القحاطة بين تكتيك المكاواة واستراتيجية الإفحام
كثيراً ما يحتاج القحاطة إلى الدعوى وضدها لإدانة خصومهم، وهناك دائماً الاستراتيجي الذي يتماشى مع مشروعهم والتكتيكي النفاقي. والاستراتيجي من مآخذهم على النظام السابق، أي المستند على خطهم العلماني وعلى تبعيتهم للغرب، كانوا يصدرونه للخارج لغرض تسبيب المصاعب للنظام السابق ووضعه في مواجهة الغرب العلماني الاستعماري.
أما التكتيكي فهو المخصص للداخل لغرض المكاواة والمزايدة على خصومهم، ولمخاطبة القطيع به كنوع من العلف الذي يُظهِر القحاطة وكأنهم قريبون من وجدان الشعب، ويرفضون ما يرفضه غالب الشعب . ودائماً يأتي تكتيك المكاواة على حساب استراتيجية الإفحام والعكس. وهذه القاعدة يمكن ملاحظة انطباقها على معظم مواضيع السجال السياسي. ويمكن ملاحظة أنهم في الفترة الأخيرة قد قللوا من الاستراتيجي الذي كانوا يخاطبون به الخارج، وأكثروا من التكتيكي الذي يخدعون به القطيع وينافقون به الوجدان السليم، ذلك لأنهم بعد وصولهم إلى الحكم أصبحت حاجتهم أكبر إلى التحكم في القطيع وتطبيق مشروعهم القائم أساساً على ما كانوا يدعونه ثم يستنكرونه من باب التكتيك وهذه بعض الأمثلة :
– كان القحاطة يقولون للعالم إن الحكومة تتدخل في الحريات الخاصة، وتفرض مفهومها الديني للفضيلة، وتضيق على الملحدين، وتطارد العشاق، والكاسيات العاريات، وبائعات الخمور البلدية، ولا توقع على سيداو ولا تراعي الحق في الميول الجنسية .. إلخ، فعاقِبوها وحاصِروها .. وبالمقابل كانوا يقولون للداخل : إن الحكومة توزع الخمور والمخدرات، وتشيع الفاحشة، وتملأ دار المايقوما بمجهولي النسب، فحاربوها حفاظاً على أخلاقكم وقيمكم !!
– كان القحاطة يقولون للعالم : الحكومة تضيق على اليوناميد ولا تتيح لها حرية الحركة فعاقِبوها وأضغطوا عليها وألزِموها بتسهيل عمل اليوناميد .. وبالمقابل كانوا يقولون للشعب : الحكومة أدخلت القوات الأممية وفرطت في السيادة فخوِّنوها وحارِبوها !!
– كانوا يقولون للعالم إن الحكومة أصولية متطرفة وتتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية فقاطِعوها وشددوا عقوباتكم عليها .. وبالمقابل كانوا يقولون للقطيع : إن الحكومة لم تكن جادة في تطبيق الشريعة فقد كانت شعارات للمتاجرة فقط لا التطبيق، فلا تنخدعوا بها !!
– كانوا يقولون لأمريكا إن النظام عدوك الذي لا يطيع لك أمراً والذي يدعم العمليات الارهابية ضدك فعاقبيه بشدة، وللداخل يقولون إن النظام كان تابعاً لأمريكا ينفذ إملاءاتها ويتجنب كل ما يغضبها فلا تثقوا في أحاديثه عن السيادة والكرامة .
– كانوا يقولون للغرب إن البشير يستخدم أموال البترول والذهب لتقوية الجيش ليضرب “حزكات الكفاح المسلح” والمدنيين، فعاقبوه وضيقوا عليه .. وكانوا يقولون للداخل بأن البشير قد أضعف الجيش لعدم ثقته فيه ويتعسفون في صنع الأدلة، فأسقطوه لتقووا جيشكم، ثم أصبحوا الآن، وفي سياق البحث عن شماعات يعلقوا عليها الفشل، يقولون إن البشير من شدة ثقته بالجيش وعنايته به قد وضع ٨٢٪ من اقتصاد البلد تحت تصرفه !
– كانوا يقولون للغرب ولأمريكا وإسرائيل : النظام يدعم حركة حماس، ويدعم حركة الجهاد، ويتعاون مع إيران لإيصال السلاح إلى غزة لتهديد الأمن القومي الإسرائيلي فعاقبوه ولا بأس إن وجهتم له ضربات عسكرية… وفي المقابل كانوا يقولون للداخل : النظام يقيم علاقات سرية مع إسرائيل فلا تخدعنكم شعاراته عن دعم المقاومة ورفض الاحتلال !!
والأمثلة كثيرة لخطابات الخارج التي تحرضه استناداً إلى اتهام النظام بالأصولية والتمسك بالقوانين والأعراف الإسلامية والتشدد في التمسك بالسيادة ومقاومة التدخلات الإستعمارية، ومقابلاتها من خطابات الخداع والنفاق للداخل التي تزعم العكس. وفي كل هذه الحالات كان القطيع يلهط العلفين
تباً للعالف والمعلوف
إبراهيم عثمان
نحن كشعب لا مع الكيزان ولا مع بني علمان الوهمانين!!!
بل نحن كشعب زهجانين وكارهين لجميع أنواع وأشكال الأحزاب السوداني التي بلغت المائات.
تباً لكل سياسي عاطل في السودان.