اقتصاد وأعمال

(خبراء) يتوقعون انهياراً اقتصادياً وظهور أمراض اجتماعية


كشفت جولة لها زياداتٍ عالية في أسعار المواد الغذائية والتموينية بالأسواق وزيادة أسعار الأدوية بالصيدليات، حيث سجل بعضها ارتفاع بنسبة (714%) وحمل أصحاب المتاجر والصيدليات الحكومة مسؤولية الجشع وزيادة الأسعار، بينما وصف خبراء اقتصاديون الجشع والطمع والاحتكار بأنه أزمة الضمير وفيروسات اقتصادية تقود إلى الانهيار الاقتصادي نتيجة لتناميها، مُشيرين إلى أنها تُعدي كامل الجسم وتقود إلى ظهور أمراض اجتماعية أخرى تلوح في الأفق مثل فقدان الأمن المُجتمعي وتنامي السلوك الربحي المُضر بالاقتصاد، مُتفقين على أن الجشع والطمع والاحتكار نتاج لغياب الرقابة الذاتية والمؤسسية والقوانين والتشريعات وعدم تنظيم القطاعات، فضلاً عن ابتعاد وزارة التجارة عن حماية المستهلك وتنامي معدلات الفقر وغياب التوظيف المخطط، بالإضافة إلى ظاهرة الهجرة الداخلية وبعد الأفراد عن الإنتاج واللجوء للأعمال الهامشية غير المنظمة. ودعا الخبراء الحكومة إلى ضرورة العمل بجد لحسم الظواهر السالبة التي تؤدي إلى تخريب الاقتصاد والتي لديها ارتباط بقضايا المواطن ومعاشه، عبر تفعيل الأدوات الفاعلة والمعنية بمعالجة تلك القضايا. اختلاف أسعار ومُؤخراً سجلت الأسواق ارتفاعاً عالياً في أسعار المواد الغذائية بما فيها أسعار المحاصيل الزراعية واللحوم والألبان، والخضروات والفواكه وكذلك السلع التموينية كالسكر والدقيق وزيوت الطعام، مع اختلاف في أسعارها داخل الأسواق من دكان لآخر ومع وجود تباين في أسعار الغاز بين مراكز التوزيع داخل الأحياء، فضلاً عن وجود زيادات كبيرة في أسعار الأدوية. وحمل أصحاب المتاجر والصيدليات الحكومة مسؤولية المضاربة والجشع الذي قالوا إنه يحدث من السماسرة نتيجة لتنفيذ سياسات التحرير الاقتصادي وتخفيض قيمة العملة وانسحابها من دعم السلع الضرورية، وإدارة النشاط الاقتصادي وما نتج عنها من زيادة تكاليف الإنتاج، وبالتالي تحمل المواطن تبعات السياسات في شكل الضائقة المعيشية وغلاء وندرة في السلع الضرورية. أزمة الضمير وبشأن الأزمة وصفت عضو اللجنة التأسيسية للتحالف الاقتصادي د. دلال عبدالعال، “الجشع والطمع والاحتكار” من بعض التجار والصيدليات وباعة الخضروات والفواكه وغيرهم بأنه “أزمة ضمير”، وأنها صارت تميز بعضاً من الشعب السوداني وأنها خصلة “كيزانية” بامتياز بحسب تعبيرها نشأ عليها الشعب خلال ثلاثين عاماً عجافاً، وقالت قبل الثورة كانت كل الصفات والأخلاقيات السيئة التي أرساها النظام البائد دليل فوضى وانعدام النظم والقوانين المنظمة، وبعد الثورة نستطيع أن نقول إنها “فيروس” اقتصادي واجتماعي يدل على الفوضى الاقتصادية التي تضرب البلاد. غياب الرقابة وأرجعت مايجري في الأسواق إلى غياب الرقابة الذاتية والمؤسسية والقوانين والتشريعات وعدم تنظيم القطاعات فضلاً عن ابتعاد وزارة التجارة عن حماية المستهلك من جشع بعض التجار وسعيهم للربح على حساب المواطن المغلوب على أمره، إلى جانب تنامي معدلات الفقر وغياب التوظيف المخطط والتوزيع القطاعي له بالإضافة إلى ظاهرة الهجرة الداخلية التي لها آثار مستترة متمثلة في بعد الأفراد عن الإنتاج وتحويلهم إلى مستهلكين، الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب عن العرض مما قاد إلى حدوث تضخم الطلب وارتفاع الأسعار