كمال حامد: المسلمون والكتاب باللغة العربية في أثيوبيا: أتفهمكم وأتغاضى عنكم وأشفق عليكم
الفشقة … سد النهضة …
المسلمون والكتاب باللغة العربية في أثيوبيا : أتفهمكم … وأتغاضى عنكم … وأشفق عليكم.
ظللت اتابع لسنوات كتابات المسلمين الأثيوبيين باعتبارها نافذة لمعرفة أثيوبيا من الداخل باعتبارهم من أهل الدار وهم الأعلم بشعابها.
ولكن أثيوبيا لها لسان أصيل آخر يتحدث لغة لا نفهمها ويستخدم أبجدية خاصة بتلك اللغة وهو اللسان الأمهري والأبجدية الجعزية التي تستخدم أيضا في كتابة لغة تيجرينجا لغة قومية التيجراي في الشمال.
أثيوبيا التي تتحدث الأمهرية ظلت عالما مغلقا بالنسبة لنا لجهلنا نحن السودانيين عموما بهذه اللغة ؛ وفي عالم أثيوبيا الناطق والكاتب بالأمهرية ستجد الأطماع الحقيقية والفذلكات عن الحقوق التاريخية بكثافة بالغة إن دلت على شيئ فإنما تدل على أن موضوع الحقوق التاريخية ظل ولسنوات موضوع تثقيف وتعبئة للناشئة خصوصا والرأي العام الأمهري عموما.
شكرا لمترجم جوجل google translate الذي اتاح لنا معرفة بعض ما يتداول داخل ذلك العالم.
أما الألسن الأثيوبية الناطقة والكاتبة باللغة العربية فقد ظلت على الدوام موجهة نحونا للكتابة عن الصداقة والأخوة والمحبة بين الشعبين و بذلك لعبت دورا تخديريا وقع في شباكه الكثير من السودانيين للأسف.
ظل وضع المسلمين في أثيوبيا صعبا خلال كل السنوات منذ بدء حملات التوسع الجغرافي في 1840م حتى 1974م حين انتهى الحكم الملكي الوراثي ؛ وخلال سنوات حكم منليك 1889م حتى نهاية حكم هيلاسيلاسي 1974م فتحت مناطقهم للبعثات الأوروبية التنصيرية لتعمل فيها باستغلال مزيج الفقر والجهل ؛ وهي للعلم بعثات ظلت مرفوضة من الكنيسة الحبشية الأوثوذوكسية والملوك الذين لا يكتمل تنصيبهم إلا داخل الكنيسة ؛ وظل توصيفهم أنهم مسلمين مقيمين في أثيوبيا لا مواطنين لهم كامل حقوق المواطنة ؛ فقد استقر العرف والفهم أن الأثيوبي الكامل الحقوق هو من لغته الأمهرية ودينه المسيحي على المذهب الأورثوذوكسي التوحيدي.
وعندما ننتقل سريعا إلى فترة آبي أحمد بدءا من 2018م نجد أن أبوابا جديدة قد فتحت لهم ؛ وسمحت لهم الدولة باختيار قيادة مجلسهم الإسلامي بدلا من قيادة طائفة الأحباش التي كانت تفرضها عليهم حكومة ميليس زيناوي 1991م – 2018م.
في الآونة الأخيرة ومع بروز مسألتي سد النهضة وتغول المزارعين الأمهرا على الفشقة وهو تغول ليس جديدا ولكن المستجد هو اتجاه الحكومة السودانية لحسم هذا التغول وفي حالة الفشقة تحديدا تم استدعاء اللسان العربي والكتاب بالعربية الأثيوبيين ليكونوا واجهة أثيوبيا في الأسافير والفضائيات.
وفي سد النهضة قد أجد لهم بعض العذر ولكن مالهم وللفشقة يتصدون فيها للمدافعة عن مصالح قومية محددة طالما استأثرت دونهم بالحقوق والامتيازات ؟
الفشقة ليست نزاعا حدوديا :
الفشقة تغول مزارعين أمهرا على أرض سودانية ظل لسانهم وكتابتهم الأمهرية تندندن ولعقود بملكيتهم واستحقاقهم لها وعدم اعترافهم بحدود المستعمر ؛ والكتابات الأثيوبية والإعلام الأثيوبي الموجه باللغة العربية جزء من تكتيكات هذا الطمع ؛ للأسف ؛ بما دلقته من أدبيات الصداقة والأخوة في فضائنا المعلوماتي والإعلامي ؛ وحرب التيجراي اليوم والقتال المتصاعد في بني شنقول هو بداية تفكيك للفيدرالية الإثنية التي منحت القوميات من 1994م بعضا من المكاسب خاصة فيما يتعلق بملكية الأرض والحق في استخدام اللغات خاصة لغات القوميات الكبرى مثل الأورومو والعفرية والصومالية.
هل يريد الأثيوبي المسلم المجيد في اللغة العربية كتابة وحديثا تقديم عربون ولائه للدولة الأثيوبية من خلال الحماس حينا وتبني الغموض في الحديث عن مسألة الفشقة الواضحة ؟
مال الأثيوبي المسلم من العفر أو الإقليم الصومالي المحتل الذي منحته بريطانيا التي لا تملك لمنليك الذي لا يستحق همبتة ساكت كما نقول ؟ وما للمسلم من الأورومو الذين كان قادتهم حتى بدايات القرن العشرين يقدمون عرائض الاسترحام طالبين وضعهم تحت سلطة الحكم الثنائي في الخرطوم ولو استجابت بريطانيا لكانت بلادهم جزءا من السودان !
بل إن القوميين التشوفينيين من الأمهرا يعتبرون أن أثيوبيا صناعتهم ولا يعترفون باستقلال أريتريا ويمجدون منليك ويقيمون له التماثيل هذا في الوقت الذي يكرههه المثقفين من القوميات الأخرى التي فقدت استقلالها ونالها ما نالها من الوبال والنكال والمذابح والاستعباد مالم تشهد أفريقيا مثله.
على أية حال ؛ أتفهمكم ؛ و أتغاضى عن كتاباتكم ؛ وفي نفس الوقت أشفق عليكم مما قد يقابلكم في مقبل الأيام من جحود إذا نجح القوميون التشوفينيون في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
كمال حامد