ناهد قرناص: الدعمجا
نعيش نحن في السودان حالة من الترقب والتوجس المشوب بالحذر في انتظار رفع الدعم ..الذي لوحت به سابق الحكومات بكل اطيافها حتى وصلنا الى حكومتنا الانتقالية ..الفيلم يتكرر بذات السيناريو ..تسري الشائعة بان هناك اتجاه لرفع الدعم ..تضج الصحف والاسافير ..يتملل الشعب القابض على جمر الظروف ..ومن ثم يحدث تراجع ..ونعود مرة اخرى للدوران في حلقة مفرغة ..فلا نحن قادرين على الفكاك منها …ولا بمقدورنا الاستمرار في الدوران.
بعض الأقلام روجت لرفع الدعم ..كحل حاسم لمشكلة الاقتصاد السوداني ..قالوا انه مثل الجراحة ..ربما ينزف المريض ..ربما تطول فترة النقاهة ..لكن المتفق عليه انه سيتم استئصال الداء ..ونرجع (رجوع القمره لي وطن القماري) ..رفع الدعم عن الوقود اوصت به لجنة خبراء البنك الدولي ..ويحرص عليه مجموعة أصدقاء السودان الذين وعدوا خيرا بدعم الميزانية لعام 2020 ..لكي يستعيد السودان عافيته من جديد.
لا ادعي في الاقتصاد معرفة ..ولا افهم اكثر من فهم سيدة همها الذي (يطير النوم من عينها ) هو كيف تكمل الشهر دون الاستدانة او الحوجة لخلق الله ..هذا الامر يجعلني ارفض كل من يحاول مد يد المساعدة ب(غمتة) من النقود مهما كانت كثيرة ..ذلك انها لن تستمر ..وبالتالي لا يعول عليها ..الافضل لي ان اجد مصدرا للرزق ..او فرصة للتدريب لكي تفتح لي مجالأ اوسع للعمل ..لذلك عندما رأيت صور الأثاث المدرسي هدية دولة الامارات الشقيقة ..كانت ابتسامتي باهتة ..احسست ان شخصية سعدية النكدية لم تغادرني ..ماذا لو دعمت الامارات مصانع الاثاث السوادني لصناعة هذه الطاولات والكراسي ؟ ماذا لو اقامت مصنعا كاملا لصناعة الاثاث المدرسي ؟ لماذا يكون الدعم دائما في شكل وقود او قمح او اثاث ؟ ولا يكون في شكل تاهيل وتدريب وشراكة مميزة للمساهمة في النهضة ؟ ..
قرات أن بنجلاديش كانت قد استعانت بماليزيا للنهوض بقطاع تصنيع الملابس ..فتدرب الالاف من العمال البنجلاديش على تصميم وتطريز وخياطة الملابس ..ومن ثم اقيمت مصانع صغيرة استوعبت الايدي المهرة ..والآن بنجلاديش من اهم البلاد التي تصدر الملابس الجاهزة في آسيا ..لماذا لا نرفض بوضوح اي دعم مباشر ونطالب فقط بدعم الانتاج ..بدعم المصانع الصغيرة التي توظف العمالة وتقضي على البطالة وتؤهل الشباب وتنهي عقودا من التردي والفشل .
استعينوا بالتجربة البرازيلية ..أسالوهم كيف افلتوا من قرارات صندوق النقد الدولي ..كيف حققت البرازيل نموا مضطردا خلال سنوات قليلة باعتمادها على الابحاث وتطبيقها على ارض الواقع وهي الخطة التي اثمرت وافلحت البرازيل في الخروج بملايين الاسر من تحت خط الفقر ونجحت في تمزيق فواتير المديونية التي لازمتهم عقودا من الزمان .
اما من ناحية رفع الدعم ..وللا عدمه ..وتحت شعار (وقوع البلا ولا انتظاره ) وبالسوداني (كتلوك ولا جوك جوك ) .. ..كدا كدا ..السوق نار ..والمعيشة صعبة ..واغلب الأسر تخلت عن الاساسيات ويقضون ايامهم بعون الله وفضله ..تحسبهم اغنياء من التعفف ..بناء على كل ما سبق .. ارفعوه الدعم دا ..بقت ما فارقة ..على قول المثل (قالوا للقرد حيسخطوك ..قال خير يمكن يقلبوني غزال).
ناهد قرناص
بصراحة مقالك أعجبنى شديد وكان مفهوم وواضح ويا ريت الناس تقراه وتفكر فيه كتير
شكرا لك