اقتصاد وأعمال

السياسات الاقتصادية .. إصلاح أم تعميق للأزمة


تزايدت الانتقادات لسياسة الحكومة بشأن تحسين الاقتصاد، ويري مختصون أن ما يتم عكس ذلك تماماً، مشيرين إلى زيادة حدة الأزمة، ووصول الاوضاع المعيشية لأسوأ حالاتها.

ومنذ تكوين حكومة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، ساد الاتجاه لتبني سياسات إصلاحية قاسية، شملت خروج الحكومة من قضية الدعم السلعي، فتم تحرير أسعار الوقود كلياً، وإجراء تعديلات على بقية أنواع الدعم فلم يتبق منه سوى دعم الخبز، مع رفع الفئات الضريبية بنسب عالية.

وكان من نتائج هذه السياسات، تدني الإنتاج المحلي لأدنى مستوياته، كما شهدت الأوضاع تصاعداً مخيفًا في معدلات التضخم وأسعار الصرف، وخرجت الأمور بشكل شبه كلي عن السيطرة.

وبإزاء هذه الأوضاع المرشحة للتفاقم، لم تنقطع النصائح للحكومة من خبراء ومختصين وكيانات اقتصادية وقوى سياسية بوجوب التحرك العاجل لإصلاح الاقتصاد بإجراءات حاسمة تمس أس المشكلة.

المشكلة والحلول

وصوب رئيس غرفة الصناعات الغذائية السابق باتحاد الغرف الصناعية، رجل الاعمال، عبد الرحمن عباس انتقادات لاذعة لبنك السودان ووزارة المالية للتساهل في التعامل بحسم في موضوع الدولار.

وتساءل هل تعلم الحكومة وتعرف من الذي يبيع الدولار؟ ومن الذي يشتريه؟! وزاد “إذا كانت الدولة لا تعلم ذلك تبقى كارثة كبرى”وقطع عباس بأن ما يحدث في أمر الدولار بأنه تخريب للاقتصاد ممنهج من فئة معينة غير معلومة.

وتساءل عن المستجدات التي حدثت في السياسة الجديدة لتحرير سعر الصرف كانت خاطئة؟ وإذا كانت خطأ ما هو الصحيح، وأردف “هل مؤتمر باريس لم يعالج الإشكالية؟ المزادات التي أطلقها بنك السودان ويقول إنها ناجحة لماذا لم تؤثر في سعر الدولار.

ورأى عباس أن حل الإشكالية يكمن في العودة للاقتصاد الموجه وإحياء وزارة التجارة من جديد وتحديد السلع التي يحتاجها المواطن، ولا يترك أمر الاستيراد لكل من هب ودب، لجهة أن هذا اقتصاد أمة ووطن ومعايش مواطنين، وقال”هل يعلم وزير المالية أن الأموال التي يتحصلها المواطن الآن أصبحت لا تكفيه لمدة خمسة أيام في الشهر. واعتبره أمراً غير معقول، وتابع “هل أنتم جئتم في هذا المكان لتحلوا مشكلة الشعب السوداني أو تتركونها تتفاقم يوماً بعد يوم.

وحمل عباس تجارة الذهب مسؤولية الدمار الاقتصادي الذي يحدث الآن ووصفه بالكارثي، ودعا لإيقاف التعدين الأهلي وعدم استخراج الذهب من باطن الأرض وتركه للأجيال القادمة، وبرر ذلك لجهة أن هذه العملية هي سبب زيادة أسعار الدولار بالتالي ينعكس على أسعار السلع.

ودعا عباس لتسهيل وتنفيذ حوافز المغتربين ومناشدتهم بتحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية لأن التحويل عبر مكاتب تبديل العملة بالسوق الموازي تضر بالاقتصاد الوطني، كما أن المبلغ الذي يتم تحويله بهكذا طريقة لا يجدي أهل المغترب داخل السودان لجهة أن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة الوطنية تشمل كل المواطنين وناشد المغتربين للتحويل عبر البنوك التجارية ونادى بنك السودان ووزارة المالية إيقاف التعامل مع تجار العملة لجهة أنهم ليست لديهم وطنية وأضروا بالشعب السوداني ضررا بليغاً جداً فلذلك من الأفضل أن يحول المغترب عن طريق البنوك لإيقاف التلاعب الذي يحدث في الدولار اليوم، وأشار عباس إلى أن سعر الدولار خلال 15 يوماً زاد 106 جنيهات أي 30% وانعكس مباشرة على المواطن.

وشدد على ضرورة إحياء وزارة التجارة لأن وزير التجارة لا يستطيع فعل شيء إيجابي دون إيقاف موضوع الدولار، وكشف عبد الرحمن عن أن معظم التجار أصبحوا لا يشترون سلعاً بل يشترون الدولار ويحتفظون به ويحققون مكسب أكثر ومضمونة ولا يحتاج لمخازن وغيرها وهذه عدم وطنية، لذلك لابد أن يكون التعامل مع البنوك فقط في الدولار، وفي ذات السياق تحديد سقف من سحب الأرصدة لا يتجاوز 50 الف جنيه فقط في اليوم على أن يتم باقي التعامل إلكترونياً والشيكات، ودعا لإصدار المركزي منشورا في هذا الخصوص، والعودة بقدر الإمكان لتغيير العملة، ودعا الخبراء الاقتصاديون لإضافة رأيهم في هذا الخصوص لتمكين البلد من تجاوز هذه المرحلة الحرجة وتصحيح مسار الاقتصاد.

الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة