البصيرة ام حمد تضرب الإنتاج في السودان
في جهادها ضد الدعم بررت الحكومة قسوتها بضرورة ان صرف المال علي دعم الإنتاج بدلا عن الاستهلاك.
ولكن بعد رفع الدعم السلعي ومضاعفة الضرائب لا يوجد أي دليل علي تحسن في دعم الإنتاج.
القطاعان الزراعي الصناعي يعانيان من ارتفاع تكلفة الإنتاج الناجمة عن ارتفاع أسعار مدخلات وأدوات الإنتاج المستوردة ومن ارتفاع أسعار الترحيل والبنزين والجازولين والكهرباء.
كما يعاني القطاعان من تدني الطلب علي ما ينتجان نتيجة لتراجع المداخيل الحقيقية للمواطن المستهلك. تدني الطلب الفعال وارتفاع تكاليف الإنتاج يتغول علي هامش الأرباح وقد يسبب الخسارة ويثبط من حوافز المنتجين ويضطر بعضهم الي الإغلاق أو تخفيض الاستثمار والإنتاج.
ولا يختلف الامر في قطاع الخدمات اذ أجبرت سياسات الغلاء والتجويع الشرائح العليا من المهنيين علي التكيف بوسائل تقوض من مسار التنمية وتضرب في أسس المجتمع وركبه.
وقد انتشر في الأسافير مقطع فيديو فيه ضابط عظيم في الجيش السوداني يتحدث عن اضطراره للعمل كسائق سيارة ترحال لتغطية احتياجاته العادية.
كما دفعت سياسات الحكومة مجموعات مهنية اخري مثل الأطباء والمهندسين وأساتذة جامعات لنفس حلول الضابط العظيم الترحالية.
لاحظت سابقا في الخرطوم ان العديد من سائقي الأمجاد والترحال تبدو عليهم علامات التعليم ومن مسار الحديث معهم كان يتضح ان معظمهم أما موظفين أو ضباط معاشيين أو شباب حديثي التخرج يعملون في ترحال للتسلية وقتل الوقت في مدينة لا ترفيه فيها لشاب ويترتب علي ذلك ان الي كسب مال إضافي أخير من قعاد ساي.
ولكن الان اختلف الحال، فالعاملون في الترحيل مهنيين في قمة سنين عطاءهم يعملون عن اضطرار لا لأنهم معاشيين أو شباب طموح مصاب بالسأم الخرطومي.
ولا يمكن التفكير في العمل الإضافي لهذه المجموعات كتوجه انتاجي لان الحقيقة عكس ذلك. فبعد دوام العمل الرسمي ما تبقي من زمن المهني اولي به الاشراف علي أطفاله وتعليمهم وتنشئتهم حتى لا تربيهم مجتمعات الأسافير السامة نيابة عنه. وأولي بزمنه زيارة الأهل والاصدقاء وشرب الشاي معهم لان في ذلك إعادة انتاج النسيج والتراحم الذي يحافظ علي سلامة المجتمع وتماسكه.
وأيضا فان الطبيب والأستاذ الجامعي واستاذ المدارس يحتاجون لزمنهم الخاص للراحة وتجديد طاقة العطاء وتطوير مقدراتهم المهنية بالاطلاع علي ما استجد من علوم.
ولا ادري من يقبل ان يشرف علي جراحته أو تشخيص حاله طبيب محروم من النوم بين مكاني عمله كنطاسي وسائق. ولا شك ان معلم لم ينم من وظيفة اخري لا يمكن ان يجود التدريس كآخر يصيب قسطا من الراحة بعد كل يوم عمل.
ينطبق نفس المنطق على كل المجموعات المهنية والعمالية الأخرى. فحتى الموظف المحروم من رفاهية العمل كسائق مساء يصيبه الإحباط من الضعف المتواصل لراتبه مع سياسات الافقار بالتضخم ورفع الدعم وانفراط أسعار الصرف. والإحباط يعني ان الموظف يصيبه عدم الاكتراث واللا مبالاة والتسيب وربما فسد ان استطاع الي الفساد سبيلا.
باختصار ان سياسات حكومة البصيرة ام حمد خطر علي الانتاج المادي وخطر علي اعادة انتاج السلام المجتمعي والانساني.
نترك لسانحة اخري الأثار الاجتماعية لسياسات الافقار النيوليبرالي مثل تفكك الأسرة – عماد المجتمع – وتزايد الطلاق والعزوف عن الزواج وانتشار الجريمة وتآكل العلاقات الاجتماعية مع ارتفاع تكلفة اكرام الضيف والصديق.
معتصم أقرع