رأي ومقالات

وزيرة الكنس والمسح وضيق الأفق

? أوكسفورد ( Oxford) هي قرية صغيرة في الريف الانجليزي، وتعني ( مزرعة الأبقار أو الثيران). أنشئت بها جامعة وتطورت لتصبح واحدة من أعظم الجامعات في العالم وذلك بفضل عزيمة أهلها وإصرارهم وسعة أفقهم ونفوسهم الكبار.
? وعندما أعلنت ثورة الإنقاذ الوطني عن ضربة البداية لثورة التعليم العالي ودفعت بواحد من خيرة أبنائها الا وهو البروفيسور ابراهيم أحمد عمر ليقود تلكم النهضة التي أفرزت واحدة من أعظم الثورات التعليمية والفكرية في العالمين العربي والإسلامي، عندما أعلنت تلكم الثورة المباركة كانت تستلهم انموذج قيام جامعة أوكسفورد، وهي تعلم يقينا أن أي بناء كبير لا بد وأن يبدأ صغيرا ثم ينمو بفضل العزيمة القوية، وبذل الجهد لإكمال البناء. كما كانت تعلم ما يحيط بذلك المشروع من تحديات وعقبات تتمثل في شح الموارد، وضيق الأفق لدى بعض الذين لا يثقون في قدراتهم وإمكانات بلدهم. ولكن بحمد الله تعالى استوت ثورة التعليم العالي غليظة تغيظ من كفر وتعجب الذين يؤمنون بالقضاء والقدر. فكان الانتشار الواسع لأكثر من (٣٠) جامعة في مختلف أنحاء السودان، والعديد من الكليات المتخصصة التي استوعبت جميعها معظم الجالسين لامتحانات الشهادة السودانية، بعد أن كانت الأعداد المقبولة سنويا لا تتجاوز (٥٠٠٠) طالبا وطالبة في كل الجامعات القائمة والتي لم يكن عددها يتجاوز أصابع اليد الواحدة. فدفع الشعب السوداني بفلذات أكباده لهذه الجامعات التي أصبحت تخرج سنويا أفكارا وأقمارا من خيرة الخريجين الذين أثبتوا تفوقا وتميزا داخل وخارج البلاد. وارتقت هذه الجامعات لتزاحم بقوة في التصنيفات الأقليمية والعالمية.
? وقد جاء في الأخبار أن وزيرة الكنس والمسح قد صرحت بأن ( كثرة الجامعات والكليات أفرزت تعقيدات وصعوبات)، إضافة لبعض التصريحات الانهزامية الواهنة عن التعليم العالي، مما يوحي باعتراف هذه الوزيرة بعجزها عن تطوير هذه المؤسسات التعليمية والدفع بعجلتها للأمام أكاديميا وتقنيا وعمرانيا، وهذا شأن أصحاب الهمم الخائرة والآفاق الضيقة. فإذا كانت النفوس كبارا تعبت من مرادها الأجسام، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. ويبدو أن وزيرتنا الكناسة ليست من أولات العزم أو الهمم العالية، لذا فهي مترددة في تطوير التعليم العالي واقتحام مجالات جديدة تقفز به للأمام.
? نقول للوزيرة المخلوعة من هذه الطفرة الشجاعة للتعليم العالي، لقد أفرزت كثرة الجامعات والكليات نهضة علمية وحضارية غير مسبوقة في تاريخ التعليم بالسودان باتاحة الفرصة لعدد كبير من أبناء السودان والذين حرموا من اللحاق بقطار التعليم العالي لنيل فرصهم في التعليم العالي ودراسة التخصصات التي تتناسب وامكاناتهم، وتحقق رغباتهم. إن كثرة الجامعات والكليات لا تفرز تعقيدا، وإنما التعقيد في فكركم الجامد، وضآلة طموحاتكم وجبنكم عن ارتياد آفاق النهضة والتطور. ذلك لأن انحصار أفكاركم في سياسة الكنس والمسح، مسح عنكم كل ما هو جميل وايجابي تجاه الآخرين.
? وخلاصة القول سادتي، إن الناشط لا يمكن أن يصبح سياسيا، وإن الجامد لا يمكن أن يصبح قائدا، وان من تعود على الإقصاء لن يفكر في البناء، وان المكناسة مكانها الثرى لا الثريا. فلتتقوقعي سيدتي الكناسة في أفقك الضيق، وطموحاتك الضحلة، ولتوقفي عجلة تطور التعليم العالي إلى أن يأتي من بعدك من هو قادر على شق عباب الماء دون وجل أو تردد والاستمرار في مسيرة تطوير التعليم العالي بالسودان.
? وختاما يقول الشاعر:
الكل في سوداننا يحتل غير مكانه
المال عند بخيله والسيف عند الخائر

✏ بقلم (ود نمر)

الجمعة ١ نوفمبر ٢٠١٩م

‫3 تعليقات

  1. باذن الله يا مريضة .قريبا تشيلي مكنستك في يدك وتذهبي غير مأسوف عليكي.