اقتصاد وأعمال

 سعر جديد للخبز .. المواطن يتحول لـ(بقرة حلوب) !!

ظل الحديث عن تحرير الخبز أو زيادة في سعره  مثار جدل كبير بين الحكومة وأصحاب المخابز، فعقب الانهيار الكبير الذي شهده الجنيه السوداني والذي أدى بدوره إلى اشتعال أسعار السلع الاستهلاكية بما فيها مدخلات الإنتاج لصناعة الخبز، المبرر الذي اعتبره أصحاب المخابز بالكافي لزيادة ثانية لسعر الخبز خلال العام الحالي، حيث تترقب شعبة المخابز باتحاد أصحاب العمل قرارا من وإلي ولاية الخرطوم غدا بالإعلان عن تسعيرة جديدة للخبز سبقتها اخرى في الثامن من أبريل برفع السعر لجنيهين، وبحسب عضو الشعبة بكري السر لـ(الإنتباهة ) أن الشعبة رفعت تكلفة صناعة الخبز بسعرين 3 جنيهات لـ٦٠ جراما و5 جنيهات لـ ١٠٠ جرام، وأضاف ان الوالي وعدهم بالرد غدا الخميس على التكلفة بالإعلان عن تسعيرة جديدة.

بيد ان وزارة الصناعة والتجارة بالخرطوم  ترى أن التكلفة معلومة لدى الوزارة ويتم تحديثها بصورة يومية، لجميع المدخلات الرئيسة من دقيق وخميرة والزيت والغاز، ويرى وزير الصناعة في تصريحات سابقة لـ(الإنتباهة) أن الزيادة فقط في الخميرة والزيت وترتبط بالزيادة التي حدثت في البلاد عامة بسبب ارتفاع الدولار، وحاليا هنالك حديث بأن سعره بدأ يتراجع ، أما القمح  والغاز فهو مثبت بسعر الحكومة، فالمتغير حاليا من التكلفة الخميرة والزيت، أما العمالة تتوقف على المخابز ليس لدينا علاقة بها .

ولكن الثابت أن المواطن لا تهمه كثيرا التفاصيل الدقيقة المواجهة القائمة بين السلطة الرسمية ممثلة في وزارة الصناعة والتجارة من جهة وشعبة المخابز من جهة ثانية، لكن يهمه في المقام الأول وفرة الخبز والسعر المناسب في الحصول عليه.

تحريض
وتصعيدا للأحداث بالقطاع شهد امس اتحاد أصحاب العمل وقفة احتجاجية للمطالبة بتسعيرة جديدة حرض فيها رئيس أول لجنة تسييرية عبد الرؤوف طالب الله أصحاب المخابز بعدم استلام الدقيق المدعوم والغاز ابتداء من يوم غد الخميس ، وحذر الحكومة من استخدام القوة في دخول المخابز  دون إذن منها، وقال»علي بالطلاق ما في قوة تجي تدخل أي مخبز تفتشنا ولا تقبض علينا .»
وتمسك أصحاب المخابز أثناء وقفة احتجاجية بالتسعيرة الجديدة بسعر «5» جنيهات للقطعة،  وجددوا رفضهم اي اتجاه لإبقاء السعر عند جنيهين، وهتفوا بسقوط لجنة التسيير الحالية  لجهة انها لا تمثلهم ، واتهموها بانها أساس الأزمة والمشكلة بشأن تسعير الخبز دون مراعاة للتكلفة التي قاموا باقتراحها.
واتهم طالب الله الحكومة بصنع لصوص، جازما بعدم بيع خبز زنة 80 جراما بأقل من 5جنيهات.

انتقاد لاذع
وكشف الناطق باسم تجمع أصحاب المخابز عصام عكاشة عن مقابلتهم رئيس اتحاد أصحاب العمل عقب الوقفة الاحتجاجية التي نظمت أمس، وطرح مشكلات المخابز التي تتلخص في نقطتين متمثلة في أن اللجنة التسييرية الحالية لشعبة المخابز لا تمثل أصحاب المخابز ويجب حلها، مؤكد ان رئيس الاتحاد التزم بحل اللجنة اليوم وتكوين جسم جديد لإدارة المرحلة المقبلة، لافتا الى إمهال الاتحاد حتى الأربعاء القادمة، للجلوس مع والي الخرطوم مع اللجان المختصة لدراسة التكلفة التي تم رفعها من قبل التجمع أمس وإصدار قرار بشأنها، وقال لـ(الإنتباهة) حتى ذلك الحين إذا تمت مخاطبة المخابز وفقا للتكلفة المقدمة (لله الحمد)، وتابع «إذا حدث خلاف ذلك فإن جميع الخبازين وحدوا كلمتهم في التوقف عن العمل»، مؤكدا انه كان من المفترض ان تعلن جميع المخابز التوقف عن العمل بيد ان التجمع تقدم برجاء لهم بالعمل حتى الأربعاء القادمة وبعدها لن يلزمهم بشيء.

