جرائم وحوادث

لماذا تزايدت الجرائم الأسرية في مصر؟… خبراء يجيبون

شهدت مصر في الآونة الأخيرة عددا من الجرائم المجتمعية “الأسرية”، تمثلت في قتل الأزواج لزوجاتهم أو الزوجات لأزواجهن، علاوة على قتل الأب لأطفاله أو تعدي الابن على أبيه أو أمه، وإن كانت تلك الجرائم تمثل حالات فردية في المجتمع وليست ظاهرة، إلا أنها دقت ناقوس الخطر بعد تناولها إعلاميا بصور وصفت بـ”الفجة”، وأنها تساهم في تقوية نزعات العنف وتشرح طرقا لتكرار تلك الوقائع، فما هي أسباب تلك الجرائم وكيف يمكن مواجهتها؟

تعليقا على تلك الجرائم يرى الدكتور فتحي القناوي، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، أن: “ما يحدث مؤخرا من جرائم إجتماعية هى حالات فردية، لا يمكن أن نطلق عليها ظاهرة، و كل حالة من تلك الحالات لها أسبابها الخاصة، و تتلخص أسباب هذه الجرائم في خمس أو ست نقاط، تبدأ بالتربية والنشأة، حيث أن الأساس في التربية غير موجود لأننا نهتم بالتعليم دون التربية، و نعتمد على أن يكون الطفل متعلم، وإن كان من الطبقة غير المهتمة بالتعليم أن يكون الطفل قادر على الكسب، وفي كلتا الحالتين لا تكون هناك تربية ولا أخلاق”.
التوافق المفقود

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “أما الجزء الثاني فيتعلق باختيار الزوج والزوجة، والذي يعتمد في أحيان كثيرة على عدة عوامل من بينها، كبر سن الزوج أو الزوجة أو أن يكون الزوج من أصحاب الأموال، وفي معظم هذه الحالات لا يكون هناك نوع من التوافق النفسي والاجتماعي والديني، وبالتالي تكون هناك مشاكل وعدم تفهم كلا الطرفين للآخر”.

وتابع: “علاوة على أن البيئة المجتمعية غيرت من ظروف الناس، حيث تعد المسلسلات والأفلام والسوشيال ميديا أحد الأسباب الرئيسية لما يحدث الآن، نتيجة لأن السائد في هذه المسلسلات أو الأفلام أو غيرها من المواد المرئية هو العنف، ومتابعة بسيطه لما كان يبث من مسلسلات خلال موسم رمضان الماضي نجد أن السمة الرئيسية فيها هي العنف والمخدرات وأخذ الحق باليد، تزامنا مع غياب القانون في تلك المسلسلات والأفلام وغيرها، في نفس الوقت تعرض المواد المرئية طرق سهلة للتخلص من الجريمة”.

الألعاب الإلكترونية

ورأى أستاذ كشف الجريمة، أن: “الألعاب الإلكترونية تؤثر أيضا على البيئة والمجتمع، لأن معظم الألعاب تمثل العنف وكيفية الوصول إلى العدو وضربه وكيفية الضرب والحصول على الجوائز، جميع الألعاب لها أهدافها المقصودة، هذا بالإضافة إلى انشغال الزوج والزوجة بعدة أشياء، من بينها السعي للحصول على المال من أجل الأسرة بشتى الطرق، علاوة على المذاكرة والتعليم للأطفال دون التربية التي تعودنا عليها، هذا بجانب تأثير التكنولوجيا الحديثة على كل أفراد المجتمع، الأمر الذي أدى إلى التباعد الاجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة، أضف إلى ذلك أن غرف الدردشة على مواقع التواصل أخرجت ما يحدث في غرف النوم بين الأزواج للعامة”.

