رأي ومقالات

لماذا يشترط الولي في عقد النكاح؟

لماذا يشترط الولي في عقد النكاح؟
لقد راعت الشريعة الإسلامية في اشتراطها الولي في النكاح مقاصد عظيمة يمكن إجمالها في ما يلي :
في الولاية على المرأة في النكاح رعاية لحقها وصيانة لكمال أدبها وكرم حيائها وإيصالها إلى مرادها على أتم وجه وأشرفه وأكمله ، دون هضم لحقها في اختيار من ترضاه زوجاً لها إن كانت قادرة على النظر وحسن الاختيار ودون إهمال لها بتركها تضع يدها في يد من تهوى ، في عقد جليل قدره ، عظيم خطره ، إن وقعت منها الزلة ففي محل لا تهون فيه الزلة ، ولا تقتصر عليها في تلك المعرة ، وهذا بخلاف ما إذا كان أمر نكاحها شورى بينها وبين أوليائها ، بحيث يكون لرجالها فيه إبرام عقدته ، ولها فيه إملاء شروطها حتى تطيب نفسها – بشرط ألا تختار ما لا خيرة لها فيه مما يجب عليها وعلى وليها رعايته – وبهذا يكون لها غنم هذا العقد وهو الغالب حين يقام على تقوى الله فكرة واختياراً وعقداً وأما إن حصل غير ذلك بسبب أوليائها فاستدراك الضرر الحاصل منهم ليس كاستدراكه منها حين تتولّاه بنفسها.

فليست هذه الولاية ولاية قهر وإذلال ، ولا استغلال لحياء الكريمات من النساء اللاتي يعز عليهن إبداء رغبتهن في الأزواج ، كما يصوره من قصر نظره أو ساءت نيته ، وإنما هو حفظ للحقوق وصيانة للأعراض وتمسك بالفضيلة في أجمل وأزهى صورها وأرفع وأسمى معانيها.

وأما قياس عقد الزواج على عقد البيع ، فإنه غير صحيح ، للاختلاف الحاصل بين ما يترتب على البيع وما يترتب على الزواج ، فالضرر في ما يترتب على الزواج في بعض الأحوال يتعدى المرأة إلى أوليائها ، فيقع عليهم من الضرر من ذلك ما لا يقارن بالضرر في البيع ، لذلك ناسب أن يأتي في التشريع اشتراط الولي لعقد الزواج ، خلافاً لعقد البيع للمرأة.

فإن النكاح عقد جليل قدره عظيم خطره في حياة الإنسان ، وفي إسناده إلى الأولياء من الرجال الذين هم أكمل نظراً وأوفر عقلاً وأشد حرصاً على صيانة أعراضهم وأنسابهم تكريماً للمرأة وصيانة لها ، وحفظاً للأنساب والأعراض من العار والزلل ، وبذلك فارق العقود المالية التي يجوز للمرأة التصرف فيها ، لأنها مهما قيل في أهميتها فلا تصل أو تقارب مكانة عقد النكاح في جلالة قدره ، وعظم خطره ، وشرف مقاصده.
كتبه : عارف بن عوض الركابي