رأي ومقالات

التغيير في السودان .. خيارات دول الإقليم

منذ الحادي عشر من ابريل ؛ وتسارع الأحداث بالسودان ظللت أعتقد ان واحدة من مفاتيح قرأءة المشهد الداخلي بالسودان ترتبط ولو بدرجات متفاوتة بين يوم وتال له وموقف واخر وحدث وتصريح بخيوط خارجية ومؤثرات بعضها مباشر وبعضها غير مباشر ؛ الاول صريح الحضور والاخر يرتب حاله ام لم يكن بالتواصل المباشر ففي الحد الأدنى تأمين مصالحه او الحفاظ على الوضع في جزئية (كما هو) والشاهد انه في حين ان دولا مثل مصر والإمارات والسعودية قد ظهرت بشكل صريح وعلني اثناء التغيير وبعده ؛ زيارات متبادلة ثم إعلان دعم فك ربما للمرة الأولى مغاليق سخاء تلك الدول (اموالا ومعونات ) للخرطوم فقد وقفت تركيا وقطر في خانة المراقب ؛ ويمكن بشكل اكثر تفسيرا القول أنها تعاملت ببرود لافت وهو ما يعني ان تصنيف نظام الإنقاذ كحليف قول فيه ضعف او بتعليل اعمق فإن الاسلاميين المزال عرشهم ليسوا من قائمة المرضي عنهم وربما سبب ذلك تقديرات او استخلاصات قطعت بأن السودان أقرب لمحور دول المقاطعة او ان نقاطه في حصالة ذاك الحلف اكثر من تلك المرسلة على فترات متقاطعة لصندوق الدوحة وأنقرا ؛

السودان نظريا كان يدعي الحياد لكنه عمليا وبمواقف سياسية وعسكرية كان منحازا ويبدو ان تركيا في مرحلة ما اكتفت بنهج (win_win) المقتصر على التحيات الطيبات المقتصر على ظاهر صلات زيارات عابرة متبادلة للرئيسين فيما كانت قطر كذلك متوقفة في وضعية (شيل الفاتحة) وحديث الخير والإيمان لذا وعندما سقط البشير او تم الإنقلاب عليه كانت مواقف الدولتين اشد فتورا من تحركهما حينما نشبت ازمة بين الحكومة الصومالية وبرلمانها الإقليمي اذ زارت شخصيات بارزة مقديشو ووصل الدوحة وانقرا جيش من الرموز الصومالية وتم بشكل عاجل إحتواء ازمة كادت ان تطيح بالرئيس الصومالي (فيرماجو) فيما وعندما خلع (البشير) تلاحظ صمت تركيا واكتفت قطر بتأكيد دعمها لنقل السلطة الى المدنيين في الإعتصام وهي قراءة صحيحة منها لان مساحة تحركها في صف المجلس العسكري الإنتقالي تبدو معدومة نظرا لاسباب مفهومة.

قراءة المواقف الاقليمية (إفريقيا) كذلك حساباتها تبدو في مرحلة السكون الحذر ؛ ورغم ان ظاهر النص وربطا بمواقف ابو ظبي والرياض وهما عاصمتين تلونا الان القرن الافريقي وشرق القارة بطلاء موحد إلا ان في تقديرات اديس ابابا واسمرا رؤي تتعلق بالدولتين قد تختلف عن الدعم المطلق ولو بتضاد مع الارادة الاكبر للحلف العربي في المنطقة ؛ بالنسبة لاثيوبيا فقيام نظام سياسي وحاكم بالخرطوم غير متوافق مع التعقيدات الداخلية لاثيوبيا حاليا يشكل هاجس مزعج وهي تواجه مرحلة إنتخابات وسط احتقان اثني وقبلي كان الترتيب فيه مع الحكومة السودانية القديمة يقوم على تحييد قومية التقراي بحثها ونظرا لارتباطاتها التاريخية مع النظام الحاكم بقيادة البشير فقد كان المأمول ان تقبل بالتهدئة مع سيطرة السودان على اي توجهات من الحرس الاثيوبي القديم لتكرار تجربة جعل حدود اثيوبيا الغربية حاضنة لدعم انفصال الاقليم الاثيوبي الشمالي او جزء منه وهو الوضع الذي لا يمكن السيطرة على اتجاهاته .

فالحكام الجدد عسكريين او مدنيين _ان منحوا السلطة_ لا تبدو ان لهم اليات تواصل عميقة ترتب ملفات الجوار والتعاون السياسي والامني مع اثيوبيا خاصة في ظل تكبيل جهاز الامن والمخابرات السوداني واخراجه عن ميدان القرار ولو في ملفات خارجية وظرف اثيوبيا لا يحتمل انتظار عام او عامين حتى العبور الى حكومة سودانية وشخصيات يمكن التفاهم معها ؛

هذا بخلاف توجسات من اشكاليات تقلبات البنية الداخلية للنظام القديم التي قد تغير كل الجلد الخاص بالطاقم الفني لملف المياه وقد يحدث هذا تبعا لرؤية التغيير الثوري تبديلات في الاطر النظرية لمواقف السودان حيال سد النهضة وربما إستدعاء فرق تفاوض للملف يعيدون تفكيك استراتجية التقدير والمواقف بما ينسف كل القديم الذي اتفق عليه في ظرف انتكاسة عامة لمشاورات المياه بسبب التغيير الذي تم في اثيوبيا نفسها فإن كانت قد تاثرت رؤيتها وهي التي حدث فيها الانتقال من رئيس وزراء الى اخر بنسق سلمي فقطعا ونظرا لشكل التغيير الجاري بالسودان فإن كل الاوراق القديمة ان لم تلغي فهي ستكون تحت الفحص والتعديل المؤكد
ساجتهد في بحث الموقف الارتيري في بوست مقبل ؛ وتقديري ان اسمرا اشد ورطة وحيرة بشان ما جرى فهي وان شكرت الله لمغادرة البشير فهي ليست سعيدة بتراجع او انهاء دور لبعض حلفاءها من شركاء النظام بالخرطوم وفي الوقت نفسه لن تكون سعيدة بعودة بعض الفصائل التي كرهتها ابان فترة التجمع الوطني المعارض لتكون هي سيدة الساحة السودانية.

بقلم
محمد حامد جمعة
فيسبوك