وأشار قناوي، إلى أن: “الكذب وعدم الصدق ونقل المشاكل الزوجية إلى الأهل من كلا الزوجين يؤدي إلى تفاقم وتعقد المشكلات، حيث يقوم كل طرف بنقل عيوب الطرف الآخر وليس نقل المشكلة من أجل الحل، يحدث هذا في ظل عدم وجود كبير العائلة نظرا لعدم الثقة، ما يؤدي لعدم الفهم الصحيح من أجل الحكم العادل والمنطقي”.
مسؤولية الإعلام

وأكد على أن: “هناك دورا كبيرا جدا على الإعلام، الذي يقوم بتضخيم الجرائم ووصف الأحداث بالتفصيل الممل الذي يؤدي إلى تكرارها لكن بصور مختلفة، لذا يجب على الإعلام أن يركز على الإيجابيات، وأن تخلوا الصفحات الأولى في الصحف من وصف الجرائم، حيث نعد الدولة الوحيدة التي تنشر مثل هذه الجرائم بهذا الشكل، رغم أن جميع دول العالم بها مثل هذه الجرائم بل أشد منها، و يمنع ذكر مثل هذه الجرائم و يقتصر الأمر على أن تكون مجرد أرقام في إحصاءات”.

الميول للعنف

من جانبه قال الدكتور طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة الأزهر، إن: “تزايد حالات الجرائم الاجتماعية من قتل الأزواج للزوجات أو الزوجات للازواج او قتل الأبناء للآباء أو الآباء للابناء، ليست ظاهرة وإنما هي حالات فردية وليست ظاهرة، ولو كانت هذه الحوادث ظاهره لما استطعنا أن نطلق عليها جرائم مجتمعية وإنما يمكننا القول بأنها حرب أهلية”.

وأضاف في حديثه لـ “سبوتنيك”، أن: “تلك الحوادث هى جرائم تتم في حق الإنسان وتتعلق ببدنه، مثل جرائم القتل والسرقة والحرق وكل ما يمس ذات الإنسان، كلها جرائم لها دوافع تزيد وتنقص عند البشر، ولا ننسى أن هناك بعض الناس لديهم ميول للعنف، لكن تلك الميول لا تدفعهم للقتل، لأن هذا الشخص الذي لديه ميول للعنف قد لا يصل به الأمر إلى عمليات القتل، نظرا لوجود موانع مثل المعتقدات الدينية والثقافة والتعليم، أو أن يكون الشخص من أصحاب الأموال، أو له أسرة يخشى ضياعها حال ارتكاب مثل تلك الجرائم، هذا يكون لدى هؤلاء حسابات دقيقة قبل القيام بارتكاب مثل تلك الجرائم”.

علاقة لصيقة

وتابع أستاذ علم الاجتماع: “لذا فإن الإقدام على ارتكاب تلك الجرائم يعود في النهاية إلى عملية التربية بمراحلها المتعددة، وما نود ذكره هنا، أن الزوج القاتل أو الزوجة القاتلة لا يعرفان معنى الزوجية، لذلك يجب أن تكون عملية الاختيار للزوج أو الزوجة دقيقة وتعتمد على أسس أخلاقية وعقائدية”.

وأشار أبو حسين إلى أن: “العلاقة بين الآباء والأبناء هى علاقة لصيقة أو بمعنى آخر ذات واحدة، ومن يقدم على قتل ابنه أو بنته، لا بد أن يبحث في أمره، و هي ما الدوافع التي جعلته يقدم على تلك الجريمة، ويتم البحث أيضا ربما يكون هناك جانب سري في الموضوع، لكن العلاقة الفطرية لا تسمح بذلك إطلاقا”.

واعتبر أن: “مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام متهم أول في تقوية مثل تلك النزعات عند الأطفال من الصغر”.
واستحوذت جرائم العنف الأسري في الآونة الأخيرة على جزء كبير من المتابعات في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع والصحف الإخبارية، الأمر الذي أحدث الكثير من المخاوف داخل الأسر، اعتقادا منها أن تلك العمليات في تزايد مستمر ما يعني فقدان الطمأنينة داخل البيت الواحد.

كانت أبرز تلك الحوادث القريبة التي نالت اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، حالة حب بين طبيبين انتهت بقتل الزوج لزوجته أمام أولاده، بسبب خلافات زوجية، ومحاسب قتلته زوجته بسكين خلال مشاجرة بينهما.

العربية نت