تنظيم صادرات الذهب من السودان يقلل التهريب
في مطار عنتبي في يوغندا اضطر أحد الأصدقاء تأخير رحلته بسبب أمانة عبارة عن عبوة شاي أرسلها معه أحدهم ، جهاز الكشف و التفتيش نبه الأجهزة الأمنية لوجود جسم مخالف داخل عبوة الشاي ، و عند فتحهها وجدوا جرامات ذهب داخل عبوة الشاي .
اتصل الصديق بصاحب الأمانة و الذي أتى مسرعا لحل المشكلة التي يعرف سببها مسبقا ، فرضت عليه سلطات المطار غرامة مالية بالإضافة إلى رسوم الجمارك و العبور .
سمح له بالمغادرة بعد دفع المبلغ . الغرامة سببها هو التهريب المتعمد ، فلو انه أعلن عن قطعة الذهب مسبقا لما دفع تلك الغرامة و لإكتفى بالجمارك والرسوم الرسمية …
يوغندا تنتج القليل من الذهب ، و نسبة لمرونة الإجراءات و سهولتها في التصدير ، فانها تصدر الكثير جدا من الذهب . بمعنى أن ذهب الجوار يتم تصديره عن طريق مطار عنتبي ، و تستفيد يوغندا من الرسوم و كذلك توفر العملة الحرة التي ساهمت في استقرار سعر الصرف .
الأمر لا يقتصر على الذهب فقط إنما يشمل إعادة تصدير الكثير من منتجات دول الجوار ، الذهب و الأخشاب من جنوب السودان ، الذهب و الماس و الأخشاب و البن من الكنغو …
يوغندا تتعامل بمرونة فائقة في الصادرات و تتشدد و تضع جمارك عالية على الواردات ، خاصة الكماليات ، لذا اتجه الكثيرين لاستخدام حدودها و مطاراتها للتصدير . فكسبت منتجات دول الجوار بسبب الفساد أو الإجراءات العقيمة أو بسبب النزاعات في تلك البلدان .. و الكثير جدا من الذهب السوداني من جبال النوبة يصدر عبر يوغندا (و هذا موضوع اخر) ….
من السهولة أن تنشئ شركة تنقيب أو تحصل على رخصة لتصدير الذهب في يوغندا ، و تدفع رسوم محددة لسلطات الجمارك و تصدر منه أي كمية بصورة رسمية على مرأى السلطات ، و لا أحد يلزمك بما يسمى حصائل الصادر لأن العملة محررة و الدولة لا تدعمها .
مرونة هذه الإجراءات توفر لها كمية كبيرة من العملة الصعبة و يقلل نسبة التهريب ، لأن مخاطره أكبر مما يدفعه في الطرق الرسمية .
تهريب الذهب السوداني عبر يوغندا يتم بسبب النزاعات ، لكن ما يتم تهريبه عبر مطار الخرطوم أكبر بكثير ، و يتم بسبب الفساد ، وبسبب القوانيين العقيمة …
احتكار شركة أو شركتين لتصدير الذهب السوداني بالتأكيد هو أمر غير سليم و سبب مباشر للتهريب ، فمهما بلغت قوة هذه الشركة فلن تستطيع تصدير كامل الذهب بالطرق القانونية ، لذا يتسرب الكثير منه عبر مطار الخرطوم تحت أعين السلطات الفاسدة ، فيتم تهريبه بكميات كبيرة إلى الخارج ….
فتح الفرص أمام الكثير من الشركات الناشئة ، و التنافس الشريف فيما بينها ، و كذلك المرونة في الإجراءات الرسمية مع فرض رسوم مناسبة للعبور ، هذه الإجراءات بإمكانها أن توفر عملة حرة تقلل الفجوة الكبيرة ما بين الصادرات و الواردات . و تقلل من نسبة التهريب بنسب عالية .
هذه الخطوات يجب أن تسبقها إجراءات مهمة ك تحرير العملة و زيادة الرقابة على المطار و على منافذ التهريب .
تنظيم التعدين الأهلي بخلق بيئة مثالية للعمل و تدريب المعدنيين ، و زيادة عدد كليات التعدين في الجامعات ، و تأهيل الخريجين و الدفع بهم إلى سوق التعدين يساهم مساهمة فعالة في زيادة الإنتاج و بالتالي توفير كتلة نقدية أكبر .
على البنك المركزي الخروج من البيع و الشراء، و الاكتفاء بالمراقبة و التنظيم ، و فتح فرص متساوية للتنافس أمام الجميع . بمرور الزمن ستختفي او تقل ظاهرة التهريب ، و هذا الأمر مرتبط بتحرير الجنيه و عدم وضع أسعار مختلفة ما بين البنك و الشارع .