رأي ومقالات

حسين خوجلي: شباب زي الورد.. في انتظار زعيم صالح أو ثائر ملهم!!!

ما جلستُ يوماً لخبير زراعي أو حتى مزارع فطري إلا وحدثني باسهاب عن مشكلات الزراعة في السودان من مستوى البذرة حتى مرحلة التصدير. وما جالست يوماً خبيراً صناعياً أو حتى صنايعي على هامش المنطقة إلا وحدثني بإفاضة عن مشكلات الصناعة من مرحلة التركيب حتى مرحلة التغليف والتسويق. وما جالست خبيراً بيطرياً أو احد رعاة بلادنا إلا وحدثاني حديث العارف عن مشكلات الأنعام: التهجين والعلف والمسالخ والحليب واللحوم وصناعة الجلود من مرحلة الإعداد إلى مرحلة التصدير. وما جالست عالم طب أو ممرض مجتهد إلا حدثني عن أزمة العلاج والتطبيب في بلادنا: انهيار البنية الأساسية وهجرة الكوادر وضعف الأداء وقلة الموارد. وقد اتفقوا جميعاً على قلة التدريب وضعف الكادر البشري وانعدام الوعي وحب المهنة، باختصار نحن عباقرة في التوصيف وأميين عند التكليف.. وفي هذا السياق تذكرت الحكاية البالغة الدلالة لصحفي قديم وناشر حالم أصدر صحيفة وفي كل يوم كان يطالعها عند الصباح فيقول في نفسه متحسراً: ليس هذا المنتظر. وفي كل يوم يعقد اجتماعا مطولاً مع المحررين ويصرخ فيهم مطالباً بالتجويد حتى يصيبه التوتر ويختفي صوته من الزعيق، وتخرج الصحيفة في اليوم التالي بذات السوء.. وفي أحد الأيام والاجتماع المخيف يسير بذات المنوال رفع أحد الصحفيين الشعراء يده مطالباً بفرصة للتعليق فقال بطريقة ما قل ودل للصحفي القديم والناشر الجديد: (لا ترهق نفسك يا سيدي ولا ترهقنا معك فأنت تطالب هؤلاء بشئ لا يملكونه). قال: وما الحل؟ قال الصحفي الشاعر: التدريب والتثقيف وحب العمل والوعي والإرادة. قال الناشر: حديثك صحيح لكنني لا أستطيع ذلك فهذه مهمة الدولة ومهمة الشعب والمؤسسات، وأغلق دار النشر والصحيفة وغادر بلا عودة. حدثت بها يوماً أحد الأصدقاء الجوابين في أقطار الدنيا فقال لي متحسراً: يا أستاذ أنا قد ذهبت إلى استراليا والبراري الكندية فوجدت أن القمح الذي يُصدر لنا رغم الأراضي والأنهار والأمطار التي نملكها ينتجه شباب من الجنسين (زي الورد)، فقلت له مبتسماً: نحن نملك ملايين الشباب الذين يملأون المدن والريف ينتظرون الإشارة من زعيم صالح أو ثائر ملهم ولكنهم لا يجدون هذا ولا ذاك.. أما قصة الورد والأزاهير فهي موجودة في أشعارنا وأغنياتنا ولكنها ليست على الأرض ولن تكون. واعلم أن الخير والكفاية والعدل أخوة للجمال ونحن في هذا البؤس لا نجد زمناً لنزرع الحدائق أو نحدق في النجوم ولا الغيمات المسافرة.. والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلا..

أليس من العيب عزيزي القارئ أن يكون نجوم الراهن ربان سفينة قمح في البحر تنتظر الدولار .. ووزير تجارة ناشط بلا خبرة ينتظر الفرج؟ وصفوف من الرجال والنساء تنتظر قطعة خبز عجفاء؟

أليس من العيب عزيزي القارئ أن يكون كل هم ثورة ديسمبر هو في كيفية توزيع (قمح الشحدة ووقود الإغاثة بعدالة؟)!!!

حسين خوجلي

‫2 تعليقات

  1. تحية طيبة
    اكن لك كل الود يا استاذ خوجلي وانا من المعجبين باسلوبك وحوارات ومعرفتك الفكرية والثقافية
    اما بخصوص مطالبتك لوزاراء ثورة ليس لديهم خبره ان يجعلو براري وسهول السودان كبراري كندا واستراليا
    فى فترة خمسة اشهر والاسلامين الكيزان ذو الخبرات والموهلات العلمية حكمو السودان ثلاثين عاما لم يجعلو مشروع الجزير ثلة غذاء السودان
    بل تم تدميره حتى اصبح لا يكفى اهل الجزيرة دعك من ان يكون ثلة غذاء العالم كما كانت شعاراتهم تدل على ذلك.
    فيا استاذ انسى شعارات التى كانت ترفع فى عهد النظام البائد والفاسد وادعم الشباب الزى الورد واعمل خيرا فى بلدك انت سيد المعرفة والخبره كما كانو
    جماعتك يدعون ذلك.

  2. ولماذا لم تزرعوا قمحاً وورداً طليلة الثلاثون عاماً ياحسن صحيح الاختشو ماتور ياحسن