كنظرية اقتصادية وعزوف المواطنين عن الأنشطة الإنتاجية واللجوء للأعمال الهامشية غير المنظمة بعيداً عن النشاط الإنتاجي. ونوهت دلال إلى أن الاقتصاد السوداني يعاني من اقتصاديات الحرب منذ سنوات والتي تتطلب معالجات معينة في الاقتصاد لم تتبعها الحكومة حتى الآن، وقطعت بأن السيطرة على جشع التجار داخل الأسواق تتم بالرقابة الحكومية وتنظيم الأسواق وتفعيل القطاعات التعاونية بشقيها الإنتاجي والاستهلاكي، والاهتمام بتخطيط سياسات التعليم العالي وقيام وزارة التجارة بدورها تجاه المستهلك. وأضافت كل وزراء التجارة السابقين والحاليين انصرفت اهتماماتهم إلى المنتج والمصدر والمورد، وتناست طرفاً مهماً وهو المستهلك ذو الدخل المحدود. مُضاربات واحتكار وبحسب المحلل الاقتصادي، عثمان آدم، فإن المضاربات بالسلع واحتكارها والزيادة اللا معقولة في جميع أسعار السلع والخدمات من الظواهر السالبة التي لازمت انهيار اقتصاد البلاد، وقال إنها نتاج لغياب الرقابة الموجهة والأدوات الحاسمة للحد منها ما ساعد في تمددها، إلى جانب غياب الوازع الديني والأخلاقي وضعف الدولة ومؤسسات الحكم الانتقالي في التعاطي مع الأزمات الاقتصادية وعدم مقدرتها في سن قوانين رادعة تحرس وتحافظ على تقنين زيادة الأسعار وفق الحالة الاقتصادية “العرض والطلب”. ورد عثمان، ضعف الدولة إلى انشغال الحكومة بهياكل السلطة الانتقالية والصراع حول تقاسم السلطة والثروة، ودعا الحكومة لتفعيل دورها الرقابي وضبط الأسواق والحركة الاقتصادية للسلع عبر قوانين ناظمة ومحروسة بأدوات حاكمة تستطيع أن تتعاطى وتحجم تمدد ارتفاع الأسعار دون سبب ووضع نهاية لها، لجهة أن تمددها يفاقم الأوضاع الاقتصادية ويزيد من معاناة المواطن، مشيراً إلى أن المواطن أصبح وحيداً يواجه تحديات السياسات الاقتصادية المتوحشة التي فرضتها الحكومة من جانب والمضاربون بأسعار السلع من جانب آخر، دون تحركات واضحة لحل معضلة زيادة الأسعار وتردي الخدمات. وحذر المحلل الاقتصادي من تفاقم الأوضاع المعيشية أكثر من ذي قبل في حال استمر الوضع على ما هو عليه، وطالب الحكومة الانتقالية بضرورة العمل بجد لحسم الظواهر السالبة التي تؤدي إلى تخريب الاقتصاد والتي لديها ارتباط بقضايا المواطن ومعاشه، عبر تفعيل الأدوات الفاعلة والمعنية بمعالجة تلك القضايا. فوضى اقتصادية ومن جهته قال الخبير الاقتصادي د. مصطفى نجم البشاري إن الجشع والطمع والاحتكار وزيادة الأسعار من بعض التجار دون مبرر أمراض نتجت من ظاهرة الانهيار والفوضى الاقتصادية، حيث لا رقيب ولا عتيد مشيراً إلى وجود صعوبة في محاربتها، وطالب الحكومة بعمل منظومة متكاملة من الإجراءات الاقتصادية لتفادي الانهيار الاقتصادي وكبح جماح زيادة الأسعار. وزاد “بكل أسف هذا لم يحدث حتى الآن”، فضلاً عن إدارة الاقتصاد بصورة رشيدة لوقف نزيف الأسعار وضبطها. وقال مصطفى في غياب الدولة لا يمكن الحديث عن الجشع والطمع والاحتكار وجميعها نتائج لظاهرة انهيارها، فالطفيليات لا تأكل جسماً حياً بل تلتهمه وهو يتداعى واقتصادنا في حالة تداعٍ، محذراً من خطورة استمرار الانهيار الاقتصادي نتيجة لتنامي الفيروسات الاقتصادية، وقال إنها ستُعدي كامل الجسم وتقود إلى ظهور أمراض اجتماعية أخرى تلوح في الأفق، مثل فقدان الأمن والخطف (على عينك يا تاجر) وأمور أخرى.

تقرير: محجوب عيسى صحيفة الحراك السياسي