لماذا النساء معرضات للإصابة بألزهايمر أكثر من الرجال؟
تشير نتائج دراسة جديدة أجرتها جامعة جونز هوبكنز الأميركية إلى أن النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بألزهايمر وأمراض الخرف، جرّاء الضغط النفسي المتراكم.
مجموعة من الباحثين بهذه الجامعة الواقعة في مدينة بالتيمور حلّلت معلومات جمعتها من المشاركين بالدراسة، وعددهم 909، اكتشفوا أن النساء أكثر عرضة لفقدان الذاكرة بسبب الضغط النفسي مقارنة بالرجال.
وذكرت مؤلفة الدراسة سينثيا مونرو، أستاذة الطب النفسي بجامعة جونز هوبكنز، أن عدد النساء المعرضات للإصابة بمرض ألزهايمر هو ضعف عدد الرجال، ولكن السبب وراء ذلك غير معروف.
وفي تقرير نشرته مجلة “بوبيولار ساينس” الأميركية، تطرّقت الكاتبة كات آشنر إلى تداعيات التوتر النفسي على ذاكرة المرأة وعلاقته بالإصابة بمرض ألزهايمر.
وأوضحت مونرو أن الدراسات السابقة تمحورت حول فحص الهرمونات الجنسية، بيد أنها هي وفريقها تناولوا المسألة من وجهة نظر أخرى مغايرة، حيث فحصوا هرمون التوتر “الكورتيزول”.
والجدير بالذكر أن الدراسات السابقة قد كشفت أن الكورتيزول الذي يفرز استجابة للضغط يميل إلى الارتفاع مع التقدم في السن، إلا أن أجساد النساء في الستينيات وأوائل السبعينيات يمكن أن تنتج ما يصل إلى ثلاثة أضعاف ما تنتجه أجساد الرجال من الكورتيزول.
التذكر والتجارب الصادمة
ورغم أن الدراسة الجديدة بيّنت أن ذاكرة النساء تتأثر أكثر من غيرها بعوامل الضغط اليومية، فإن مونرو أشارت إلى أن نتائج الدراسة يمكن أن تنطبق على أي نوع اجتماعي أو جنسي لأن هرمون الكورتيزول يؤثر على الجميع دون استثناء.
وطرح الباحثون على المشاركين أسئلة حول ما إذا كانوا تعرضوا لتجارب مؤلمة، على غرار الاغتصاب أو الاعتداء في العام السابق، إضافة للأحداث الروتينية التي عاشوها مثل فقدان الوظيفة أو الزواج أو الطلاق.
ورغم أن كل التجارب السابق ذكرها تسبب الإجهاد والتوتر النفسي، فإنه ليس كل الأشخاص يمرون بتجارب صادمة، في حين أن التوتر النفسي تجربة يعيشها جميع الأشخاص طوال الوقت، مع اختلاف في درجاتها.
وجرى قياس قدرة المشاركين على التذكر، حيث طُلب منهم تذكر 20 كلمة قالها المختبرون بصوت مرتفع. وبمرور الوقت، انخفض عدد الكلمات التي كان المشاركون قادرين على تذكرها.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر طبيعي، لأنه مع تقدم الأشخاص في السن تتراجع قدرتهم على تذكر الأشياء بطرق مختلفة. ومن ثم درس الباحثون مدى تأثير الأحداث المؤلمة والتجارب الحياتية المرهقة في الذاكرة. بالنسبة للنساء، تبيّن أن التجارب الحياتية المرهقة أثرت سلبا في قدرتهن على التذكر.
كما أكدت مونرو أن الاختلافات القائمة على أساس نوع الجنس ليست كبيرة، إلا أنها قد تكون السبب المحتمل للتدهور المعرفي لدى النساء، اللاتي يعانين من ألزهايمر والخرف بمعدل أعلى بكثير من الرجال. ومع ذلك، أشارت مونرو إلى أنها ستواصل البحث مع المشاركين في الدراسة على أمل اكتشاف المزيد من الاختلافات.
عوامل الضغط اليومية
من جهة أخرى، نوّهت شانون غورلي، وهي أستاذة في الطب النفسي بجامعة إيموري، بأن هذه النتائج لا تعتبر مفاجأة بالنسبة للعلماء الذين يدرسون تأثير التوتر النفسي على الحيوانات.
وتميل الدراسات التي أجريت على البشر إلى التركيز على الحوادث التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، في حين أن الدراسة الجديدة كشفت أن عوامل الضغط اليومية لها تداعيات سلبية على الوظيفة الإدراكية لدى النساء.
وكشفت وجود صلة وثيقة بين الضغوط النفسية اليومية التي تتعرض إليها المرأة وبين زيادة احتمال إصابتها بأمراض ألزهايمر والخرف، التي تعتبر أمراضا غير قابلة للشفاء حاليا.
توصيات منظمة الصحة العالمية للنساء
وذكرت الكاتبة أن منظمة الصحة العالمية توصي باتباع نمط حياة صحي، على غرار ممارسة التمارين الرياضية واتباع نظام غذائي متوازن غني بالأطعمة النباتية للوقاية من هذه الأمراض. وقد تكون محاولة الحد من الضغط النفسي أحد الأساليب الناجعة لتقليل مخاطر التدهور المعرفي، مما يسمح للمتقدمين في السن بعيش حياة أفضل ويكونون عناصر فعّالة في المجتمع.
الجزيرة