرين يرون أن خلف الله يعد من الكوادر المؤهلة التي أدارت الصندوق لفترة طويلة نسبيا، وبحسب المتوفر من سيرته الذاتية فإن جمال من مواليد 1964م، تخرج في كلية الصيدلة جامعة الخرطوم العام 1992م وحصل على شهادة عليا في الإدارة والاستخدام الرشيد للدواء من جامعة روبرت غوردن بالمملكة المتحدة في العام 1997م قبل أن ينال شهادة الماجستير في الخدمات الصيدلانية وضبط الأدوية بدرجة الامتياز من جامعة برادفورد بالمملكة المتحدة في العام 2000م ثم حصل على دبلوم عالٍ في اقتصاديات الصحة من جامعة الخرطوم في العام 2004م ودبلوم عالٍ آخر في البحث العلمي من جامعة نوتنغهام ترنت بالمملكة المتحدة في العام 2005م، وكذلك نال درجة الدكتوراه في التمويل الدوائي من جامعة نوتنغهام ترنت بالمملكة المتحدة عام 2006م.
عمليا الرجل تبدو سيرته مترعة بالخبرة فكان مديرا للإمداد الدوائي بولاية بحر الغزال 1992م حتى أبريل 1994م، ثم مديرا لمشروع الدواء الدائري ولاية الخرطوم 1994م حتى ديسمبر 2001م، منتقلا منها إلى مدير إدارة الصيدلة والإمداد الدوائي ولاية الخرطوم 2001م حتى نوفمبر 2002م، ثم مدير إدارة التخطيط والخدمات الصيدلانية وزارة الصحة الاتحادية 2003م حتى ديسمبر 2003م. بيد أن النقلة الكبيرة في مسيرته المهنية جاءت لدى تعيينه أمينا عاما للمجلس القومي للأدوية والسموم 2007م – 2010م، ثم مدير عام الصندوق القومي للإمدادات الطبية منذ 2010م حتى تاريخ إقالته.
وطبقا لرصد (السوداني) فإن إدارة الصندوق أو رئاسته تسلمها (14) مديرا منذ تأسيسه و(7) منذ مجيء الإنقاذ في 1989م.
واستبق جمال في منصب المدير د.محمد الأمين الصديق الطيب من سبتمبر 2009م وحتى سبتمبر 2010م وقبله لواء شرطة (م) صيدلي د.عبد الله محمد الحسن 2007م وحتى 2009م، واستبقه د.محمد المهدي مندور في الفترة من 2001م حتى 2007م، وقبله د.بابكر عبد السلام 1990 – 2001م، وقبله د.حسن عبد الوهاب 1989 – 1990م، وقبله د.عبد الرحمن الرشيد 1981 – 1989، وقبله د.حمدي صالح قباني1981م، واستبقه د.كمال محمد مدني 9721 – 1981م، وقبله أ.د.عبد الحميد إبراهيم 1969 – 1972م، د.إبراهيم أحمد حسين 1965 – 1969م، فضلا عن د.عبد العزيز نقد 1963 – 1965م، وكذلك د.علي النور1963م، وأخيرا د.الهادي النقر1957 – 1963م.

سر الأزمات
وطبقا لذات المصدر، فإن قطاع الصحة يعرف بالصراعات التي ألقت بظلالها على الإمدادات الطبية بحكم أنها جزء أصيل من الوزارة لذلك لا بد من أن تكون هناك مشكلات. مشيرا إلى أن الصندوق قام بتأسيسه الإنجليز عام 1935م ليكون مخزوناً استراتيجياً للأمصال والأدوية المنقذة للحياة ومعظمها تستخدم في أقسام الطوارئ والحوادث، لكن بعد الإنجليز تحولت الإمدادات الطبية بحسب المصدر إلى هيئة تجارية وصندوق تجاري. وأضاف: من الطبيعي أن تكون في التجارة صراعات، وأضاف: إقالة مدير وتعيين آخر ليس حلا للقضية وإنما يجب تغيير قانون الإمدادات وأن تعود الإمدادات الطبية كما كانت بمهامها الاستراتيجية السابقة التي أنشئت من أجلها، منوها إلى أن هناك عددا من المديرين مروا على الإمدادات الطبية. معتبرا أن أكثرهم عطاء هو د.جمال الدين خلف الله.
وأكد المصدر أن هناك عددا من المديرين المرشحين لإدارة الصندوق العام للإمدادات الطبية ومن أبرزهم (د.منال الطاهر، ود.حسن بشير، وأيضا من المرشحين د.شيخ الدين)، وسوف توضح النتيجة في مقبل الأيام القادمة.

إحلال وإبدال
وأكد مدير شركة علقم للأدوية والسموم نزار محمد أحمد في حديثه لـ(السوداني) أنه لا توجد مبررات لإعفاء مدير عام الصندوق القومي للإمدادات الطبية، ولكن جمال الدين خلف الله في الفترة التي عمل فيه كانت الإمدادات حدثت لها قفزة نوعية من الجودة والتنظيم، وكانت لديه رؤية ورسالة واضحة و(كان في شغل). وقال أحمد إن “اللبس الذي حدث في الإمدادات لن نقدرعلى الإفتاء فيه نحن كعملاء ولكن هناك تركيز على الجودة والخطوات واضحة منذ دخولك للإمدادات إلى خروجك، وهناك مشكلة في الأدوية ولكن لا نعلم ما هي الأسباب، وهل هي من الإمدادات أم أن هناك جهات”، وأشار إلى أن الإمدادات الطبية دائماً غير مستقرة، مبرراً ذلك لأنها حساسة وهي الجهة المسموح لها بإدخال واستيراد الدواء ويدخل فيه العمل الحكومي والخاص، وقال إن الإمدادات الطبية مقصودة ومرصودة من جهات، وأضاف أن كثرة تغيير المدير في كل مرة يؤثر على السياسات والقرارات التي يصدرها المدير نفسه وكثرة التغيير وعملية الإحلال والإبدال تجعل الإمدادات لديها كل مرة سياسة مختلفة ثؤثر في استقرارها، سياستها في الإنتاج وغيرها.
أمين عام جمعية حماية المستهلك د.ياسر ميرغني كان مختصراً في حديثه لـ(السوداني) أمس، قاطعا بأن حل مشكلة الدواء في السودان ترتبط ارتباطا مباشرا بتوفير الدولار المطلوب لاستيراد كل أنواع الأدوية التي تحتاجها إليها البلاد، وأضاف: إذا عجزت الحكومة عن توفير سلعة مرتبطة بحياة المواطنين فعليها أن تذهب غير مأسوف عليها.

الخرطوم: ساجدة دفع الله

صحيفة السوداني