ناهد قرناص: ستزوغ في السبعين
اهلنا في حلفا ..اذا حكى أحدهم لك قصة تتضمن الفرار .. يقول لك (يا واحد وستين ) والمعنى المقصود هو انه اطلق ساقيه للريح ..او في رواية اخرى (الجري العديل دا) ..وقد كنت اتساءل دائما ..لماذا يتم استخدام الرقم (واحد وستين ؟ ) ..يعني الستين دي بالذات ليه ؟؟ (لا اعتقد ان لها علاقة بستين داهية ..الدواهي الستين عايزين بحث منفصل ) ..لكني بالامس وصلت الى تفسير ..الواحد وستين هي بداية العشرية التي من المؤكد ستصل الى رقم سبعين ..والسبعين هو طوق النجاة القانوني ..ذلك ان القلم يرفع بعدها ..ويمكنك فعل ما تريد وكيفما تريد ..والعقاب مخفف ويكاد يكون مجازيا ..(ولو مغالطنا وما مصدقنا ..أسألوا العنبة ).
القانون الذي يرفض سجن الشيوخ ..لا يمنعهم من ممارسة العمل التنفيذي ولا يقيد تقلد المناصب بعمر محدد ..وكنت قد كتبت في هذا الامر من قبل وطالبت صراحة بادراج سن المعاش الاجباري لمتقلدي المناصب التنفيذية والدستورية ..وقلت بان سن الخامسة والستين يجب ان تكون هي الحد الأعلى لكل متقلد لتلك المناصب ..وفي ذهني في ذلك الوقت هو قدرتهم على المواكبة والعطاء ..ولم أكن ادري بقانون السبعين هذا ..الذي جعل الامر ضروريا اكثر من قبل ..فالبشير الذي سيخضع للاصلاح الادراي لكبر سنه ..كان ينوي صادقا الترشح لخمسة سنوات اخرى ..شفتوا كيف ؟
الحقيقة ان الامر بمجمله ..(ما كان داخل راسي ) …اذ ماذا يعني هدر الوقت في محاكمة البشير في بضعة ملايين تم ضبطها في منزله ؟؟ شخص اضاع بلادا باكملها ..ومن ثم جلس واثقا بافلاته من شديد العقاب لانه شيخ في السبعين من عمره !! لكني انتبهت الى شي مهم ..قضية المدمرة كول والتي صارت تركة ثقيلة على كاهل الشعب السوادني ..هذه القضية التي اخذت حظها من الشهرة والوقت والاهتمام العالمي ..وراءها يقف أهالي الضحايا ..والذين تدعمهم الحكومة الامريكية بقوة ..طيب ما الذي يمنع اهالي ضحايا البشير من فتح بلاغات في النظام السابق ؟ ..
بلاغات قتل عمد وتعذيب وسحل يتم فتحها ضد شخص البشير ..وضد جهاز امنه المنحل ..بلاغات لضحايا دارفور ..بلاغات لشهداء العيلفون ..بلاغ لاختفاء ابي ذر ..بلاغ لقتل دكتور علي فضل ..بلاغ لاعدام مجدي محجوب ..بلاغ لشهداء كجبار ..بلاغ لقتل المتظاهرين في 2013 ..بلاغ لقتل المتظاهرين في ديسمبر 2018 وحتى سقوطه في ابريل ..والقائمة تطول ولا استطيع حصرها …افتحوا بلاغات ..تابعوا القضايا ..لا تتركوا لهم فرصة لأخذ نفس
..دعونا من الهتاف والكتابة فقط على الصحف والاسافير ..لابد من تحرك على ارض الواقع ..قبل ان يفلت البقية ايضا ..طبعا اتوقع ان جميع الموجودين خلف القضبان قد بلغوا السبعين وتجاوزوها بأعوام خلال الأيام الماضية ..ولو استمر الامر هكذا ..سنضطر الى بناء اصلاحية خاصة بشيوخ الانقاذ ولا داعي لاضاعة الوقت في المحاكمات …من البيت الى الاصلاحية طوالي ..
حتى يظلنا زمن يتغير فيه ذلك القانون او يتحدد عمر متقلدي المناصب .. اهديكم طرفة من بلدنا ..في سنوات التمكين ارسلت حكومة الانقاذ الى حلفا الجديدة معتمدا من نوع الهتيفة والذين يرفعون اصواتهم عاليا بالشعارات التي اثبتت الأيام انها للاستهلاك الاعلامي فقط ..الرجل بمجرد وصوله …جمع الناس واعمل فيهم هتافات وشعارات ..وفي النهاية قال لهم (اعلموا اني لم اتي اليكم محافظا او حاكما متسلطا ..بل اتيتكم لاطبق شرع الله ) ..فعاجله بلدياتي قائلا (طيب المحافظ حيجي متين ؟)..بعد بلوغ السبعين اكيد .
ناهد قرناص