رأي ومقالات

عبدالرحمن عمسيب: الحالة الجيفارية.. حرب لن تنتهي


ورثت الحركة الشعبية وربيباتها في مجمل قوى اليسار الجزافي تلك الحالة “الجيفارية” التي تضع ” القوات المسلحة” كحائط يجب هدمه قبل الحديث عن أي شئ ..

وتتسلل اليها بحكم ماركسيتها الأولى بعض تلك المصطلحات كحرب “التحرير” و جيش “التحرير.. دون أن تطرح علي نفسها أسئلة يمكن للماركسية أن تجيب عليها نظريآ في سؤال “تحرير من من ” .. و حاول قرنق أن يحصد التصفيق بأجوبة مضللة علي سؤال تحرير” من ماذا ” .
..

الحالة “الجيفارية” التى أتكلم عنها هي ذاتها حالة حرب مفتوحة لا تفاوض فيها و لا تنتهي الا بالأنتصار تبدو كحالة “يوتوبيا” مفارقة للواقع ، واقع الحرب التي تدور رحاها في اطراف السودان .. حالة تتلبس أشخاص أمثال عبدالعزيز الحلو وتتمظهر بوضوح في عبدالواحد بمقولته الشهيرة ” لا تصالح لا تفاوض لا أستسلام ” ..

النموذج الجيفاري هذا كان سببآ في “دلال” قرنق و رفضه للسلام في سانحة ذهبية أبان حكومة الصادق المهدي أواخر الثمانينات .. فرصة كان يمكن _ أن أغتنمت من الطرفين _ أن يجنى الوطن ثمارها تنمية و عمران ..

ربما أنتصارات قرنق العسكرية الكبيرة كانت مغرية للغاية كي يستمر في العض علي “رقبة” الحكومة التي لا “رأس” لها وقتها ، لكن نضج الرجل في نيفاشا و جنوحه للسلم يثبت أننا في السودان نحتاج زمنآ طويلآ كي نفهم المسائل البسيطة و أننا لا نألو جهدآ في أعادة أكتشاف “العجلة” المكتشفة منذ قرن ..

و لأننا شعب من “الاشقياء” و لازم ” نشوف في روحنا ” نقف أمام السؤال الكبير متي ستضع الحرب أوزارها ؟!

تذكرني هذه الظروف التاريخية بظرف موكب أمان السودان الذي نظمته “الحركة الأسلامية ” في 1985 م .. لتضغط علي الحكومة وقتها .. أما أن تسعى للسلم بقوة أو تطلق يد الجيش و تدعمه في حربه التي سيخوضها .. بمعني أنه لابد من رؤية واضحة لحسم هذا الملف .. و هي الرؤية التي تغيب عن الحكومة اليوم ، فهي تفاوض ، و تدعو للتفاوض ، و تحارب أيضآ ..

ما بين هذا و ذاك كل شئ في السودان يستمر في التغير عدا “الحرب ” فما زالت ” متحكرة” في مكانها ..

بقلم عبدالرحمن عمسيب
الخرطوم _2016