سراج النعيم يكتب: حكومة عجيبة وغريبة.. تعصر على المواطن بالكمامات لإزالة التشوهات
يتأرجح المشهد السوداني ما بين شد وجذب منذ انتشار فيروس (كوفيد-19) المستجد، والذي نجم عنه إصابات ووفيات على حد قول السلطات الصحية في البلاد، والتي اتخدت التدابير الاحترازية الوقائية، وأصدرت القرارات دون دراسة آثارها السالبة على الأوضاع الاقتصادية المذرية للمواطن داخل وخارج السودان، خاصة وأن هنالك عدد كبير من السودانيين العالقين في بعض الدول، إلا أن الأكثر تضررا هم السودانيين العالقين بمصر، فالأغلبية العظمي منهم شدت الرحال إلى (القاهرة) لتلقي العلاج، وصادف ذلك ظهور وانتشار وباء (كورونا)، وفيما بعد تفاجأوا بإغلاق المطارات، المواني والمعابر، مما عطل عودتهم إلى البلاد، بالإضافة إلى أن الإجراءات تسببت في تعطيل العمل بالمؤسسات الحكومية والخاصة.
حقيقة هذه الحكومة أثبتت أنها عجيبة وغريبة في إدارتها لملف فيروس (كورونا)، والذي منذ اطلالته في المشهد السوداني، لا هم لها سوي وضع التدابير الاحترازية الوقائية، وإصدار القرارات غير المدروسة، كقرار إلزام المواطن بارتداء (الكمامة) إزاء التطور الذي يشهده الفيروس، ومثل هذا القرار نؤيده بشدة في حال رفعت الحكومة الحظر الشامل، وعادت إلى الحظر الجزئي للتعايش مع الجائحة تدريجياً. إن إلزام المواطن بارتداء (الكمامة) يتطلب من السلطات توفيرها (مجاناً)، والتي أطرح في ظلها أسئلة في غاية الأهمية من أين للمواطن بالمال لشراء الكمامات؟ وهل هي متوفرة في الصيدليات والمحلات التجارية الطبية، وكم يبلغ سعرها؟؟؟، وما طرحته من أسئلة ليس مهما الإجابة عليها، إنما المهم هو توفيرها (مجاناً)، ومن ثم قرروا إلزام المواطن من عدمه.
يبدو أن بعض الدول المتأزم موقفها سياسياً، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا وفكريا ما صدقت انتشار جائحة (كورونا)، وبدأت في توظفيها بما يروق لها، وهذا يؤكد أن الفكرة منحصرة في مصلحة البقاء بأي صورة من الصور بدليل أن التدابير الاحترازية الوقائية والقرارات المقيدة للحركة لا تصبب في مصلحة المواطن الذي صبر صبراً منقطع النظير.
هل تعلم الحكومة الانتقالية أن (الكمامات) إذا توفرت، فإنها تباع في الشوارع العامة، وعند إشارات المرور، وبأسعار مضاعفة عشرات المرات عن سعرها الحقيقي، فمن أين يأتي المواطن المقلوب على أمره بالمال لكي يشتريها، أليس الأجدر بكم تقديمها له (مجاناً)، كما تفعل معظم دول العالم التي لا تكتفي بالقرارات والتدابير الاحترازية وحدها في إدارتها للأزمات، بل توفر لمواطنيها الاحتياجات الخاصة بهم، لذا السؤال لماذا تعصر الحكومة الانتقالية على المواطن دون أن تعصر على نفسها، ولو لمرة واحدة قبل أن تلزم المواطن بأن يعفل كذا وكذا، وإلا فإنه مهدد بالغرامة أو السجن في حال أنه خالفها، اهكذا تعلمتم التعامل مع إنسان السودان الذي يتم استغلاله بقراراتكم وتدابيركم الاحترازية الوقائية في أبشع الصور، وذلك من خلال السوق السوداء، والتي انهكت ميزانيات محمد أحمد الغلبان، وميزانيات الأسر الفقيرة أن وجدت أصلاً، وبالتالي لا يمكن لهؤلاء أو أولئك شراء (كمامات) طبية، ولو كان سعرها جنيهاً، ناهيك عن سعرها الذي وصل إلى أكثر من (٢٠٠) جنيهاً، وهذا في حال أنها توفرت، وقطعا عدم توفرها يعود إلى أن هنالك من ظل يشتريها بكميات كبيرة من الصيدليات، ويخزنها في انتظار أن تصدر الحكومة الانتقالية قراراً بخصوص فيروس كورونا، ثم يطرحها للبيع بالسعر الذي يروق له، وظل هذا الوضع مستمرا منذ انتشار الجائحة، وإعلان أول حالة مصابة بفيروس كورونا، وعليه ساعدت الحكومة الانتقالية على الجشع والطمع الذي يمارس على المواطن باستغلال القرارات غير المدرسة، والتي تركت تأثيرها اقتصاديا وإنسانيا، فالكمامات تباع في الشوارع العامة، مما يعرضها للتلوث.
إن الإجراءات المتسارعة المتخذة من قبل الحكومة منذ الـ13 من الشهر الجاري، إجراءات أصابت إنسان السودان بشلل تام، لأنها إجراءات خاطئة وغير مدروسة من النواحي الاقتصادية والإنسانية، وبالتالي فتحت تلك الإجراءات الأبواب مشرعة لاستغلال المواطن، والذي يجد نفسه محاصرا بين نار التدابير الاحترازية الوقائية من جهة، ونار جشع بعض الشركات، المصانع والتجار من جهة آخري، أي الكل يستثمر في جائحة (كورونا)، وليس مهما عندهم من أين يجلب إنسان السودان المال الذي يوفر به مستلزماته؟، مع العلم أنه ظل (عاطلا) عن العمل بسبب انتشار الفيروس في السودان، وذلك بحسب تقارير وزارة الصحة، وعليه فإن الإجراءات المتخذة من السلطات الصحية أدخلت المواطن في هلع وخوف من المصير الذي ينتظره أو الذي يخفيه له القدر في المستقبل خاصة في حال ظل فيروس كورونا مسيطرا على المشهد، والذي لم تكن الحكومة الانتقالية موفقة في إدارة ملفه بما تبثه في نفوس الشعب السوداني من هلع وخوف، وهو الأمر الذي جعل الإنسان بصورة عامة قلقا على الحاضر والمستقبل الذي يكتنفه الكثير من الغموص، ومن ثم فرضت الحظر الشامل، والذي تسبب في عدم وجود مستشفيات للعلاج من الأمراض غير مرض (كورونا)، وعليه أطلق عدد من المرضي نداءات استغاثة للأطباء لسد نقص الكوادر الطبية في بعض المستشفيات، وجاءت تلك النداءات بعد أن عجزت السلطات من القيام بدورها المنوط بها.
سراج النعيم