واشنطن بوست: لماذا قادت النساء انتفاضة السودان؟
يفسر مقال نشرته واشنطن بوست اليوم غلبة مشاركة النساء في الاحتجاجات السودانية، بالدور الذي تلعبه المرأة في مجتمعها، وهناك أسباب خاصة ومنها القمع الشرس في ظل حكم الرئيس السابق عمر حسن البشير والمصاعب الاقتصادية التي عانينها.
وأشار مقال نصر الدين عبد الباري الباحث بمركز القانون بجامعة جورج تاون الأميركية إلى هيمنة النساء على الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالبشير (حوالي ثلثي المحتجين تقريبا) وإلى أن صورهن أصبحت شعارات للانتفاضة.
وأوضح أن ذلك يعود لسبب عام ينبع من دور المرأة بالمجتمع. لكن هناك أسبابا خاصة أيضا مثل القمع الشرس الذي تعرضت له النساء في ظل حكم البشير، وكذلك المصاعب التي شعرن بها مع تدهور الاقتصاد.
كنداكات
وقال الباحث إن المرأة لعبت طوال تاريخ السودان دورا رئيسيا في المجتمع. ففي الممالك النوبية القديمة كانت النساء ملكات وأمهات، ويشار للواحدة منهن باسم “كنداكة” أي القوية.
وفي منطقة دارفور حيث يطلق على المبرزات من النساء لقب “ميرم” كانت المرأة تلعب دورا أكبر من دور رصيفاتها في المناطق الأخرى، إذ كن يكتبن القصائد الشعرية التي تعلي من شأن القيم الاجتماعية التي يتوارثها السكان جيلا عن جيل مثل الشجاعة أوقات الحرب والسخاء أوقات السلم والمساهمة النشطة في الشأن الاجتماعي العام والقضايا السياسية. وقد ساعد هذا التقليد في إعطاء القوة لقادة الانتفاضة الحالية وإلهامهم، كما يقول الكاتب.
ويعود عبد الباري ليقول إن الدافع الأقوى ربما يكون هو القمع الذي تعرضت له النساء، خاصة الشابات في الخرطوم وغيرها من المدن الكبرى، في ظل حكم البشير. فبموجب أحكام قانون النظام العام -الذي تم إقراره عام 1992 وتم تعديله عام 1996- تعرضت النساء للاحتجاز والضرب والسجن لارتدائهن ما يُرى أنه ملابس غير لائقة، مثل البنطلون أو التنانير القصيرة، والخروج مع الرجال، أو عدم تغطية شعرهن في الأماكن العامة.
ويضيف عبد الباري أن النساء في المجتمعات الفقيرة هن أكثر ضحايا هذا القانون، ومنهن بائعات للشاي والطعام. فقد جاءت كثيرات منهن إلى المدن الكبرى فرارا من مناطق الحروب.
وفي مناطق النزاع خارج الخرطوم -يقول الكاتب- كان قمع الحكومة للنساء أشد، حيث إن معظم انتهاكات حقوق الإنسان بهذه المناطق ارتكبت ضد النساء وأطفالهن. فقد تعرضن للعنف الجنسي على أيدي القوات الحكومية أو المليشيات التي تدعمها الحكومة، وطُردن من ديارهن وأصبحن يعشن الآن في ظروف بائسة في مخيمات النازحين داخليا في دارفور وأماكن أخرى. ولهذا السبب انضم النازحون ومعظمهم من النساء إلى المظاهرات لدعم الانتفاضة.
ويذكر الكاتب أنه -وأثناء مشاركتهن في الاحتجاجات- تم استهداف النساء بشكل خاص من قبل قوات الأمن والمليشيات التابعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، مضيفا أن مشاركتهن كانت بحد ذاتها تشعر قوات الأمن بالإهانة.
أكثر معايشة للمصاعب
ويوضح أن المصاعب الاقتصادية تدفع النساء إلى لعب دور قيادي في الاحتجاجات لأنهن يتحملن معظم العبء في الحفاظ على الموارد المالية اليومية لعائلاتهن، ويعلمن أن الاقتصاد يتعثر في ظل الفساد المستشري، ويشعرن أكثر من غيرهن بازدياد صعوبة الحياة وشدتها.
ويمكن للأبناء والإخوان والأزواج مغادرة البلاد للعمل في الخارج -يقول الكاتب- وتذهب معظم فرص العمل إلى مؤيدي حزب المؤتمر الوطني الحاكم أو لمن لديهم أقارب في مناصب قوية بالحكومة. ومع مباشرة النساء رعاية أسرهن، طورن شعورا قويا بالالتزام بتحدي الحكومة التي تسببت في معاناتهن.
واشنطن بوست