برشلونة حكاية غريبة

حكاية نادي برشلونة أكبر من كونها قصة نادى كرة قدم فهي قصة نجاح طويلة باهرة ثم تداع سريع مفاجىء مذهل.فنادي برشلونة الذى تأسس منذ قرن وعشرين سنة و يتغنى مشجعوه بنشيد النادي الذي كاد يصبح نشيدا لكاتلونيا في مواجهة الداخل والخارج وتقول كلماته ( لا أحد قادر على قهرنا) قد ظل هذا التحدي للجميع تحديا صامدا لعقود عدة حقق خلالها النادي نجاحات سامقة باهرة.
فالنادي الذي تأسس في نوفمبر من عام 1899 على يد أربعة لاعبين من أصول جنسيات سويسرية وإنجليزية وألمانية وإسبانية وبقيادة الإسباني ذو الأصول السويسرية خوان غامبر اصبح رمزًا للثقافة الكاتالونية والقومية الكاتالونيةالساعية للانفصال عن أسباني منذ عقود. وأصبح شعاره( أكثر من مجرد ناد) يعبر عن حقيقة إقتصادية و سياسية لما للنادي من أثر سياسي وإقتصادي بتمثل في دعم السياحة لكاتلونيا المصدر الرئيس لإقتصادها . ويمتلك النادي ويديره كتالونيون متعصبون لأإقليمهم وناديه. وهو من أغنى أندية كرة القدم في العالم ، ويواجه برشلونة منافسه التقليدي ريال مدريد في مواجهة لها كنايات سياسية فنادي ريال مدريد يمثل أسبانيا الرسمية التى تمثل التحدي والعائق الرئيس لأحلام كاتلونيا في الاستقلال وصار التنافس الشديد بين الناديين أمرا معتادا تقليديا حتى سميت المواجهة الراتبة بينهما بالكلاسيكو .
وبرشلونة هو أحد أكثر الأندية نجاحًا في تاريخ كرة القدم الإسبانية والأوربية وذلك من حيث عدد البطولات المحلية، فقد فاز بستة وعشرين لقبا فى دوري أسبانيا ، وبرقم قياسي في كأس إسبانيا بثلاثين لقبًا، وثلاثة عشر لقباً في كأس السوبر الإسباني ولقبين في كأس الدوري. وهو أيضا من أنجح الأندية في تاريخ كرة القدم الأوروبية على صعيد البطولات الأوروبية إذ حقق سبعة عشر لقبا قاريا أوروبيا بفوزه ببطولة دوري أبطال أوروبا خمس مرات، وأربع مرات بكأس الاتحاد الأوروبي للأندية أبطال الكؤوس، وخمس مرات بكأس السوبر الأوروبي، إضافة لحصوله على بطولة كأس العالم للأندية ثلاث مرات. وهو النادي الأوروبي الوحيد الذي لعب كرة القدم القارية في كل موسم منذ عام 1955 وحتى 2020.
و في عام 2009، أصبح برشلونة أول نادٍ في إسبانيا يفوز بثلاثية الدوري، كأس ملك إسبانيا، ودوري الأبطال، وفي نفس العام، صار أول نادي كرة قدم يفوز بستة من أصل ست بطولات في عام واحد، ليكتمل الإنجاز بالسداسية، التي تشمل الثلاثية المذكورة بالإضافة إلى كأس السوبر الإسباني وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية. وهو أول نادٍ في إسبانيا يحقق ثلاثية الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا في نفس العام مرتين في 2009 و2015.
و يبلغ عدد أعضاء النادي المسجلين والناشطين نحوا من مائتي ألف عضوا ،وربما يكون مشجعوه عبر العالم هم أكبر قاعدة مشجعين في العالم. كما أن صفحات النادي الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي تحقق أعلى نسب المتابعة والإعجاب مقارنة بباقي الأندية العالمية الأخرى.وينشط النادي في عدة وجوه نشاط رياضية أخرى غير كرة القدم مثل كرة السلة وكرة اليد وهوكي الجليد وكرة الطائرة وغيرها وإنجازات النادي في تلك الرياضات لا تقل تميزًا عن إنجازات فريق كرة القدم لكن فريق كرة القدم هو الإمبراطورالمتوج.
وحتى أول من أمس لم يكن أحد يتوقع أن يصيبه ما أصابه من هزيمة نكراء لم تزلزل أركان النادي العريق فحسب بل زلزلت أركان أقليم كاتلونيا بأسره، وربما كان لها هزات توابع فى مدريد العاصمة الإسبانية . وهزيمة برشلونة المذلة ليست مثل أية هزيمة في كرة القدم فالهزيمة صنو النصر في كرة القدم ولكن بالنسبة لنادي مثل برشلونة فهزيمته وتفكك الفريق من بعدها ليست كغيرها فإذا كنت فريدا صار كل ما بنسب إليك فريدا و لن يكون الحال مابعدها مثل الحال ما قبلها مهما جرت من محاولات لإحتواء التداعيات وهي لن تتوقف عند كرة القدم بل وسوف تلحظ أثارها في توازنات السياسة في إسبانيا وفي تراجع السياحة بها في زمان لا تزال فيه السياحة الاسبانية والكاتلوتية تعاني أثار كرونا المدمرة
وزمان كرونا كان زمان تداعي الشركات الكبرى في مجال النقل والسياحة .
والمتأمل في قصص الصعود والسقوط للدول و الشركات والهيئات سيجد في ( البرسا) مثالا بارزا لسنوات قادمات ولكن هل تكفي سنوات قليلات للتعافي مما جرى .سؤال منتصب لن تجيب عليه الا أيام حبلى بكل غريب عجيب ومذهل مدهش. وسوف تظل عبرته لمن يعتبر حتى لا يقول( لا أحد بقادر على قهرنا). فالجبار الذي لا يقهره أحد ولا شيء هو الله رب العلمين.
ملاحظة: ,كاتب الكلمات من محبي البرسا ومشجعيها ولكن حب الحقيقة هو الحب الأول وقد قيل
كم منزل في الارض يسكنه الفتى
وحنينه دوما لأول منزل.

بقلم
أمين حسن عمر.