رأي ومقالات

ضياء الدين بلال: بين فيصل والرشيد!


-1- لم تذهب الدهشةُ بي بعيداً وأنا أطالع تصريحات وكيل وزارة الإعلام الأستاذ الرشيد سعيد لصحيفة التيار وهو يُهدد الصحف بعدم تجاوز الخطوط الحمراء.
التصريحاتُ حملت تهديداتٍ مغلظةً باستخدام الإجراءات الأمنية والعقوبات الإدارية في حق الصحف.
وفي اليوم الثاني لتصريحات الرشيد سرَّبت مصادرُ من وزارة الإعلام لصحيفة الانتباهة تهديداتٍ أخرى من مصدر- لم تذكر اسمه- هدد باستخدام سلاح حجب الإعلان الحكومي عن الصحف غير المَرضيِّ عن سياستها التحريرية!
كنتُ أظنُّ قبل تلك التصريحات أن الحرية الصحفية تقع لدى الرشيد ضمن الخطوط الحمراء، ولا تبدأ وتنتهي عند حدود مقاعد الحكم!
لم يتبقَّ من أسلحة النظام السابق في التضييق على الصحف- ولم يتبناها الرشيد -سوى سلاح المصادرة من المطابع والرقابة القبْلية !
-2-
من حقِّ وزارة الإعلام وغيرها من جهات الاختصاص رصدُ التجاوزات المتعلقة بالتلاعب في ملكية الصحف، وتلقِّي الدعم غير الشرعي من أجهزة الدولة أو السفارات الأجنبية والجهات المشبوهة.
ومن يثْبتْ عليه التجاوز وتقام عليه بينات الإدانة يُقدم للمحاكمة العلنية ويُفضح أمام الرأي العام بالورق والمستندات، فلا يُجزى إلا ما فعل.

تلك إجراءاتٌ سليمةٌ ومطلوبةٌ إذا تمت بنزاهةٍ وتجردٍ مهني وأيدٍ نظيفة من الغرض والكيد ونوايا صادقة في تمييز الخبيث من الطيب، وستُسهم في تنقية أجواء المجال الصحفي.

ما يُثير القلق ويحرك الريبة والشك تجاه أحاديث الرشيد، أن النظام السابق كان يستخدم ذات الطريقة المريبة، حينما تزعجه الصحف بتحقيقاتِ الفسادِ والآراء الناقدة والأخبار المثيرة للعواصف.
فلا يُعاقب على النشر ولكن يمضي العقاب في اتجاه التشكيك في تمويل الصحف وفحص حسابات مالكيها ورؤساء التحرير في البنوك، وإرسال اتهامات بالعمالة والارتزاق.
طالما أن وزارة الرشيد تجد في تجربة دكتور أحمد بلال قدوةً حسنةً ومرجعيةً مناسبة لها في معاقبة الصحف، لذا تقرأ من كتابها وتستهدي بسوابقها.
لماذا لا يكون الحديث عن الملكية ومصادر التمويل تكراراً لما كان يحدث من قبل من تقديم ذرائع وهمية لكبت الحريات وتقييد الرأي؟!
-4-
الاستبداد ذهنية واحدة بغض النظر عن الأشخاص والأنظمة واللافتات والعناوين ولكن تتغير المواقف بتغير المواقع.

الادعاءات سهلة ومتاحة في متناول الجميع، والمزاعم لا تحدها حدود ولكن التجارب العملية تجلي المعادن وتكشف حقائق الأشياء وكما يقول أهلنا: (الكوك يبين عند المخاض)!
هنالك من يُريدون لحكومة حمدوك أن تمضي على طريق من سبق، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، إلى أن تدخل معهم في جحر ضرب خرب!
قناعاتهم بالحرية زائفة، لا يقبلون الرأي الآخر إلا كرجع الصدى!
يُريدونها صحافةً خاضعةً لأمزجتهم، تعزف لحنهم وترقص على ايقاعات طبلهم بأقدام التزلُّف، لتدخل صاغرةً إلى بيت الطاعة أو تمضي إلى زوال!
-4-

من الواضح أن هنالك فروقات بائنة بين الوزير فيصل محمد صالح و الوكيل الرشيد سعيد، رغم هنالك من يظنون في وجود توزيع أدوار!
فيصل رجل متزن وموضوعي وحقاني، يعرف المهنة من داخلها، فهو ابنُ سرحتها ومشَّاء دروبها.
عمل فيها صحفياً وكاتباً ورئيس تحرير، يعرف دور الصحافة وما تعرضت له من قمع وظلم وما أدته من أدوار عظام في كشف الفساد ونقد الحكومة السابقة، حتى أصبحت تعد عدوها الأول!
فهو قادر على التمييز بين الخط السياسي لحكومته وطبيعة العمل الصحفي وما تفرضه مساحة الحريات المتاحة وسوق التنافس.
الرشيد مع كامل احترامنا له، غريب عن مهنة الصحافة ومغترب عن البلاد لأكثر من ربع قرن.
لا يعرف بيئتها ولم يستنشق رائحة أحبارها ولم يكابد سهرها ، ولم تغبر أقدامه في مطاردة الأخبار.
ولم يقف على دورها ويأكل من فولها وعدسها ولا معرفة له بالصحافيين، سوى المنتمين لحزبه والمناصرين لفكره!
-5-

