رأي ومقالات

ورطة جوبا: اتفاق يعمق الازمة.. ندي القلعة أخف مصائب اتفاق جوبا

ورد في الأخبار ان اتفاق جوبا نص على تمديد الفترة الانتقالية إلى 39 شهرا ابتداء من تاريخ توقيع الاتفاق على أن تشارك الأطراف الموقعة في السلطة الانتقالية بثلاث مقاعد في مجلس السيادة ليرتفع عدد أعضاء المجلس إلى 14 عضوا، وسيحصل الموقعون أيضا على 5 مقاعد في مجلس الوزراء حيث يتوقع رفع عدد الحقائب الوزارية إلى 25 حقيبة، و 75 مقعدا في المجلس التشريعي الذي يتوقع تشكيله من 300 عضوا.
أولا ان أي سلام يستثني اكبر حركتين مسلحتين هو علي أحسن تقدير جزئي، غير انه غالبا قد يعقد من التفاوض المستقبلي مع الحركتين الوحيدتين المسلحتين.
ومن المعروف ان الحركة الشعبية الموقعة قد تم نزع مخالبها ولا تملك لا جيش ولا تنظيم سياسي وانفض عنها داعميها من أهل الخارج وحتى وجودها الاسفيري صار مصدر شفقة أحيانا ومصدر تندر أحيانا أخرى.
ولكن تلاشي الجبهة الثورية والحركة الشعبية الموقعة, وميكروسكوبية مجموعات الفكة العالقة بهم, ليس هو المشكلة. الورطة تتمثل في انه إذا أعطت اتفاقية جوبا هذه الأطراف
منزوعة السلاح – فوق غنائمها الولائية – ثلاثة مقاعد في مجلس السيادة وخمس وزارات فدرالية و 25 في المائة من البرلمان التشريعي, فهذا يعني أن حركتي عبد الواحد وحركة الحلو ستطلب كل منهما بنفس النسب , أو اكثر بما يتناسب مع ضخامة وجودهما العسكري والسياسي وإلا فسوف ترفضا الانخراط في محادثات سلام بداية.
وهذا يعني ان اتفاق جوبا عمليا أما انه سيحبس السلام مع حركات الحلو وعبد الواحد أو سوف يتم الغاءه كشرط لإعادة التفاوض مرة أخرى من نقطة الصفر مع هذين الحركتين.
أيضا فإن دمج مقاتلي الجيش الشعبي والجبهة الثورية في الجيش السوداني يعني أيضا معاملة حركتي عبد الواحد والحلو بالمثل ودمج مقاتليهم وجنرالاتهم الخلويين في نفس الجيش السوداني. كل هذا يعني ان اتفاق جوبا لو تم تنفيذه, وتعميم حصصه لتشمل مجموعات الحلو وعبدالواحد, فسوف تسيطر الحركات المسلحة سيطرة كاملة على الجيش وعلى الجهازين التنفيذي والتشريعي. وهذا نقيض المدنية التي دعت إليها الثورة السودانية.
كما سبق ان ذكرنا مرارا وتكرارا فان اهم قضية تواجه السودان حاليا هو التضخم الانفجاري وانهيار سعر الصرف , والسبب الأساس في هذه المشكلة هو عجز الموازنة الناتج من انفلات الصرف الحكومي . ومن الواضح ان اتفاقية جوبا سوف تفاقم الصرف الحكومي وتعمق من عجز الموازنة وهكذا تصب المزيد من الزيت علي مشكلة الاقتصاد الأهم بزيادة عدد الوزراء وأعضاء مجلس السيادة وعن طريق تكلفة الضباط الذين سوف يتم استيعابهم في الجيش, علما بـان كل قادة الحركة الشعبية السياسيين يحملون رتب عسكرية , وبعضهم برتبة فريق ولا بد انهم سوف يطالبون بكل امتيازات الضابط العظيم المكفولة والتي سوف تفاقم من الصرف الحكومي وبالتالي تسارع من وتائر التضخم وتلاشي العملة الوطنية .
اضف الِي ذلك ان مهندسي الاتفاق الكارثي لا يملكون تفويضا لتمديد الفترة الانتقالية ليطيلوا جلوسهم على الكراسي بدون شرعية انتخابية ودون مشاركة مجتمعية في الحكم تحت اي صيغة اخرى ذات مصداقية. وذلك عمليا يعني ان الأوضاع انتقلت من يد حكام الإنقاذ غير المنتخبين الِي أيدي مجموعات غير منتخبة تمدد لوجودها على الكراسي تحت غطاء اتفاق يعمق المشاكل.
وهكذا تدخل الحكومة وحلفائها البلاد في ورطة مستجدة في بحثهم الأبدي عن الحلول السهلة التي تتيح ادعاء الإنجاز.
اقدر ان هذا الشعب المرهق يتعطش لأخبار سعيدة وان لم يجدها سوف يخترعها, ولكن السعادة المبنية علي وهم سرعان ما تتبخر وتأتي فاتورتها الباهظة , لذلك فانه لا بديل لمواجهة الحقيقة كما هي, لان الانكار لم ينقذ أحد علي مر التاريخ ولا شيء غير الحقيقة يحرر الشعوب من اسرها. ولا شيء يعمق المصائب ويمنع الحلول مثل إشاعة الوهم والاكاذيب.

د. معتصم الأقرع

‫3 تعليقات

  1. اليس الهدف من الاتفاق وقف الحرب التي اكبر فاتورة في ميزانية الدولة. نتمني من الخبير الاقتصادي تقديم حلول وليس النقد فقط.

  2. كلام منطقي جدا….
    كل الحركات المتمردة ونعم هي متمردة وليست ذات كفاح ولا يحزنون.. وقد كانو يوما ما جزء من الميزان الفاسدين…
    كلهم ودون استثناء نفعجيه والا لما فعلوا ما فعلوا بعد كنس الوسخ…
    ليه الشروط المكلفه و التعجيزية اليس همهم تطوير البلد واستعاده الحريه وتحقيق العداله…
    كل هذا ممكن اذا كان همهم الوطن…
    كل السودان كان مظلوم و مسحوق ما عداء الحرامية الكيزان… فدمج القوات مفروض يكون تسريح القوات…. مش انتخابات وكدا فلا والف لا لي تخصيص حصص في البرلمان و الوزراء… مقبوله ان يمثلوا في المجلس السيادى لانه انتقالي ولكن بمجرد ان تتم الانتخابات هذه هي المدنيه و التوعيه و الحريه..