وأوضح ان التكلفة احتوت على دراسة كاملة ومفصلة لجميع مدخلات صناعة الخبز، وبالتالى على اللجنة ان تجلب فواتير من السوق لمعرفة حقيقة الأرقام التي تم رفعها من قبل التجمع، وأضاف ان تكلفتهم وضعت على أن يكون سعر ٨٠ جراما بواقع ٥ جينهات، جازما بصعوبة إنتاج خبز أقل من ذلك لجهة ان نسبة الاسنخلاص عالية.

وفيما يتعلق بوعد والي الخرطوم للشعبة بتحديد تسعيرة جديدة غدا، أكد عكاشة أنهم أوقفوا ذلك الإجراء عبر مخاطبة لرئيس اتحاد أصحاب العمل بأن التكلفة التي تقدمت بها الشعبة لا تمثلهم، وشكا من الوضع المزري بالمخابز التي تشهد خسارة وتوقفا عن العمل نتيجة لنقص كمية الدقيق، وتعمل في ظروف قاسية وصعبة للغاية.

تبادل اتهامات
ومن الواضح أن أصحاب المخابز ليس على قلب رجل واحد ولا يمثلون مصالح جميع أصحاب المخابز وأن المصالح متضاربة، ويظهر ذلك عبر الاتهامات المتبادلة بين اللجنة التسييرية لشعبة المخابز وتجمع المخابز الذي اتهم اللجنة باتباع سياسات خطأ وعدم معرفتهم بإدارة قطاع المخابز، وان أصحاب المخابز تضرروا كثيرا من الشعبة لجهة أنها لا تشكل حماية لهم، وأضاف ان الشعبة تمثل الحرية والتغيير والحكومة ولا تمثل أصحاب المخابز، مشيرا الى أن الشعبة لديها مواصفات ولا يمثلها ثلاثة أشخاص، وشن هجوما عنيفا على الشعبة، وقال التجمع يتحدث عن واقع يعيشه صاحب المخبز مع هذه الشعبة، واصفا إياها بالكسيحة ولا تمثل الخبازين، مبينا ان الوقفة الاحتجاجية أمس حضرها ثلاثة أرباع المخابز.

بينما يرى بكري السر عضو اللجنة بان التجمع عبارة عن اتحاد سابق ومجموعة من الوكلاء، وأن من حضر الوقفة الاحتجاجية لا يتجاوز عددهم مائة شخص عبارة عن مجموعة من المنتفعين والوكلاء والذين تم نزع منهم توزيع الدقيق عبر الآلية التي كونها وزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني.

البقرة الحلوب
ويرى رئيس اللجنة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك د.  حسين القوني بحدوث تفلت في الأسعار بصفة عامة وفوضى في الأسواق صاحبها عدم وجود رقابة من اية جهة لا وزارة الصناعة أو الهيئة القومية لحماية المستهلك وانعدام دور بارز للجمعية السودانية لحماية المستهلك، وقال إن المواطنين لم يظهروا أي استنكار للزيادة في السلعة، وتساءل عن عدم احتكام الجهات المختصة للتكلفة الفعلية لإنتاج الخبز، داعيا لوضع تسعيرة رسمية بمشاركة جميع الجهات ذات العلاقة ويتم على ضوئها تحديد التكلفة الفعلية لإنتاج الخبز ومن ثم الاتفاق على نسبة معينة للأرباح تضاف لتكلفة الإنتاج على ضوئها يتم تحديد سعر الخبز بأوزانه المختلفة، وتساءل عن دور الحكومة في أن اي زيادة لتكاليف الإنتاج في السلعة الأساسية مثل الخبز وتحويله للمستهلك مع قلة العرض للسلعة ورداءة جودته، وأضاف ان واجب الحكومة توفير السلع الضرورية للمواطن المغلوب على أمره والمستهلك الضعيف، وتساءل عن صمت الحكومة أمام التعدي الكبير على حقوق المستهلك، وقال: «إذا الدولة غير قادرة على توفير الخبز لا يوجد معنى لوجودها»، وتابع: «بات الوضع القوي يأكل الضعيف، فالدولة واتحاد المخابز باتوا أقوياء يتنمرون على المواطن بإلزامه بشراء الخبز بالسعر الذي يحددونه» وشدد على أهمية وضع مقاييس وأسس معينة لتحديد السعر وتتفق عليه جميع الأطراف المعنية، لافتا الى أن الفيصل في أزمة الخبز تكاليف الإنتاج، وأكد أن المواطن ليس لديه مانع في ان يدفع ما يدفع شريطة أن لا يتضرر، مشيرا الى انه إذا لا يوجد دعم للخبز فلا داعي لدعم أي شيء آخر، مبينا على وجود حد ادنى من التحمل يجب أن تتحمله الحكومة، فالمواطن يدفع ضرائب وزكاة ورسوما حكومية، وزاد: «المواطن بقرة حلوب للحكومة ولا يتحصل على شيء»، وشدد على الحكومة بمراجعة السياسات فيما يتعلق بحماية المستهلك خاصة السلع الأساسية التي تحفظ للإنسان قيمته كإنسان وكرامته وحياته .

السوداني