رأي ومقالات

رفيدة: كل اعلامي تعامل مع ملف السودان يملك انطباعا إيجابيا عن الصادق المهدي


كنت طالبة وصحفية متدربة أتحسس طريقي في العمل الإعلامي ولم أكمل ١٩ عاما عندما حاولت إجراء حوار مع الإمام خلال مشاركته في ندوة بالقاهرة،معظم من حوله اعتبروني صغيرة التجربة ولم يعيروني أي اهتمام،لكنه عاملني بتواضع واحترام وخصّني باللقاء حتى قبل أسماء صحفية لامعة حينها تشجيعًا ودعمًا لي بعد إصراري دون كلل أو ملل ومحاولاتي المستمرة لإجراء هذا الحوار.
جلست أمام رجل له هيبته الخاصة متوترة وقلقة،
في لحظات بدد كل ذلك عندما قال لي:
“إنتي ما أخدتي الفرصة دي مساعدة يا أستاذة أنتي هنا لأنك تحبي ما تعملين وما أنتي إلا صغيرة سنٍ فقط”،
كان هذا لقائي الأول بالإمام وتكررت اللقاءات والمواقف والحكايات على مدار سنوات،
لست وحدي على الإطلاق،
فلا أظن أَن إعلاميًا سودانيًا أو عربيًا أو أجنبيًا يتعامل مع ملف السودان ولا يملك انطباعا إيجابيا عن الصادق المهدي الإنسان ورحابة صدره وهدوئه ولطفه وتواضعه وثقافته ودماثة خلقه وكرمه.
هو صديق كل الإعلاميين تقريبًا،
لا يحدد أسئلة لصحفي ولا محاور ولا يسأل مسبقا عن تفاصيل ولا يضع شروطًا أبدا،
كان دائم الاستعداد للتحدث في أي شيء للإعلام بلا محاذير ،
لا يرفض إجراء لقاء مع صحفي لانتماءاته أو خلفياته أو الخط التحريري لمؤسسته أيا كانت،لا يتعامل بردة فعل حتى مع من يزورون أقواله،
كان جلّ من حوله يستشيطون غضبا من الأخبار المحرفة أو المفبركة عنه أو حزبه أو طائفته بيد أنه كان حليمًا هادئًا له أسلوبه الخاص في التعاطي مع كل شيء،وله مقدرة هائلة على امتصاص الغضب واحتمال ردود الفعل المتهورة والطائشة ويجيد التعامل معها.
نعم يختلف الكثيرون مع الصادق المهدي السياسي،لكنهم مهما حدث في المسرح السياسي يختلفون معه لا عليه،جميعهم سيُقِرّون بأن رحيله موجع وأنه فقد عظيم للوطن في مرحلة حساسة وحرجة،
فالإمام رغم خبرته ومكانته ظل طوال حياته يعامل الجميع بسلوك الكبار لذا عاش عزيزًا ومات كبيرا.
حقا اتكسر المرق واتشتت الرصاص…
عن الإمام الإنسان

رفيدة ياسين