رأي ومقالات

صححوا مسار التعاون ولكن لا توقفوا أنشطته

بتاريخ 25 أبريل 2020 أصدر السيد وزير الصناعة والتجارة الاتحادي قراراً بالرقم 47 لسنة 2020 يحوي فقرات ثلاثاً، الأولى: تقضي بإيقاف تسجيل الجمعيات والمؤسسات والاتحادات التعاونية بكل الولايات لحين إشعار آخر. والثانية تأمر بإيقاف نشاط أي جمعية أو مؤسسة أو اتحاد إلا بعد أن تتم مراجعتها واعتمادها من قبل المسجل العام. والثالثة تنص على أن يُعرّض للمسائلة القانونية والإدارية كل من يخالف هذا القرار.
نحن مع تصحيح الحركة التعاونية، ومع الفقرة الأولى من القرار والقاضية بإيقاف تسجيل الجمعيات التعاونية وذلك لحين وضع ضوابط وأسس جديدة لتسجيل ومسار الجمعيات التعاونية.

غير أن الفقرة الثانية من القرار خطيرة جداً، وآثارها كبيرة للغاية. ولا أدري هل قام الفنيون بوزارة الصناعة والتجارة بدراسة هذه الآثار قبل رفع القرار للتوقيع أم لا؟
الجمعيات التعاونية بالآلاف، في ولاية الخرطوم فقط أكثر من 2400 جمعية تعاونية مسجلة، أقدمها جمعية ود رملي الزراعية التي تأسست في العام 1949م، فضلاً عن مؤسسات تعاونية واتحادات تعاونية متعددة. للجمعيات والاتحادات والمؤسسات أنشطة زراعية وصناعية وتجارية واسعة جداً، تدور فيها أموال ضخمة للغاية، بعضها من مساهمات الأعضاء، والبعض الآخر عبارة عن تمويلات من بنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، التي توسعت في تمويل التعاونيات مؤخراً بصورة كبيرة جداً.

خطورة الفقرة الثانية من قرار الوزير أن لهذه الجمعيات حقوقا لدى آخرين سوف يتوقف تحصيلها، وعليها التزامات لبنوك ومؤسسات وتجار سوف تعجز عن الوفاء لهم. وبالتالي سوف يتعرض الضباط الثلاثة لكل جمعية أو مؤسسة أو اتحاد للمطاردة والاعتقال بواسطة نيابة المصارف، والنيابات الجنائية الأخرى. وسوف تصادر وتباع أصول الجمعيات المرهونة للمصارف تحت قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف الذي لا يجامل.

العشرات من الجمعيات تعمل من خلال رؤوس أموالها التي هي عبارة عن مساهمات عضويتها، إنه مال خاص، كيف نمنعه من العمل والشغل والتدوير؟
ربما يقول قائل إن هذه الاتحادات والمؤسسات والجمعيات يمكنها مباشرة العمل فور مراجعتها واعتمادها من المسجل العام (ومقره الخرطوم). أعلم أن إدارة المراجعة لدى الإدارة العامة للتعاون ضعيفة من حيث عدد الكوادر البشرية وإمكانيات الحركة. وهي بالتأكيد عاجزة عن مراجعة الجمعيات التعاونية بولاية الخرطوم، ناهيك عن الجمعيات بكل أنحاء السودان. ربما يستغرق أمر المراجعة سنوات. هذا إذا غضضنا النظر عن أن هناك قانوناً للتعاون في كل ولاية. وأن دور الإدارة العامة للتعاون بالوزارة الاتحادية هو السياسات والتدريب والعلاقات الخارجية.
أتمنى تعديل هذا القرار حتى لا تصاب الحركة التعاونية في مقتل. والله الموفق.

د/ عادل عبد العزيز الفكي
صحيفة السوداني