رأي ومقالات

حسن إسماعيل يكتب: الإمام الصادق .. رحيل الكبار


*حسن إسماعيل يكتب*
*الإمام الصادق .. رحيل الكبار*
في تحرير المحبة وتحرير الخلاف
(ا)
هذا ميقات الإعترافات الجريحة وشهقة الشوق والمحبة ..فعندما إختار الآخرون أن يقدسوه إخترنا أن نحبه ــ رغم أن محبة السيد الإمام مغامرة ــ فالمحبة تحتمل المجابدة والاختلاف والجفا والابتعاد واللوم وارتفاع الصوت واشاحة الوجه ..ولكن يبقي مافي القلب في القلب طريا ودهينا كقطعة الزبد
ــ مغامرة لأنه دائما ماينشط علي جبهة كل محبة ..الوشاة والوضاعون والمطاطون ..الذين يمطون الروايات ويزيدونها وظل شقاء المحبين هو ( شالوا الكلام زادوه حبة ،جابوه ليك)
وظل الجرح المشترك الأعظم بين الأحباء هو الذي وضع عليه المتنبئ إصبعه ..( إن كان سركم ماقال حاسدنا ..فما لجرح إذا أرضاكم ألم) ….وظلت عقدة المحبين بلا حل ..(فيك الخصام … وأنت الخصم والحكم)
(ل)
والمتنبئ يتسلل إلينا من حلب الي مهجرنا هنا في اسطنبول ..يبدو قلقا متوترا يغلق هاتفه النقال ويكفيه علي وجهه كلما مر في ( القروبات) خبر عن الصادق الإمام وعن صحته ..ولكن لامناص …
هاهي أدمعه تقترن عند ذقنه كأنهما النيلين قبيل أن يعبرا خاصرة أمدرمان الشرقية …وهاهو ينتحب ..
(طوي الجزيرة حتي جاءني خبر
فزعت فيه بآمالي إلي الكذب
حتي اذا لم يدع لي صدقه أملا
شرقت بالدمع حتي كاد يشرق بي )
ــ إييييه أيها الراحل
(يظن أن فؤادي غير ملتهب
وأن دمع جفوني غير منسكب
بلي وحرمة من كانت مراعية
لحرمة المجد والقصاد والأدب
ياأحسن الصبر زر أولي القلوب بها
وقل لصاحبه ياأنفع السحب
حللتم من ملوك الأرض كلهم
محل سمر القنا من سائر القصب
غدرت ياموت كم أفنيت من عدد بمن أصبت
وكم أسكت من لجب) …
(ص)
ــ والمحبون يعلمون أن أثقل أنواع المحبة هي تلك الموروثة من الآباء ..تبقي محبة متقدة مشبوبة ..برا بالوالد وبمحبيه وكان والدنا عليه الرحمة ــ علي صلادة عوده وصلابة شكيمة شخصيته ــ كان رقيقا محبا لهذه الأسرة وللسيد الصادق وكان مدهشا لي أن أري عينيه تسحان دمعا إجتهد في إخفائه ليلة أول ظهور للصادق في تلفزيون الانقاذ وكان معتقلا بوشاية إنقلاب دبره بعض مساعديه أو هكذا قيل ..فظهر ليتلو بيانا توضيحيا إبتدره ب ..(رب اشرح لي صدري) فبكي الوالد وأغلق التلفاز كأنه لايريد أن يري الرجل في هذا المقام تلكم المحبة التي جعلتني أحفظ مؤلفات الرجل وأخصها كمراجع لبحث التخرج ..وهي التي جعلتني أشب علي أمشاطي وأقبل جبين الرجل ليلة العودة في (تفلحون) في ميدان الخليفة ..وكنت مسؤولا عن تقديم البرنامج ..قبلة علي مرأي من النيل والطابية والتاريخ والجغرافيا وضريح المهدي الإمام أهديتها قبر أبي في مقابر ودالبر …هناك في المناقل ..قبلة علي جبين الإمام أفاخر بها أقراني وأضعها كالنيشان علي صدري ..كانت النيشان الأول ولم يكن الأخير ..فقد (توالت) منه الهدايا بعد كلمتي الساخنة في حفل إستقباله في غرب الجزيرة فقد اهداني مصحفا وكتاب ونصيحة ونحن أعلي ظهر ( الميجر ) في الطريق إلي قرية الهدي ثم إنتدبني لمكتبه وخصني ضمن أربعة ننوب عنه في الندوات الفكريه فيالها من نياشين …ولكن …من جنون قوانين المحبة ذياك الذي يذيعه المحبون سرا ..من القرب ماقتل
(ا)
ـ الذين يأخذون من آبائهم يرهقهم ذياك الأخذ ..ربما ولكنه يريحهم ويمتعهم ..فقد سمعت أبي يقسو علي بعض أصدقائه في قضية تخص الجمعية التعاونية وكان والدي رئيسها ..قلت له بعد أن انصرفوا ..لقد قسوت عليهم فرد وجبينه مقطبا ..في مقامات ماتراه حقا لايصح إلا أن تقول رأيك كاملا وعاليا ودع بقية الخواطر جرحا تداويه الأزمنة … ومذاك لم نترك حقا نعتقده إلا وقلناه …( وإن لم يترك لنا ذلك صاحبا ولا حبيب !)
(د)
ــ هذا عن تحرير المحبة ..فأما عن تحرير الخلاف فقد كنت أري أن حزب الأكثرية متآمرا عليه وهو حاكم ..ومتفق ضده وهو معارض وأن الديمقراطية في السودان مجرد ورقة يانصيب تجرها النخب لتلعب بها ثم تمزقها وأن الحكم لكي يستقر في السودان لابد أن يبدأ متقويا بشئ من المركزية ..
كنت ضد خروج حزب الامة للمعارضة في الخارج وكنت مع قرار عودته ومع خيار الذهاب بجيبوتي إلي النهاية حتي وإن أصبحت حلفا بين الأمة والأنقاذ، فصرخ في وجهنا المخدوعون بالديمقراطية فلم نعش طويلا حتي رأينا أحزاب ورقة اليانصيب المسماة بالديمقراطية تتحالف مع البرهان وحميدتي، ثم هي تمدح تلك الشراكة ويصفها بعضهم بالإنسجام التام ثم تمد لسانها للإمام كلما تحدث عن الإنتخابات وهم يجترون العذر الصفيق ( ماجاهزين) فأيها كان أوفق؟ التحالف مع البشير؟ أم مع أركان حربه؟..ومن قبل رأينا عندما تأخر حزب الأمة عن جيبوتي كيف جاءت الحركة الشعبيه وأتباعها وتحالفوا مع الإنقاذ عبر نيفاشا ورأينا كيف تلاعبوا بقوانين الأمن والديمقراطية .. فعلوا ذلك بعد أن سلقوا اتفاق الأمة في جيبوتي بألسنة حداد ..أضاع حزب الأمة علي نفسه وعلي البلاد مشروع تحول حقيقي في البلاد عبر تفاهمات جيبوتي، ولكنه وكما ذكرنا أخلي الساحة للآخرين ،وكل صراخنا ذاك كان علي (الأقوان) التي أضاعها فريقنا وهو (يباصي) الكرة لمن لا أرجل لهم ولاهم يستحقون!
(ق)
في ورشة صغيرة مغلقة ومحضورة قبيل إنتخابات 2010 اقترحت ألا يخوض رؤساء أحزاب الأمة ( مبارك والصادق) إنتخابات الرئاسة، ولكن من المهم خوض إنتخابات البرلمان ، فجماهيرنا لم نختبرها منذ عشرين عام ، بل وتساءلت لماذا لايصبح أحدهم رئيسا للبرلمان بتفاهمات مع الوطني وكانت حساباتي أن ننسق معه لامع الحركة الشعبية ..كنا سنؤسس للتغيير عبر التطور الدستوري حتي لو كان بطيئا ..وفي كل الأحوال كان سيكون أفضل من (العك) الذي يحدث الآن
