عالمية

العربية.نت تكشف أسرار 9 سنوات من مفاوضات سد النهضة


خلال أيام سيسدل الستار على مفاوضات سد النهضة، خاصة بعد الإعلان المرتقب للاتفاق النهائي بين الدول الثلاث مصر والسودان أثيوبيا والمقرر توقيعه نهاية فبراير الحالي في العاصمة الأميركية واشنطن.

ومساء أمس السبت أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التزام مصر بإنجاح المفاوضات الجارية بمسار واشنطن، مضيفا خلال لقائه مع هيلا ميريام ديسالين، رئيس وزراء إثيوبيا السابق والمبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، أن التوقيع على الاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، من شأنه أن يحفظ التوازن بين مصالح جميع الأطراف، كما سيفتح آفاقاً رحبة للتعاون والتنسيق والتنمية بين الدول الثلاث، وسيأذن ببدء مرحلة جديدة نحو الانطلاق لتطوير العلاقات المتبادلة بينهم، وما لذلك من مردود إيجابي وتنموي على منطقة حوض النيل بأسرها في ضوء الثقل الإقليمي للدول الثلاث.
توتر وتهدئة
9 سنوات كاملة من المفاوضات الماراثونية بين الدول الثلاث شهدت عمليات شد وجذب وتوتر وتهدئة، ووساطات دولية للوصول لصيغة توافقية تحفظ مصالح الدول الثلاث وحقوقها المائية.

ويرصد الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بكلية الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، ورئيس قسم الموارد المائية بمعهد البحوث الإفريقية، تفاصيل مفاوضات سد النهضة خلال السنوات التسع، ويقول لـ “العربية.نت” إن المفاوضات بدأت في العام 2011 وعقب اندلاع ثورة يناير حيث رصدت مصر بدء قيام السلطات الإثيوبية ببناء سد النهضة، وكان اسمه مغايرا حيث أطلق عليه في البداية اسم أكس، ثم الألفية، ثم تحول فيما بعد لسد النهضة، وبناء عليه زار رئيس الوزراء المصري وقتها عصام شرف إثيوبيا والتقى رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي، واتفقا على التوصل لتشكيل لجنة دولية لمراجعة الدراسات الخاصة بالسد، وتعديل ما تراه اللجنة مناسبا للحفاظ على مصالح مصر المائية.

بعد ذلك- كما يقول أستاذ الموارد المائية المصري -مرت المفاوضات بخمس مراحل، بدأت الأولى في مايو من العام 2011 وانتهت في مايو 2013، حيث تمت مراجعة الدراسات الهندسية الإثيوبية لـسد النهضة، وتقييم الضرر على دول المصب، مضيفا أن تلك المرحلة انتهت بصدور تقرير لجنة الخبراء الدوليين في 31 مايو 2013 وأدان الخطوة الإثيوبية بإنشاء سد كبير بدراسات أولية ضعيفة لا ترقى إلى مستواه.

اجتماع الخرطوم
في الفترة من يونيو في العام 2013 دخلت المفاوضات الخاصة بالسد المرحلة الثانية واستمرت حتى يناير من العام 2014، وكانت تتركز حول تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين التي انتهت بإعلان فشل اجتماع الخرطوم في يناير 2014. ويقول خبير الموارد المائية إن اجتماع الخرطوم فشل في التوصل إلى اتفاق حول تشكيل لجنة من الخبراء الدوليين لمتابعة المشروع بسبب رفض إثيوبيا.

بدأت المرحلة الثالثة من المفاوضات في أغسطس من العام 2014 وعقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي سدة الحكم وانتهت في نوفمبر من العام 2017، وانطلقت عقب لقاء جرى بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في ملابو بغينيا الاستوائية، حيث تم الاتفاق على مواصلة المفاوضات وإجراء دراستين مائية وأخرى بيئية واقتصادية واجتماعية دون إجراء أي دراسات على هندسة السد لإصرار إثيوبيا على القيام بها بمفردها، و توجت تلك المرحلة بتوقيع إعلان مبادئ سد النهضة في الخرطوم 23 مارس 2015.

ويشير الخبير المصري إلى أنه خلال الفترة التي أعقبت توقيع الاتفاق حدثت خلافات حول المكاتب الاستشارية التي ستعد تقارير عن السد وأمانه، أعقبها انسحاب المكتب الهولندي الذى رشحته مصر لعدم قبوله شروط إثيوبيا، فيما بدأ مكتب فرنسي في إعداد التقرير الاستهلالي، واعترضت مصر عليه في البداية ثم وافقت بعد ذلك، إلا أن المفاجأة كانت باعتراض إثيوبيا والسودان عليه، لتنتهي تلك المرحلة من المفاوضات بالفشل الذريع وتعلن مصر في 12 نوفمبر من العام 2017 تعثر المفاوضات رسميا.

لجان ثلاثية وسداسية وتساعية
بدأت المرحلة الرابعة من المفاوضات في ديسمبر 2017 وشهدت تفاوضا على عدة مستويات شارك فيها وزراء الخارجية والري ورؤساء المخابرات، وتشكلت لجان ثلاثية وسداسية وتساعية، ولكن مع التعنت الإثيوبي تم إعلان فشل المفاوضات، عقب اجتماع عقد في القاهرة يومي 4 و5 أكتوبر من العام 2019، تم الإعلان فيه عن وصول المفاوضات إلى طريق مسدود.

ويتابع الخبير المصري أنه بعد ذلك انطلقت ترتيبات المرحلة الخامسة والأخيرة من المفاوضات، حيث طلبت مصر تنفيذ البند العاشر من اتفاق إعلان مبادئ سد النهضة بمشاركة وسيط دولي، مضيفا أن إثيوبيا رفضت مشاركة أي وساطة، ولكن في القمة الروسية الإفريقية التي عقدت في سوتشي 23 أكتوبر 2019 بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ترددت أنباء عن دخول روسيا كوسيط إلا أنه بعد ذلك أعلنت واشنطن دعمها للدول الثلاث في السعي للتوصل لاتفاق واستعدادها للوساطة.

كسر جمود مفاوضات سد النهضة
ويقول إن واشنطن أعلنت في 23 أكتوبر 2019، حرصها على كسر جمود مفاوضات سد النهضة، وترحيبها بعقد لاجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث في السادس من نوفمبر 2019، بالعاصمة الأميركية ورحبت الدول الثلاث بذلك، وسارت المفاوضات برعاية أميركية وبحضور البنك الدولي، مضيفا أن اللجان الفنية واصلت اجتماعاتها في القاهرة وأديس ابابا والخرطوم وواشنطن للتوصل للتوافق حول قواعد الملء والتشغيل حتى صدر في منتصف فبراير الحالي بيان مشترك عن الدول الثلاث أشار إلى توصل الوزراء إلى اتفاق حول الملء والتشغيل في سنوات الجفاف، والجفاف الممتد، وهو ما سيتم صياغته في اتفاق قانوني سيتم التوقيع عليه في واشنطن بعد أيام.

ويختتم الدكتور عباس شراقي ويقول إن مشكلة سد النهضة ستظل قائمة حتى بعد توقيع الاتفاق ما لم يتم وضع اتفاق شامل ينظم التشابكات المائية بين الدول الثلاث خاصة عند إنشاء إثيوبيا لسدود جديدة على النيل الأزرق، مضيفا أن إثيوبيا تعتزم بناء 30 سدا في المستقبل بينها 3سدود كبيرة على غرار سد النهضة على النيل الأزرق وهو ما سيثير الخلافات مجددا وتعود بالملف لنقطة الصفر من جديد.

العربية نت