حسين خوجلي يكتب: صقور وحمائم
١. إثنان من المحاضرين بجامعة سودانية عريقة عادا من البعثة مزهوان بالشهادة والصيت، وقد اعتنقا في بلاد المهجر مذهب الدهرية لا يؤمنان بغيب ولا ببعث ويريان الحقيقة من خلال البحث التجريبي. دخل عليهما يوما شاب صادق العبارة، وضئ الوجه في ثياب بسيطة، لكنها نظيفة سلم في أدب وذكرهما دون سابق معرفة بأهمية الاستعداد للموت والموقف العظيم، حيث تجزى كل نفس بما كسبت. وذكر لهم طائفة من مشاهد يوم القيامة الخوف والرجاء والثواب والعقاب، وأهداهما كتابين بلا ثمن عن مشاهد يوم القيامة، ودعا لهما خيرا وانصرف في رفق كأنه نسمة عابرة. صمتا لدقائق كسرها أحدهما بعبارة موحية لا تخلو من طرافة: (تعرف يا أبو عفان لو القصة دي بقى فيها قيامة أنا وأنت بنكون اتلعبنا لعبة كبيرة خالص) ودخلا في فاصل من الضحك الطويل حتى ادمعت أعينهما.
صارا لاحقا من حمائم المسجد.
٢. تخيلت أن أحد شباب الثورة الملتزمين دخل فجأة على مكتب السيد رئيس الوزراء ومعه وزير الدولة بالخارجية دكتور عمر قمر الدين ( كفاية)، وحدثهما عن خطورة بعثة الامم المتحدة التي ستتحكم في كل السودان، وتفكك القوات النظامية، وتشارك في اعداد الانتخابات، وتضع الدستور، وتفض النزاعات، ويمكن أن تفعل ما تشاء بلا اذن من أحد ما دمنا رسميا طلبنا ذلك. واضاف بلغة قارصة ? ترى ماذا بقي لنا من سيادة يا سيادة الرئيس؟ ودفع اليهما بكتابين بعنوان من مشاهد يوم الوصاية، وخرج بعدها في رفق وأدب. ساد المكتب الباهي سكون مخيف لدقائق التفت بعدها حمدوك نحو الوزير قائلاً:( تعرف يا قمر الدين لو طلع توصية السفير البريطاني دي استعمار نكون أنا وإنت اتلعبنا لعبة كبيرة خالص )
صارا لاحقا من صقور المقاومة.
حسين خوجلي