الرشيد ناشط سياسي متحمس ، يميل للعدوان والصدام ولا يبالي بالمترتبات، فهو قادم من عاصمة النور لإطفاء نار الحرية في صحف الخرطوم.
في أول زيارة له لمجلس الصحافة استخدم لغة تحريضية حادة ومتطرفة، لولا ستر الله ولطفه، كادت تؤدي لكارثة، حين تحول المجلس لساحة عراك وسباب وشتائم بين الزملاء!
الرشيد ضحية تحريض فج ورخيص، من كيان وهمي طفيلي، لشلة محدودة العدد ضعيفة الأثر منقسمة على نفسها، لا صلة لغالبها بالمهنة ولا وجود لهم في صالات تحرير الصحف!
-6-
بعضُ قادة ذلك الكيان عملوا في الصحف ورضعوا من ثدييها ورتعوا في خيرها وما إن لفظتهم لضعف الكفاءة وقلة المردود قلبوا لها ظهر المجن!
أحدهم يدعى علاء محمود ظل يتسكع تحت الأشجار وظلال الحوائط ،وأظافره تجول في فروة رأسه، لم يستمر في صحيفة لشهرين فهاجر مترنحا، إلى المجهول غير مأسوف عليه.
إذا ذهبت إلى حائطه بالفيسبوك كأنك قد ولجت برجلك اليسرى لدورة مياه في الاسواق ، حيث تجد على الحائط البذاءة والسفاهة السوقية، وقلة الأدب!
-أخيرا-
على الأستاذ الرشيد أن يضع الكرة أرضا ويخفض درجة حرارته، ولا يتبع أهواء الفاشلين وأن يرفع مستوى حساسيته بالتاريخ حيث تُوثق الأفعالُ والأقوالُ.. فيذهب الزبدُ جفاءً ولا يبقى إلا ما ينفعُ الناس.

ضياء الدين بلال


‫5 تعليقات

  1. هي سكرة السلطة وشهوة الحكم، أغوت من كان قبلكم. أنستهم المبادئ فغابت الفكرة. وهي الآن تطال قوما حديثي عهد بها، فسرعان ما سارو في ذات النهج وسلكو نفس الطريق.
    لعل سكرة السلطة، لا يعنيها من كان في يسار أو يمين. ومن يؤمن بالحرية ومن هو بها كافر.

  2. الاخ ضياء والرزيقي وكل الصحفيين لا تتباكوا فان القوم اتخذوا القرار قرروا نهارا جهارا ولم يبق غير التنفذ فلا تتباكوا امامهم ولن ينفعكم فيصل او غيره فهذا جزء من ضريبة واجبة السداد منكم ومن الشعب لمن سلم امره لقحت بطيبة قلب فسلمته هي بحسن نية لليسار وقلة من فاقدي الحكمة وقليلي الخبرة فلا يوجد عندهم غير التضييق والتهديد والوعيد ومن ظن غير هذا فالايام بيننا فواصل وما هي الا قليل ونتوقع ان نراكم في السجون وان تعاطف العالم الحر معكم فسنراكم في المنافي وكتاب بالفيس وقد لا نراكم بعدها .
    ان تحدث المصادرة فهذا امر محسوم.
    انا ابكي فقط علي الذي يدعي الحرية ويرفعها شعارا للمرحلة وهو يعرف ان جزء من مكوناته لا تؤمن بالحرية اصلا و لا حرية عندهم الا لمن يتبع فكرهم او يطيعهم خوفا وطمعا .
    اتحسر علي الشيوعي الذي تطبع صحيفته باخر يوم للكيزان ولا زالت بدور نشر يعرف تبعبتها
    ويدعي تبعيتها زورا للكيزان .
    اتالم فقط لهتافهم ضد الديكتاتورية وحين ال اليهم الامر طبقوها برعونة وبدون اي رتوش ولمسات تجميلية كيزانية .
    واتاسف فقط علي فيصل ان يتم الامر علي يديه شاء ام ابي .
    ما قاله اتحاد الصحفيين واتحاد الصحفيين العرب مهم ولكنه غير كافي لاننا تعودنا ان لغة السياسي القاهر ستنتصر ولن يلتفت لهم لان تبريره.موجود وسيفه حاضر .
    الحق ناسك يا حمدووووووك
    .. قالوا فراسك يا حمدوك
    شالو زندك يا حمدوك
    ضربوا جندك يا حمدوك

    نحن شعبك يا حمدوك
    الراجينك يا حمدوك
    الحق بلدك يا حمدوك
    قبل ما نهلك يا حمدوك
    ربك موجود يا حمدوك
    تنقذ بلدنا يا حمدوك
    تجمع شملنا يا رب حمدوك
    تغفر يا ربنا ورب حمدوك
    ارفع يدك وقول اميين يا حمدوك

  3. اخونا النصيح قال ما تتباكوا …. وفي النهاية بكى وتباكى

  4. لن يضير صحفى بنى كوز اى شئ بكل بساطة وكعادتكم دوما ضياء والرزيقى والهندى واسحق اركبوا الموجه انتو ركبتوها مع الانقاذ غالبكم تركبوا مع قحت انتو اصلكم طبالين لن يضيركم ان تطبلوا لمديح اولاد حاج النواحى او اغانى ندى القلعة ففى كلا الامرين تحتاجون إلى الطبل فقط