عالمية

كيف تشل العقوبات الأمريكية الحياة في إيران؟

أعلنت إدارة ترامب عن فرض المزيد من العقوبات يوم الجمعة على إيران، في أحدث حلقة من سلسلة العقوبات المالية الأمريكية التي تركت الاقتصاد الإيراني يتهاوى ومواطنيه تحت ضغط شديد.

ستستهدف العقوبات الأمريكية الأخيرة صناعة المعادن الإيرانية، بالإضافة إلى 8 من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين، إذ أتت العقوبات الجديدة بعد قتل الولايات المتحدة لقائد إيراني بارز في بغداد الأسبوع الماضي، مما أدى إلى ضربات إيرانية انتقامية يوم الأربعاء على قواعد تضم أفرادا عسكريين أمريكيين في العراق.

وبحسب صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية، في غضون 3 سنوات، تحول الأمل في تحسين العلاقات الأمريكية الإيرانية إلى عداء متصاعد، بينما يقلق الشعب الإيراني من تحمل وطأة هذا العداء مرة أخرى.

وكتب الموسيقي الإيراني مهدي رجابيان (30 عاما)، وهو فنان وناشط سياسي وناقد للنظام الإيراني، في رسالة نصية: ”يواجه الناس كل يوم، وبمجرد أن يفتحوا أعينهم، مستقبلا غامضا ومظلما“.

عندما تم التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015، أكد الرئيس باراك أوباما في ذلك الوقت أنه ”لا يعتمد على الثقة“، بل ”على التحقق“.

وبالفعل تم تطبيق الاتفاق الذي يعتبر أحد أكبر إنجازاته في مجال السياسة الخارجية، في أوائل عام 2016.

وفي غياب القيود والعقوبات الدولية، تدفقت الشركات الأجنبية للاستثمار في إيران، وارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لإيران من 1.3% في عام 2015، إلى أكثر من 13.4% في عام 2016.

إلا أن انتخاب الرئيس ترامب في تشرين الأول/ نوفمبر 2016 وتوجيهاته السياسية الجديدة عكست ذلك؛ إذ انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لإيران مرة أخرى.

وطوال حملته الانتخابية، قال ترامب إنه على الولايات المتحدة أن تنسحب من اتفاقية إيران، واصفا إياها بأنها ”مروعة بالنسبة للولايات المتحدة والعالم“، ومضيفا أنها لم تحقق شيئا سوى إثراء إيران مما سيؤدي إلى كارثة.

وفي 8 أيار/ مايو 2018، نفذ ترامب وعده، معلنا أن الولايات المتحدة ستتخلى عن الصفقة، وقال: ”لم تجلب هذه الصفقة الهدوء أو السلام ولن تفعل ذلك أبدا“.

وجادل أنصار ترامب بأن إيران خدعت المجتمع الدولي واستمرت في زعزعة استقرار الشرق الأوسط دون رادع، عبر وكلاء في اليمن ولبنان وسوريا وأجزاء أخرى من المنطقة.

وردت أطراف غربية أخرى في الصفقة بما في ذلك، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بأن وقف الأنشطة الخبيثة الإيرانية في المنطقة لم يكن هدفها مطلقا، وأن معلوماتهم الاستخباراتية الخاصة تشير إلى أن إيران تمتثل للاتفاقية التي تهدف لوقف برنامج إيران النووي.

تمسك جميع الموقعين باستثناء الولايات المتحدة بالاتفاقية، وأعلنت أوروبا أنها ستنشئ آلية لحماية الشركات الراغبة في مواصلة التجارة مع إيران من العقوبات الأمريكية التي أُعيد فرضها.

ومع ذلك، بمجرد أن تم فرض العقوبات الأمريكية الرئيسية بحلول تشرين الأول/ نوفمبر 2018، لم يكن لإعلان الأوروبيين تأثير يُذكر، واستمر الريال الإيراني في الهبوط مقابل الدولار بسرعة.

وكان تهديد إدارة ترامب بفرض عقوبات على الدول التي اشترت النفط الإيراني ضارا للغاية بإيران، إذ انخفضت صادرات النفط الإيرانية بعد ذلك بسرعة.

وفي البداية، وافقت الولايات المتحدة على منح بعض عملاء إيران إعفاء من العقوبات لمدة 6 أشهر، مما يعني أنهم قد يستمرون في استيراد النفط الإيراني دون خوف من العقوبات الأمريكية، وفي الأشهر التالية، بدأت صادرات النفط الإيراني تزداد نتيجة للإعفاءات، ولكن بمجرد انتهاء الإعفاءات في مايو 2019، انخفضت الصادرات الإيرانية إلى مستويات قياسية جديدة.

وكانت هناك علامات على الإحباط الأخير في العلاقات بين طهران والاتحاد الأوروبي، إذ ألقى المسؤولون الإيرانيون باللوم على نظرائهم الأوروبيين بسبب بطئهم المفرط في تنفيذ تدابير لحماية الشركات من العقوبات الأمريكية.

وردا على مقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد قوة القدس في إيران، أعلنت طهران يوم الأحد الماضي تعليق التزاماتها بالاتفاق النووي.

وحتى الآن، قاوم الاتحاد الأوروبي الضغوط الأمريكية لإعلان فشل الصفقة النووية، قائلا إنه لن يدخر جهدا للحفاظ على بقائها، ولكن السؤال الأساسي الآن هو ما إذا كانت العقوبات الإضافية سيكون لها تأثير كبير.

إذ يقول المحللون إن العقوبات الأمريكية الحالية تحاصر إيران، وأدت إلى زيادة تكلفة السلع الأساسية بقدر كبير خلال العام الماضي.

فعلى مدار عام واحد، ارتفع سعر اللحم البقري من 5.20 دولار للكيلوغرام الواحد إلى 7.70 دولار، وارتفعت تكلفة الحليب من 0.3 دولار لكل لتر إلى 0.5 دولار.

وقال شيفا كيشافارز، وهو محاسب يبلغ من العمر 22 عاما، في الصيف الماضي: ”قادة الحكومة الإيرانية يواصلون إخبارنا بأن نكون أقوياء وأن نتحمل الضغوط، ولكن يمكننا بالفعل أن نسمع صوت عظامنا تنكسر تحت وطأة الضغط الاقتصادي“.

وقال الفنان رجابيان: ”ازدادت الظروف المعيشية قسوة منذ ذلك الحين بالنسبة للعديد من الإيرانيين الذين يكافحون من أجل البقاء“.

إرم نيوز