الصرف الأجنبي في مزاد بنك السودان
اعلن بنك السودان المركزي اليوم تبني نظام المزاد لتخصيص موارد النقد الأجنبي. طلب مني بعض الأصدقاء التعليق. ادناه عرض مبسط لاهم معالم نظام المزاد الي ان تظهر تفاصيل اكثر عن النظام في سياقه السوداني.
من المعلوم ان البنك المركزي يسيطر علي تخصيص العملات الأجنبية الموجودة داخل القنوات الرسمية. في النظام الجديد – المزاد- يعلن بنك السودان مثلا انه بصدد تخصيص مبلغ معين (ملايين الدولارات أو غيره) ويقوم بتحديد السلع التي يسمح بتمويل استيرادها عبر المزاد. وبالطبع سوف تعكس قائمة السلع أهميتها الاجتماعية والسياسية أو أي أولويات اخري تحددها الحكومة.
بعد الإعلان يقوم المستوردون بالمشاركة في المزاد عبر بنوكهم. مثلا يمكن لمستورد ان يطلب مليون دولار بسعر صرف 400, أو 500 أو 477 أو أي سعر يناسب حساباته لتمويل استيراد سلعة يحددها. وبعد استلام الطلبات يقوم البنك المركزي ببيع ما لديه من عملات اجنبية لأعلي الأسعار المعروضة بالتدريج حتى ينفذ ما لديه. فمثلا لو خصص البنك المركزي عشرة مليون دولار لسلعة ما في المزاد المحدد فانه يبيع للمستوردين الذي قدموا اعلي سعر أولى ولو طلب احدهم مليون دولار بسعر 450 جنيه فانه يفوز ويدفع ذلك السعر ولكن ما تزال هناك تسعة مليون دولار. ينظر البنك للسعر الذي عرضه المستورد الذي يليه في العلو, مثلا, 420, ويمنحه بذاك السعر وهكذا الِي ان تنفذ العشرة مليون دولار.
كما قلنا فأننا لم نري كل تفاصيل النظام الجديد. ولكن نلاحظ أنه في بعض نظم المزاد يبيع البنك المركزي ما لديه من عملات اجنبية ويترك للمشتري ان يستعملها لتمويل ما شاء من معاملات الحساب الجاري أو الميزان التجاري أو حساب راس المال في ميزان المدفوعات بما في ذلك نقل راس المال الوطني للخارج. ولكن أحيانا يطرح المركزي مبلغا ما في المزاد ويحدد السلع المسموح باستيرادها كمجموعة , مثلا مواد غذائية مختلفة ووقود, ويبيع البنك الصرف الأجنبي باعلي سعر في المزاد ويترك للمستورد حرية ان يستورد ما شاء من السلع الموجودة في القائمة بشرط ان تنطبق عليها صفة وقود أو غذاء المحددة في القائمة ولا يهم ان استعمل كل المبلغ في استيراد الرز أو العدس أو الماكنتوش أو الجازولين أو غيرها من السلع الموجودة في القائمة.
وبما ان السودان يعاني من شح في العملات الأجنبية فانه من الأرجح ان يبدا النظام بمنع معاملات راس المال ويقوم بتحديد نطاق ضيق للسلع المسموح باستيرادها يتم توسيع قيوده لاحقا وتدريجيا بهدف التحرير الكامل لنظام الصرف الأجنبي واستخداماته وحركة راس المال عبر الحدود.
نظام المزاد امعان في تحرير سعر الصرف وترك مصيره لقوي العرض والطلب في السوق. لاحظ ان مستوردي نفس السلعة قد يشتروا الصرف الأجنبي بأسعار مختلفة من بنك السودان ولكن في نهاية المطاف فان قوي السوق ستفرض ان سعر السلعة المستوردة في السوق السوداني سوف يعكس اعلي سعر صرف ورد في المزاد وهذا سيفتح الباب علي قناة اخري لسباق الأسعار نحو السماء.
معتصم أقرع