نهر النيل يسجل أعلى منسوب منذ 100 عام ..إضاءة على فيضان 1878
بعد انتهاء محمود باشا الفلكي، من إنشاء مقياس أسوان عام 1869 بسنوات قليلة، رصد المقياس أعلى فيضان قادم من الهضبة الإثيوبية مخترقا السودان ومتجها نحو مصر ، وهو فيضان عام 1878.
وسجل نهر النيل أمس الخميس، أعلى مستوى منسوب منذ أكثر من 100 عام حيث بلغ 17.43 مترا مقارنة بـ17.26 مترا عند فيضان العام 1946 الشهير، والذي كان الأكبر في تاريخ السودان الحديث و مصر ، كما أوردت وكالات الأنباء العالمية والعربية.
وُصف هذا الفيضان بالمخيف والمدمر فقد زلزل أمان البلاد وذهب بثروتها، وحمل الجثث من السودان ، وفي مصر إلى ناحية المصب بالبحر المتوسط كما وصفته سجلات الري التاريخية، مؤكدة أنه روع البلاد وشيب الأطفال ودمر القرى بحسب الشهادات التاريخية آنذاك.
وفي عصر الخديو إسماعيل «1830-1895» حيث اكتسح كوبري السكة قرب المناشي، وهي التي خففت من وطأة المناسيب بفرعي دمياط ورشيد، وكانت حادثة إزاحة الكوبري من أشد الكوارث الطبيعية التي شهدتها مصر في عصر الخديو إسماعيل، كما يؤكد المؤرخ إلياس الأيوبي في كتابه عن تاريخ إسماعيل وفق صحيفة الأهرام.
وو فق «بوابة الأهرام» فقصة فيضان 1878، نقلا من المذكرة النادرة الصادرة في عام 1939، للمهندس الدكتور حسن زكي، مفتش النيل بالوجه البحري، حيث يؤكد أن الفيضان تسبب في قطع النيل عند فم ترعة الشرقاوية قرب شبرا وقطع الجسر الأيمن لفرع دمياط عند بحر مويس، وعند شرباص بحري فارسكور، وقطع الجسر الأيسر عند ميت بدر حلاوة بين زفتي وسمنود، وقطع الجسر الأيسر وجملة قطوع بين الخطاطبة وكفر الزيات، وبلغت الضغوط على الجسور أشدها، في مشهد لم يحدث من قبل.
واستمر الفيضان مكتسحا كل ما حوله بعد أن دمر القرى حتى الوصول لمقر الكتبخانة الأثرية التي أنشأها الخديوي إسماعيل فدمرت الآثار؛ حيث غرقت قاعة المتحف وفقدت بعض الآثار التي لها قيمة، وقد كانت الكتبخانة الأثرية مبنية على النيل.
وأكدت وزارة الآثار، التي نشرت قصة الفيضان المدمر على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي، وانتهى البناء منها في عام 1863، وكان المتحف فى بدايته مبنى ضخم يطل على النيل وسمى (دار الآثار القديمة أو الأنتكخانة).
وفي عام 1878، وصل الفيضان لنحو 15و94 مترا عند أسوان وكانت كمية المياه تبلغ نحو 1240 مليونا من الأمتار المكعبة يوميا، كما يؤكد مفتش النيل بالوجه البحري، مضيفا أن الفيضان بدأ متأخرا بعد ملء الحياض للزراعة الصيفية، مما جعله أكثر تدميرا، وقد رأت الحكومة فيما بعد قفل 10 عيون من قناطر دمياط للاستفادة منها وللسيطرة على قوة الفيضان أيضا.
وقامت مصر ببناء مرصد في السودان وهو مرصد الخرطوم في ذات تأسيس مرصد أسوان ، كما يؤكد حسن زكي، في محاضرته، مضيفا أن أول أرصاد منتظم يصح الاعتماد عليه لرصد الفيضانات لما قبل تاريخ 1869، وهو المرصاد الذي أنشأته مصر في الخرطوم، إلا أن مرصاد جزيرة الروضة القديم قام برصد مناسيب الفيضان عام 641م، كما قامت مصر بإنشاء مقياس حلفا عام 1890.
كما تم إنشاء أرصاد في قناطر الدلتا عام 1846، وبذلك تكون أعلى الفيضانات في تاريخ النهر ب مصر فيضان 1878، الذي روع البلاد حيث بلغت أقصى ذروة له في بداية أكتوبر 94.15 متر وكذلك فيضان 1874م والذي بلغت ذروته عند أسوان حوالي 93.97 مترا أما فيضان 1887، الذي توقفت فيه حركة المواصلات تماما والسكة الحديد فهو رغم قوته إلا إنه لم يتسبب في هدم الجسور رغم أنه حمل الجثث من السودان حتى مصر .
ويقول المؤرخ إلياس الأيوي أنه بعد أن شهد عصر إسماعيل أقوى فيضان جاء بعد النيل ناقصا مما تسبب في مجاعة أدت لموت 10 آلاف مواطن بمحافظات الصعيد، مما جعل الكتاب الأجانب يكتبون عن المجاعة التي أودت بحياة البشر، وجعلت الخديو إسماعيل في مأزق.
ويوضح مفتش النيل بالوجه البحري أن تأثيرات فيضان 1878م كانت قليلة رغم أنه مخيف ومرعب نظرا لقلة عدد سكان مصر البالغ نحو 6 ملايين نسمة بالإضافة لقلة العمران مؤكدا أن فيضان 1938م كان يماثل قوة الفيضان المدمر.
نهر النيل