رأي ومقالاتمدارات

الشرطة تطلق الرصاص علي متظاهر بالخرطوم معارض لقحت وهو يصور بث مباشر وأردته قتيلاً

شاهدت قبل قليل علي بث مباشر اطلاق الشرطة للرصاص علي متظاهر بالكدرو معارض لقحت ..
أطلقت عليه الرصاص و هو يصور بث مباشر و أردته قتيلاً ..
قمت بحذف الفيديو لدمويته ..
لا يعرف الواحد حقيقة الشعور الذي يختلجه .. كل يوم تزداد قناعتي بأن الدولة الحديثة شر كبير ..
كل يوم أفكر في مجتمع جديد بعيداً عن شر الدولة .. أفكر في العزلة .. في أنشغال الفرد بزراعة طعامه .. و تربية ماشيته .. و حفر بئر سقياه .. تدبير طاقة أنارته من ألواح شمسية .. و حماية نفسه ببندقيته ..
أن يحيط الأنسان نفسه بقلة يحبهم .. أن يحيا في الطبيعة .. يستنشق هواءاً نظيفاً .. و يستمتع ببعض الأفلام الوثائقية عن الطبيعة من حين لأخر .. و يتتبع قرص الشمس من “عنقريب ” منسوج بعناية ..
المجتمع الذي تصنعه الدولة الحديثة قائم أساساً علي صناعة القيود علي التفكير و مصادرة الحرية .. هذا المجتمع لا يكتفى برسم القيود و الحدود .. بل يقوم نيابة عنك بتعريف ما هو صواب و ما هو غير ذلك .. يستغل أغلبيته المكانيكية في جعلك تتبع أفكاراً أو أوهاماً تخص الأخرين ..
المجتمع الذي تصنعه الدولة الحديثة هو مجتمع مضطرب .. و مشوه .. الدولة نفسها هي أختراع حديث مفروض بالقوة .. و الدولة الوطنية هي تطور خارق للمنظومة الأخلاقية التي تبرر العبودية .. تريد أن تعرف هذه العبودية ؟ كلما أزدادت درجات التعقيد في المجتمع الذي تعيش فيه و وصف بأنه مجتمع حديث كل ما لحظت تقيد الناس أكثر و أكثر بالقانون بطريقة ألية .. للحد الذي ربما يجعل عقلك يقف عند الأشارة الحمراء علي طريق خال في ساعات حظر تجوال .. حظر بالطبع لم يشاورك فيه أحد .. الطريق خالي تماماً و لكنك لا تستطيع العبور .. المشكلة ليس في أنك لا تستطيع العبور .. المشكلة أنك أصبحت تقف هناك بأنتظار بزوغ الضوء الأخضر كالأبله و كأن الأمر يبدو طبيعياً ..
قبل أن أن أتعرف علي التلفزيون و علي السوشال ميديا و حتى علي الأصدقاء الثرثارين و الكسولين .. كنت أقضى النهار في أستكشاف البيئة المحيطة بي .. صنعت دواءاً من ورق شجرة “الجهنمية ” و قمت بتشريح ضفدع و ملكة نمل .. أصطدت جرذين و تعلمت كيفية تحويل دبور الحناء الي كائن اليف يمكن ربطه بخيط .. كان النهار يبدو غنياً مليئاً بالحكاوى و بالأحاجي و الشطرنج و الحب ..
الخرطوم تحولت بسرعة في أعوام قصيرة .. فلتت من بين أيدى أهلها الي أخرين .. أخرين مولعين بالتنافس و الرغبة المريضة في الحكم .. الرغبة في القتل و التدمير .. النفس التي تشهد الحرب تشوهها .. و هذه الذوات المشوهة تشوه حياتنا .. تحرمها من الألوان ..
دولة الحد الأدنى .. بل دولة الحد الأدنى من أدنى هي المنشودة .. الدولة المتضخمة ستظل شيئاً يرغب الجميع فيه بشدة حيث الدولة هي مارد سحري .. الهة العصر الحديث .. و من يحصل علي الدولة يحصل علي كل شئ ..
تدمير هذه الدولة المتمددة .. المتدخلة في كل شئ .. التي تبسط يدها علي الطريق و الحريق و الغريق .. التي تحدد لنا كل شئ .. بمؤسساتها و مدرستها .. و هياكلها المترهلة ..
أطلاق الرصاص علي شاب صغير ليس حدثاً ينتهى عند فوهة البندقية .. ليس حدثاُ ينتهى عند مظاهرة أو تعبئة سياسية .. أطلاق الرصاص علي شاب يافع هي صافرة أنذار .. بأن حياتنا هي ملك لأخرين و سيأخذونها متى أرادوا ذلك ..
عبد الرحمن عمسيب

*الصورة اعلاه للقتيل
الشاب محمد أحمد عبدالله

‫3 تعليقات

  1. قتيل أم شهيد؟
    الآن سترضى قحط عن مدير عام الشرطة وترفع عنه لقب كوز وتشطب المطالبة بإقالته.

  2. بالعكس هذه فرصة ذهبية سينتهزوها لينالوا من الشرطة ويضربوها وينعتوها بأنها وكل القوات النظامية بالتهور والقتل وكل الصفات الذميمة بالرغم من ان القتيل يخالفهم

  3. ليه تتهم الشرطة
    اين دليلك ..
    اين قانون المعلومات ..
    لو رايت المقتول .. فانك لم ترى القاتل