ــ خلاصة خلافاتنا كانت في وضع بوصلة حركة الحزب السياسية ..فهو حزب يعبر عن كيان يميني يجب أن تكون هذه منطلقاته نحو الديمقراطية ونحو التحالفات ..لقد أضاع هذا الحزب وقتا طويلا مع تحالفات صغار اليسار ومع لافتات خاوية وفقيرة فأضعفته وأربكت حساباته وأضعفت ــ من ثم ــ مجموع الساحة السياسية وآن للحزب أن يلقي كل هذا وراء ظهره وليؤسس تحالفاته مع التيارات الحقيقية المعبرة عن توجهات الأكثرية
(ا)
اذن هو خلاف لايفسد للود قضية إن صفى وتحصن من خزي النقالين ومخازي المنافسين
(ل)
ثم … كل ماقلناه سيدي الإمام عن ضرورة تقوية الحزب سياسيا وتنظيميا وماليا هو لمقابلة هذا اليوم فالسودان في أشد حالات ضعفه يتلاعب به الصغار وهو في أمس الحاجة لأيدي الكبار فياللبؤس إن كانت مغلولة
(م)
عزيزي السيد الإمام. ــ أقول الإمام ــ وليس في عنقي بيعة ولكن هذه مقامات المحبة والتماس الرضا والعرفان …نم قرير العين فليس في ذمتك دم قتيل ولامال مسلوب ولادعوة مقهور …بل وأفعالك اللائي سررن ألوف … نم لتستريح من جراحات نصف عقد من السنين …
فهذه أقدار هذه الثلة من الناس ..
ندوس فوق الجراح صابرين .. ونموت زي الشجر واقفين
(ه)
سيدي الإمام ..لولا المهاجر الرعناء هذي لسرت في نعشك و …لزرت قبرك والحبيب يزار
(د)
اللهم إنه عبدك وابن عبدك ..جاءك بمحبة الكثيرين ..اللهم أكرم نزله وعل مقامه وأجزل له العطاء ..قربا ونظرا لوجهك الكريم
(ي)
ــ اللهم ولاتفتن (خلفه) من بعده وأبقنا علي المحبة وإن نأت المسافات
ــ ثم…إنه النواح
(جبل أحد الأصم لزم التقيلة القاسية
ـ مفتاح رزة المحنة المصلبه عاصية
ـ وين مركب عظمتو الليله أمست راسية
ـ وين الليلة غاب البدري ضو الماسية
ـ عريس الصافنات ودالنحاس القنت
ـ العزة العليها الشعراء كلها غنت
ـ وقت حبل الوريد وقفت حركتو وصنت
ـ الناس نوحت متل البكار الحنت
ـ بقينا وراك متل فاقد الأهل والخبرة
ـ بقت القعدة مكروهة وقبيحة وعبرة
ـ جرح الفرقة ماتقول ياأب سوالف ببرا

حسن إسماعيل


تعليق واحد

  1. جحا قالوا ليه أبوك عرس تاني فوق أمك.,.رد جحا قال ليهم مابهمني بيوجع أمي أنا هنا آكل وهناك آكل..! تبآ لكم سارقي أموال وآمال الشعب السوداني لقد كال الإنقاذيين المديح للإمام ,,وهذاحق,, بعد وفاته وقد حرموا الشعب من الإستفادة منه بإغتصابهم للديمقراطية وقولهم وقتئذ عكس مايقولونه الآن مما يرقى لإدانتهم ونفاقهم وتلونهم كالحرباء بلون ماتلتصق به.,