رأي ومقالات

دواعي الحفترة !


• تناقلت الأسافير العديد من التسريبات حول خطوات جارية هنا وهناك لتجهيز خمسة آلاف من المقاتلين السودانيين للسفر الى ليبيا والإنضمام لصفوف الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر والقتال الى جانبه في نزاعه ضد فصائل ليبية أخرى في إطار الصراع المسلح الذي لم يتوقف في ليبيا منذ سقوط الزعيم معمر القذافي ! البعض قال أن تلك القوات ستكون من “ق د س” ، البعض الآخر تحدث عن محاولة كل من عقار والحلو توفير تلك القوات وزيادة ! وحملت الأسافير نفياً لبعض تلك التسريبات وصمتاً عن بعضها !.

• السؤال المفتاحي : ما علاقتنا نحن بليبيا وصراعاتها حتى نذهب لنقاتل فيها ؟ حكومة طرابلس أو بنغازي أو طبرق أو غيرها ؟ هذا شأن ليبي داخلي ، وأهل ليبيا أدرى بشعابها ، الوضع كان مختلفا أواخر سنوات القذافي حيث كان يناصب بلادنا العداء ويدعم حركات التمرد ويدعم أي أنشطة عدوانية ضدنا ، ولذلك كان طبيعيا أن تعمل بلادنا بمختلف الوسائل الذكية في دفع القذافي نحو الهاوية دون أي تدخل أو مشاركة قوات سودانية حيث يتفق ذلك ويتسق مع مقتضيات الأمن القومي وإحترام سيادة الدول الأخرى وشئونها الداخلية .

• الجنرال حفتر نفسه ، لا أعتقد أن لبلادنا عداء معه طالما أنه لا يتدخل في الشأن السوداني ولا يستخدم أو يُموِّل مرتزقة سودانيين ولا يسمح بتسرب الأسلحة والذخائر من معسكراته نحو الداخل السوداني ! ليس لبلادنا أي مصلحة في مشاركة قوات سودانية في القتال الى جانب حفتر في معاركه ضد خصومه ، سواء كانت قواتنا تلك من الجيش أو الدعم السريع أو حتى من قوات حركتي مالك عقار وعبد العزيز الحلو لأنها أولاً وأخيراً قوات سودانية ومحسوبة على أهل السودان عموماً ، والأمر يختلف تماما عن المشاركة في اليمن !.

• قواتنا التي ترابط وتقاتل في اليمن ذهبت بطلب وفي إطار تحالف قوى الشرعية وبسبب ما تعرضت له الأراضي المقدسة من عدوان صارخ يستهدف أمنها وإستقرارها ويهدد أرواح مواطنينها والمقيمين فيها وممتلكاتهم ، صحيح أن المشاركة كانت وستبقى محل جدل بحكم علاقتنا الأخوية الوثيقة مع أهل اليمن السعيد ، وبحكم المهام الفعلية الموكلة لقواتنا على الأرض في اليمن .

• حكومتنا بمجلس أمنها القومي هي المعنية بنقاش وتكييف مصالح البلاد في مثل هذه الملفات المعقدة الحساسة ، لكن – بحسب تقديرنا -فلا مبررات موضوعية ولا دواع مقنعة تبرر مجرد التفكير في إرسال قوة للقتال مع حفتر ، والذي يفكر بجدية في فعل ذلك ربما هو ليس بأكثر من إنتهازي مرتزق أو عميل يخدم أجندة دول خبيثة لها علاقة مع حفتر ولها مصالح في تمدده وسيادته وإنتصاره .

• واحدة من أكبر نتائج غياب التراضي الوطني والإستقرار السياسي في بلادنا منذ الإستقلال ، أنه ليس لدينا دستور نحترمه ونصطرع ونتنافس في إطاره ، وليس لدنا وثيقة مصالح وطنية تحكم سياساتنا وتحركاتنا وتوجه تفكيرنا وتدبيرنا في الإتجاه الصحيح ، وتبين لنا بوضوح كيف نتعامل مع “تفاكير الحفترة” ! ولعلها سانحة للتأكيد على أهمية العمل بجدية في إنتاج دستور ووثيقة مصالح يكونان محل أغلبية شعبية كاسحة تضمن لهما الإحترام والإلتزام .

عسل مختوم (الصيحة)
محمد حامد تبيدي
الإثنين ٢٠ يناير ٢٠٢٠م


تعليق واحد