فضل عشر ذي الحجة وأحب الأعمال فيها
يبدأ شهر ذي الحجة أخيرًا ليحمل فرصة عظيمة لجميع المسلمين حول العالم لاغتنامها في فعل الخيرات والطاعات، حيث إن كثيراً من المفسرين ربطوا بين فضل عشر ذي الحجة وقول الله تعالى “والفجر وليالٍ عشر”، حيث أكدوا أن هذه الليالي هي العشر من ذي الحجة، والتي يتعلق بها العديد من الأحكام والآداب والفضائل.
ومن الأعمال التي يُستحب للمسلم أن يحرص عليها لينعم بـ فضل عشر ذي الحجة ما يلي:
1- أداء مناسك الحج والعمرة.
وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
2- الصيام:
وهو من الأعمال المستحبة للفوز بـ فضل عشر ذي الحجة وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده).
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.
3- الصلاة:
وهي من أجلّ الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلًا، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه)، فيجب أن يكون المسلم حريصاً على الصلاة في وقتها والإكثار من النوافل للظفر بـ فضل عشر ذي الحجة.
4- الذكر
ومن أفضل الذكر للظفر بـ فضل عشر ذي الحجة التحميد والتهليل والذكر، فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد).
ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.
5- الصدقة:
وهي من الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام وذلك للفوز بثواب و فضل العشر من ذي الحجة، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون)، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال).
أفضل الأعمال في ذي الحجة
وفي وقت سابق، تحدث عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق، عن فضل عشر ذي الحجة حيث أكد أن: عشر ذي الحجة من المحطات الإيمانية التي يتوقف عندها المسلم ليتخفّف من ذنوبه، ويتزوّد من الخير والأجر أوفر الحظِّ والنصيب.
وأضاف الشيخ المطلق أن المسلم في هذه الأيام يسابق إلى مغفرة من ربه وجنة عرضها كعرض السماء والأرض، بكثرة الطاعات من محافظة على الفرائض، واستكثارٍ من النوافل والقُرَب.
وفي شأن أفضل الأعمال في العشر من ذي الحجة أكد إمام وخطيب مسجد قباء، الشيخ صالح بن عواد المغامسي، في دروس دينية سابقة له، أنه بالنسبة إلى أفضل الأعمال في العشر من ذي الحجة كثيرة.
ولفت إلى أن أفضل الأعمال في العشر من ذي الحجة، صلة الرحم وزيارة المحب والإحسان إلى الفقراء وإغاثة الملهوف وكثرة ذكر الله، وهي أعظم الأشياء.
وقال المغامسي “قال صلى الله عليه وسلم: ما من أيّام العملُ الصالح فيهنَّ أحبّ إلى الله من هذِه العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسِه وماله فلم يرجِع من ذلك بشيء، هنا ينيخ المرء مطاياه، فثمة فوائد لا تحصى”.
وأوضح أن أولها أن الصحابة عندما قالوا: “ولا الجهاد في سبيل الله” يدل ظاهرًا على أنه استقر في أذهانهم فضيلة الجهاد في سبيل الله، وإلا لم يوردوا هذا الإشكال، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر تلك العشر الأيام قال: ولا الجهاد في سبيل الله، ثم استدرك صلوات الله وسلام عليه فقال: “إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء” هذا أمر.
أما الأمر الثاني فأوضح المغامسي “قوله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيهن، نلحظ أن الله جلَّ وعلا لم يحدد عبادة معروفة في هذه الأيام حتى يكون الفضل ليس في العبادة، إنما الفضل في اليوم، فتصبح هذه الأيام وعاء لكل عمل صالح. وعظمة هذه الأيام تتأكد إذا أخذنا بقول جماهير أهل السير والتاريخ والتفسير أنها هي الأيام التي زادها الله جلَّ وعلا لموسى، فإن الله قال: {وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} [الأعراف: 142]، فيصبح الميقات الأول لموسى شهر ذي القعدة، ثم زاده الله جلَّ وعلا العشر من ذي الحجة، وعلى هذا فإن الله جلَّ وعلا كلم موسى يوم النحر عند جبل الطور.
صحيفة المواطن